تجربة جديدة للجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية تبدأ في تطبيقها حاليا في مترو الأنفاق , من خلال طرح " أكشاك فتاوى " , داخل المحطات لاستقبال المواطنين والاستماع إلي أسئلتهم والإجابة عليها. وستقتصر التجربة في البداية مؤقتا علي محطة الشهداء " رمسيس " سابقا علي أن تعمم بعد ذلك علي باقي المحطات وهذا يتوقف بالطبع في حالة نجاحها ! الهدف من التجربة بالتأكيد هدف نبيل وهو القضاء علي الفتاوى المضللة والمتشددة , التي تعمل بعض التيارات المتطرفة علي ترويجها بكل الطرق والأشكال المختلفة , والتي يؤسفنا أن نقول أن أي قرار من جانب الجهات الدينية الرسمية في الدولة لمواجهة هؤلاء الدعاة المتطرفين فهو قرار تأخر طويلا ! لأن هؤلاء المتطرفين والمتشددين قد سبقوا كل أجهزة الدولة منذ زمن طويل , ونجحوا بالفعل وبقدر كبير في تحقيق ما يريدوا توصيله عند قطاع عريض جدا جدا من المواطنين طبعا هذا ليس دعوى منا أن تتمادي الدولة في خطأها القديم , وتظل مكتوفة الأيدي أمام هذه الفئة الضالة من الناس ليعيثوا في الأرض فسادا كما يريدون , ولكن سؤالنا الوحيد هل بهذه الأكشاك يمكن أن نقضي علي تلك الظاهرة المتفشية بيننا ؟ من الظلم أن نحكم علي أي تجربة جديدة دون أن ننتظر نتيجتها علي أرض الواقع , لكن الواقع أيضا يؤكد أن وسيلة واحدة للقضاء علي جماعات الظلام لا تكفي , ولكنه يحتاج بالطبع إلي إتاحة كل السبل والإمكانيات الممكنة , وتذليل العقبات أمام الغير ممكنة وفي اعتقادي أن أنسب وسيلة لمواجهة التطرف تكون من نفس جنس العمل بمعني أنه يجب علينا أن نسلك طرقهم التي نجحوا من خلالها في نشر أفكارهم الشيطانية ومن ضمنها وأهمها المساجد الصغيرة أو الزوايا المتغلغلة داخل الأحياء الشعبية فهذه هي البؤرة الأساسية التي ترعرعوا من خلالها ولو بدلناها نحن بدعاة من الأزهر أو الأوقاف أو أي دعاة للدين الإسلامي الوسطي , بشرط أن يتم ذلك بعيدا عن الخطب المعلبة " المكتوبة مسبقا " , وذلك لكي يتفاعل الناس وجها لوجه مع ما يقدمه لهم الدعاة الحقيقيين ومناقشتهم في كافة تفاصيل حياتهم اليومية وكل ما يستجد عليها من مجريات الأمور من الضروري أيضا إيجاد وسائل لحل مشاكل هؤلاء البسطاء من الناس وتقديم مساعدات لهم سواء نقدية أو عينية مثل توفير فرص عمل لهم ولأولادهم , وأيضا توفير أماكن للعلاج " المستوصفات " بتكاليف بسيطة ومن الأفضل لو كانت مجانية لمن يستحقوها , وبالإضافة لهذا وذاك ليتهم يقدموا أماكن للدروس الخصوصية " السناتر " ولتكن بمجرد رموز نقدية قليلة أو مجانية لمن تتطلب حالتهم هذا أليس هذا ما كان يفعله الأخوان واستحوذوا بل وللأسف ضحكوا به علي عقول وقلوب الملايين من أهالينا البسطاء , لماذا لا نطبق نحن ذلك ونكسب تعاطف نفس الناس ونشعرهم ولو لمرة أنهم جزء لا يتجزأ منا , ولكن عن حق وليس بالتضليل كما كان يفعل إخواننا إياهم ! فلو حدث هذا نكون قد ضربنا عصفورين وقضينا علي الإرهاب والفقر بحجر واحد , ووقتها لن نحتاج إلي أكشاك ولا دعاة ونكون قد وفرنا الأموال التي كانت ستنفق عليهم , لتذهب إلي مستحقيها من الغلابة والمساكين لأنه وكما يقال في الأمثال " ما يحتاجه بيت الغلابة والفقراء يحرم علي الجامع فمبالنا لو كانت مجرد " أكشاك فتاوى " داخل محطات مترو الانفاق ,لا وقت لرواده سوي بالجري والهرولة إما للحاق بركوب أخر عربة من عرباته أو بالخروج منه لينفذوا بجلدهم من لهيب حرارته وجحيم زحامه! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;