إنه عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي، أسلم قديماً وكان من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية مع أخيه قيس بن حذافة، وحين عاد كانت بدر أولى مشاركاته. وهو أخو خنيس بن حذافة الذي كان زوج أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها واستشهد عنها بعد أحد متأثراً بجراحه قبل النبي صلى الله عليه وسلم. وهو القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: سلوني عما شئتم؟ حيث انبرى عبدالله بن حذافة وقال :من أبي؟ فقال: أبوك حذافة بن قيس. فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعق منك أمنت أن تكون أمك قارفت ما تقارف نساء أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس؟ فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به. اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون رسوله وحامل كتابه إلى كسرى، وفي صحيح الإمام البخاري: بعث بكتابه إلى كسرى، مع عبد الله بن حذافة السهمي فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه. وجاء في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم،من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى... فما إن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشتعلت نار الغضب في صدره فاحمر وجهه، وانتفخت أوداجه لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه، فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا، وهو عبدي؟! ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج، وفي رواية أخرى طرده من مجلسه. خرج عبد الله بن حذافة من مجلس كسرى وهو لا يدري ما يُفعل به لكنه ما لبث أن قال: والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أن أديت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته وركب راحلته وانطلق عائداً إلى المدينةالمنورة، ولم يجد من يمنعه من ذلك فلما قدم عبد الله على النبي الله صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب ، فما زاد النبي صلى الله عليه وسلم على قوله: مزق الله ملكه...، واستجاب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فمزق ملك كسرى أبرويز بأن جعل قتله على يد ابنه شيرويه .