هل تعتبر اجراءات تغيير قانون الجنسية الكندى محاولة من حكومة الليبراليين لضمان الاستمرار فى الحكم مع اقتراب الانتخابات الفيدرالية الكندية فى العام 2019؟ الحقيقة ان عددا من الخبراء والمحللين يجزمون بذلك حيث تؤكد فاليرى برايز عضو حزب المحافظين الكندى بقولها إن الفشل الاقتصادى لليبراليين والذى يظهره بشدة تراجع الدولار الكندى أمام نظيره الأمريكي, يدفع الحكومة لمحاولة ضمان أصوات انتخابية جديدة بتسهيل وتسريع اجراءات الحصول على الجنسية. ولكن فى رأى فاليرى فإن هذه المحاولة يجب ألا تنطلى على الكنديين وتسهم فى فى تشكيل وجهة نظرهم فىاثناء الانتخابات المقبلة.فأمامهم عدة تحديات أبرزها التحدى الاقتصادى وكذا التحدى الأمنى الذى يشكل خطورة على حياة الكنديين أنفسهم مع استقبال كل هذه الأعداد من اللاجئين دون استيفاء الاجراءات الامنية المطلوبة ومع تزايد موجات الإرهاب فى العالم وهذا ما تتجاهله حكومة الليبراليين. ما تقوله برايز قد يكون جانبا من وجهات نظر عدد من الكنديين الذين بدأت اصواتهم تتعالى أخيرا مطالبين حكومتهم بمزيد من الإجراءات لتخفيف الاعباء الاقتصادية وضمان الحفاظ على أمن المواطن فى الداخل .لكن فى الحقيقة فإن تغيير قانون الجنسية كان أحد الوعود الانتخابية التى قطعها جاستن ترودو رئيس الوزراء الحالى على نفسه فى أثناء حملته الانتخابية عام 2015. فالمسألة انه فى العام 2014 كانت حكومة المحافظين بقيادة رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر قد أصدرت ما يعرف بقانون مكافحة الارهاب (سي-51) والذى يعطى صلاحيات واسعة للاجهزة الامنية فى التعامل مع المشتبه فى تورطهم مع تنظيمات ارهابية، كما يعطى الحكومة الكندية الحق فى سحب الجنسية الكندية من اصحاب الجنسيات المزدوجة، اذا ما ثبت تورطهم مع أى تنظيمات إرهابية ودون الحاجة لأى إجراءات قضائية. وبعيدا عن الجدل الذى أثير وقتها عن دستورية القانون من عدمه إلا أن جزءا ما من القانون تطرق للمدة القانونية التى يحق بعدها للمقيم فى كندا التقدم بطلب للحصول على الجنسية فبعد أن كانت ثلاث سنوات فقط تم مدها لأربع سنوات. وما فعلته حكومة ترودو حاليا هو تعديل هذه الفقرة فى القانون لتعود المدة القانونية لثلاث سنوات فقط بالاضافة إلى اعطاء الحق للمواطن فى اللجوء للقضاء فى حالة تعرضه لسحب الجنسية الكندية. الحقيقة أن تغيير قانون الجنسية ليس هو الوعد الانتخابى الوحيد الذى تسعى حكومة ترودو لتطبيقه، فهناك ايضا تقنين الماريجوانا وهو الأمر الذى يثير جدلا واسعا هذه الأيام خاصة مع إتخاذ قرار بدخوله حيز التطبيق مع بداية عام 2018. وكما هو الحال مع قانون الجنسية فإن المعارضة الكندية ترى أن تقنين المخدرات ولا سيما الماريجوانا هو أيضا خطوة من الحزب الليبرالى لاستقطاب أصوات انتخابية جديدة من الشباب الذين قد تستهويهم تجربة المخدرات. على كل حال فإن الاقتصاد يظل هو التحدى الأكبر أمام حكومة الليبراليين إذا ما أرادوا أن يحظوا بفرص أكبر خلال الانتخابات المقبلة ، فعلى الرغم من إجراءات عديدة تم اتخاذها لدعم الاسر المحدودة الدخل كتخفيض بعض الضرائب وزيادة الدعم الحكومى لهم إلا ان هذه الإجرءات لا تبدو كافية بقدر حاجة المجتمع الكندى لسياسات اقتصادية تؤدى لتحسن الاحوال خاصة مع ما تشهده اتفاقية التبادل التجارى بين دول امريكا الشمالية من تأرجح منذ تولى الرئيس الامريكى دونالد ترامب رئاسة الولاياتالمتحدة وإعلان رفضه العديد من بنود الاتفاقية، وهو ما حاولت الحكومة الكندية خلال الاشهر الماضية الوصول لنقاط تلاقى فيه مع حكومة ترامب ولكن فيما يبدو أن الأمر أصبح مهددا بالفشل بعد تصريح رئيس الوزراء الكندى أن التباين بين الحكومتين الكندية والامريكية صار اكثر وضوحا هذه الايام. وتعد هذه هى المرة الاولى التى يدلى فيها رئيس الوزراء الكندى بتصريح يتحدث فيه عن ثمة خلاف مع الإدارة الأمريكية منذ تولى ترامب السلطة. فهل ستستطيع إجراءات الليبراليين الحالية أن تضمن لهم فوزا بالانتخابات المقبلة؟ الإجابة مرهونة بالشهور والأيام المقبلة.