تعد جريمة التحرش كارثة مؤلمة للمجتمع وفى تزايد مستمر خاصة فى المناسبات والأعياد ولم يسلم منها حتى الأطفال. حنان محمود عبد الواحد لواء شرطة سابق تقول: تسعى الوزارة دائما لمكافحة جرائم العنف ضد المرأة والطفل ومنها جرائم التحرش من خلال الحملات الأمنية الميدانية على مدى اليوم خاصة فى أماكن الازدحام والأعياد وفى وسائل النقل، وتضم ضابطات وشرطيات وأفراد شرطة للتصدى ومنع وقوع الجريمة، لذا خصصت إدارات عامة مختصة بجميع المديريات وبالمحافظات عززتها بقوة شرطة نسائية مسئولة ومدربة للتحقيق فى تلك الجرائم ولرفع الحرج عن المبلغات وبث الأريحية لدى المجنى عليهن، وتوفير طبيبات متخصصات لدعم الضحايا لمحاولة علاجهن من الحالة النفسية التى ألمت بهن، لكن للأسف أن مقترفى الجرائم يتحينون الفرص للهروب بجريمتهم متسترين خلف الزحام والغياب عن أعين الشرطة لاصطياد ضحيتهم، الدستور مادة 11 والقانون المصرى فى شأن توصيف جرائم التحرش والتعرض لأنثى على وجه يخدش الحياء والفعل الفاضح حيث توسع المشرع فى توصيف تلك الجرائم وفى تشديد العقوبات، لكن أفضل القوانين صياغة لاتجدى نفعا إلا فى حالة تفعيله وتطبيقه، والمعضلة فى تلك الجرائم تكمن فى عدم وصعوبة تحديد الجناة خاصة فى حالة ارتكاب الجريمة من أكثر من شخصين وفى مكان مزدحم، حيث تهرب الضحية أيضا ويحجم الشهود عن الذهاب إلى القسم ثم النيابة، كما أن مرتكبيها مجرمون بالصدفة ومعظم الجناة يفلتون بهذا الوضع من العقاب القانونى لصعوبة الإثبات باستقراء مسببات جرائم التحرش وهتك العرض والفعل الفاضح، ونجد أن هناك عوامل متشابكة ومتداخلة وراء الجريمة سواء فى الخلل فى التربية الأسرية وغياب الدور التربوى فى المؤسسة التعليمية والخطاب الدينى، لذا يجب أن تمتد العقوبة لتشمل ولى الأمر لتقصيره فى تربية الأبناء خصوصا إذا كان الجانى قاصرا، وتكون العقوبة مادية أو الحرمان من ميزة اجتماعية، بالإضافة إلى تعهد عليه بتعديل سلوك المتحرش، فى حالة العودة يمكن الحكم عليه بعقوبة أشد لما أن جريمة التحرش يقع بها إيذاء يصيب الأنثى وعائلتها، وقصاصا لحق المجتمع لابد من التشهير به بذكر اسمه وعنوانه بوسائل الإعلام وبالصحف التى تناولت القضية ونشر صورته فى محل إقامته وعمله ومكان دراسته وكتابة متحرش تحت صورته لتحقيق الردع العام وازدراء مجتمعى لهذه الجريمة وليكون عبرة. د. عماد مخيمر أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق يقول: إذا نظرنا إلى غالبية المتحرشين نجدهم فى سن المراهقة، حيث الاندفاعية وعدم التحكم فى الغرائز خاصة عندما تساعده الظروف ويجد بعض الشباب مثله وفى نفس سنه، أما المتحرش فى السن الأكبر غالبا هو غير متزوج وتعكس شخصية سيكوباتية عدوانية عندها الرغبة فى التدمير والاعتداء على أى شىء فى المجتمع ذلك لغياب العقل والضمير والوازع الدينى الذى يجعل الإنسان السوى يتحكم فى ذاته.. فالعلاج يبدأ بأهمية زرع القيم واحترام حرية الآخرين من خلال توفير البيئة الصحية والاستقرار الأسرى والحب والاحتواء لتحقيق الإتزان النفسى للطفل. د. نجلاء راتب أستاذ علم الإجتماع السياسى جامعة بنها تقول: الكارثة والمشكلة الأكبر من المتحرش نفسه الذى يعد إنسانا منحرفا فكريا وثقافيا وفئة مستثناة افتقدت التنشئة الاجتماعية السليمة، ويعكس جانبا آخر من ثقافة المجتمع والنظرة العنصرية التى رسخت صورة ذهنية سلبية متدنية تجاه المرأة، بينما المتفرج يعبر عن غالبية المجتمع التى أصيبت باللامبالاة وفقدت الشهامة، والأسباب: حالة الفراغ الفكرى والثقافى، الافتقاد للتنشئة السليمة والاحتواء وغياب القدوة على كل المستويات، والدراما التى تقدم النماذج السلبية. د. عزة عبد العزيز أستاذ ورئيس قسم الإعلام جامعة سوهاج تقول الظاهرة تعكس النظرة العنصرية للمرأة وعلى الإعلام القيام بدوره فى تبنى قضايا المرأة وحقوقها ومكتسباتها بعمق وتوعية الرأى العام بمعنى التمكين. د. مها السعيد مدير وحدة مناهضة التحرش ومناهضة العنف ضد المرأة بجامعة القاهرة تقول المشكلة إن المجتمع اعتاد على الجريمة بل ومتهاون ويجد المبررات للمتحرش كالفقر والأزمة الاقتصادية وتأخر سن الزواج والإنترنت وهو كلام غير حقيقى وليس له علاقة بالانحطاط الاخلاقى، للأسف الخطاب الشائع أما يوجه اللوم على الضحية أو يقول اعتبرها أختك أو أمك من منظور الولاية على المرأة وكله ضد منظومة حقوق الإنسان وحقوقها فى الكرامة الإنسانية وحرية الحركة والحرية الشخصية طبقا للإعلان العالمى لحقوق الإنسان ولمواجهة الجريمة والقضاء عليها، يجب أن يرفض المجتمع كله الظاهرة والاقتداء بما قمنا به فى جامعة القاهرة فى جميع المؤسسات من خلال إنشاء الوحدة والتعريف بمفهوم التحرش والعقوبة، وتفعيل ميثاق الأخلاق الذى قدمته وزارة التربية والتعليم داخل المدارس وتطبيق القانون بكل حزم ولابد من توافر المشرفين المدربين داخل المدارس.