كثيراً ما يشعر الإنسان أن أفكاره نابعة من ذاته وأن ذهنه هو مصدرها ومولدها.. فيظل يرتب ويفكر طوال الوقت في كل شيء حتي تأتي له الأيام والأحداث بمفاجآت مختلفة تجعله يدرك أنه ليس سوي روح تعكس ما تراه خارجها لتمزجه بما داخلها والعكس.. الفرق بين الشخص والأخر قدرة الاستيعاب وسرعة التصرف وقت المرور بين الأحداث..عزيزي القارئ أنت مدعو معي خلال السطور القليلة القادمة لمعايشة تفاصيل أحداث أحدي لقطات الحياة التي لا تحدث إلا على غفلة... حريق. حان موعد كتابة المقال الأسبوعي.. كالعادة لملمت اوراقي البيضاء وبين يدي فنجان القهوة الشهي استعداداً للكتابة، فلدي الكثير من الأفكار لكنها قبل ان يترجمها الحبرعلي الورق تتبخر في الهواء؛ وكأنها تصاب بحريق علي غفلة يُحولها إلي رماد وأشلاء أفكار، بقيت علي هذا الحال إلي أن سمعت أصوات صراخ عالية ورائحة شيء يحترق .. تري ماذا يحدث؟! هل هذه رائحة أفكاري المحترقة؟! المفاجأة أنها لم تكن الأفكار، فقد سمعت بين الأصوات للأسف " ألحق حريقا ".. لقد شب حريق بالأدوار العليا للمنزل المجاور مما أصاب الجميع بحالة من الفزع والخوف، فالحريق لم يكن بالهين، النيران كانت تأكل كل شيء في طريقها حتي باتت تعانق السماء. ما بين متابعة الأتصال بالنجدة والمطافئ ومتابعة ما يحدث، كانت تمر لحظات المشهد أمام عيني وكأنها سنين؛ الكل تحرك بمجرد سماع جملة " ألحق حريقا" لكن بشكل مختلف؛ فبعض الأشخاص كانت تمر بجوار المنزل وكأنها تشاهد فيلم أكشن، بلا أي مساعده علي العكس.. أحد المارة كان يشعل سيجاره بجوار الحريق دون أي أحساس بأي شيء.. هذا بالنسبه لبعض الماره والأعجب أن بعض سكان العقار لم يأتي في مخيلتهم أنه يجب عليهم غلق الكهرباء ومنافذ الغاز، بل وأنهم لم يغادروا العقار إلا بعد أن طالت ألسنة اللهب أدوار أخري.. كل هذا وبعض حُراس العقارات الأخرى يتفقدوا المشهد من أعلي سطح المنزل المحترق، بالرغم من أن الطابق المحترق أصلا يوجد أعلي العقار.. كان البعض يصرخ بهم لماذا لا يسرعوا في الهبوط قبل فوات الأوان، كان رد أحدهم أنهم لم يريدوا النزول الأن.. كل هذا يحدث في لحظات؛ حتي جاءت سيارات الإطفاء والاسعاف والنجدة بشكل سريع.. علي الرغم من أن السيارات وجدت صعوبة كبيرة في دخول الشارع في أول الأمر بسبب السيارات المكدسة هنا وهناك إلا أن بعض الأهالي ساهموا في نقل السيارات حتي ولو محمولة بالأيدي ليؤدي رجال الإطفاء عملهم بشكل سريع، وفي الوقت الذي كان فيه رجال الحي يقدمون يد العون لرجال الإطفاء فتحت سيدات المنطقة منازلهن لنساء وأطفال العقار المحروق. وما بين اللحظة والأخري أصوات عالية و أفعال تعكس مدي وعي والتعامل مع الحدث وأفعال أخري توضح العكس تماماً كان مشهد حريق حدث على غفلة الذي أطاح بكل أفكاري لتهيمن علي عقلي فكرة واحده؛ لماذا لا يتم رفع وعي المواطن في كافة الوسائل المختلفة بمثل هذه الأحداث المفاجأة وكيفية التعامل معها؛ كالتعرض لحريق أو سرقة، أو الإصابة بكسر أو الأختناق وكيفية الأسعافات الأولية.. أشياء قد تبدو بسيطة لكننا إذا أجدناها قد تنقذنا من كوارث محققه قد تحدث علي غفلة. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل;