تدخلت المحكمة الدستورية العليا في الوقت المناسب، لانهاء الاشتباك بين محكمتي القضاء الإداري والامور المستعجلة، بشأن الاحكام القضائية المتناقضة الصادرة من المحكمتين، بشأن جزيرتي تيران وصنافير، فالأولي أصدرت حكما ابتدائيا بمصرية الجزيرتين ثم أيدته الادارية العليا وكأنها تنتصر لقضائها في مواجهة قضاء الامور المستعجلة، والتي أصدرت حكما ابتدائيا مفاده سعودية الجزيرتين ثم أيدته محكمة مستأنف الامور المستعجلة، وكأنها أيضا تنتصر لقضائها، ومن ثم أصبح هناك حكمان نهائيان متناقضان حول مصير الجزيرتين، مما تسبب في بلبلة الرأي العام وإثارة أنقسام بين المصريين، مع تبادل الاتهامات بين الفريقين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أصدرت محكمة القضاء الأداري الثلاثاء الماضي حكما جديدا في أطار المبارزة القضائية بين الإداري والمستعجل، وتضمن عدم الأعتداد بالاحكام الصادرة من القضاء المستعجل، ما صدرأو ما سيصدر تأييدا لها من أحكام أستئنافية مستعجلة واسقاط كافة مسبباتها واعتبارها كأن لم تكن، والقاريء المتمعن لمنطوق هذه الاحكام يجد أنها خرجت عن نطاق الاختصاص الولائي، وأصبحت كل محكمة تتباري في الرد علي الأخري، وتصدر أحكامها بعيدا عن نصوص الدستور والقانون، مما أثار بلبلة وانقساما بين المصريين، فالبعض يؤيد الحكم الذي يتوافق مع رغبته ووجهة نظره، بل اتخذ نشطاء من هذه الاحكام مجالا للمزايدة والاتهام بالعمالة والخيانة والتفريط في الأرض والعرض، فضلا عن التأثير المدمر علي حجية أحكام القضاء بحسبان أن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة، ولكن أية حقيقة والمصريون يطالعون حكمين قضائيين متناقضين، ولذلك لابد أن يظل القضاء بمنأي عن معارك السياسة لعدم إفساد القضاء والسياسة معا، فما معني أن تقضي محكمة بعدم الاعتداد بأحكام المحكمة الاخري ما صدر عنها من أحكام وما سيصدر، فبالطبع قد ترسخ لدي الرأي العام أن هذا يدخل في إطار المكايدة القضائية إن جاز التعبير، ومن ثم كان لابد من ايقاف هذه المكايدة التي انزلقت بعيدا عن موضوع الدعوي، حتي جاء أمر وقتي عاجل من الدستورية العليا، بإيقاف تنفيذ أحكام المحكمتين حفاظا علي هيبة القضاء واستقلاله، وعدم جره إلي حلبة مصارعة قانونية لا غالب فيها ولا مغلوب بينما الضحية هو المواطن وقضاء مصر الشامخ. [email protected] لمزيد من مقالات مريد صبحى