تونس، صاحبة الشرارة الأولى فى الثورات العربية فى ديسمبر 2010م، وبعدها مصر فى 25 يناير 2011م، مهتمة جدا بقضية مكافحة الفساد، وتتسم إلى حد كبير من اليوم الأول بالشفافية.. حيث عرض على شاشات التليفزيون نتائج فحص وحول المقر الرئاسى للرئيس المخلوع الهارب زين العابدين بن علي، ثم دخلت فى دهاليز ما بعد الثورة وحتى الآن لكن المهم واللافت للنظر أنها نظمت مؤخرا مؤتمرا تحت عنوان: «ثقافة الحوكمة.. وحوكمة الثقافة»، والذى عقدته منظمة «الإيسيسكو»، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بالتعاون مع وزارة الشئون الثقافية بالجمهورية التونسية وذلك فى الفترة من 19 21 مايو 2017م، بمشاركة 12 دولة عربية، من بينها مصر، حيث مثلت مصر الدكتورة فينوس فؤاد (وكيل وزارة بوزارة الثقافة)، وهى رائدة للتنشيط الثقافى فى مصر، وخبير دولى فى هيكلة المؤسسات الثقافية، ومن الشخصيات المكافحة للفساد فى مجال الثقافة، وأطيح بالعديد من شاغلى المراكز القيادية بالوزارة بعد كشف فسادهم. وكان معها أعضاء من هيئة الرقابة الإدارية. وقدمت ممثلة مصر ورقتين مهمتين، أولاهما بعنوان: «الحوكمة فى الثقافة المصرية بين الواقع والمأمول»، تضمنت بيانا توضيحيا لجهود حكومة مصر فى مجال مكافحة الفساد ككل، وجهود مؤسسات الدولة متمثلة فى هيئة الرقابة الإدارية، وفقا لما عايشته فى وزارة الثقافة، من أجل مكافحة الفساد والدراسة وثانيتهما بعنوان: «استراتيجية الثقافة فى مصر فى ضوء تطبيق الحوكمة الرشيدة»، تضمنت رؤية مستقبلية للثقافة المصرية المتمثلة فى وزارة الثقافة المصرية فى ضوء اهتمام الدولة بالتعريف والتطبيق لمباديء الشفافية والنزاهة التى تقوم عليها أسس الحوكمة الرشيدة ومبادئ المواطنة التى يؤكدها الدستور المصري. وقد حازت الدراستان المصريتان، تقدير كل المشاركين، الأمر الذى قاد إلى اختيار مصر كأفضل دولة لديها رؤية علمية متميزة لتطبيق الحوكمة الرشيدة فى مكافحة الفساد، وتقرر فى ختام فعاليات المؤتمر اختيار تجربة مصر نموذجا يحتذى به فى مكافحة الفساد فى باقى الدول العربية المشاركة. وتأكيدا لذلك صدر قرار رسمى من المؤتمر وخطاب رسمى من وزارة الشئون الثقافية بالجمهورية التونسية، موجه إلى معالى السفير المصرى بتونس، السفير نبيل حبشى (لدينا صورة منه). وإلى هنا، فالأمر مهم ولافت للنظر. فعلى الرغم من النقد الشديد الذى يوجه للحكومة وأجهزة الدولة فى أسلوب مكافحتها للفساد، وسبق أن كتبت مقالا فى هذا المكان إشادة بجهود الرقابة الإدارية والتحديات التى عليها مجابهتها خصوصا فى مجال نهب أراضى الدولة، وهو ما تم فتح ملفاته بعدها، ولهذا حديث قادم، إلا أن الدولة المصرية تلقى القبول والإشادة بجهود مصر فى مكافحة الفساد، واعتبار ما يجرى فى أرض المحروسة فى هذا المجال، نموذجا يستوجب أن يحتذى به وهذا يسعدنا بلا شك، دون أن يغيب عنا ضرورة الاستمرار وبذل أقصى الجهود فى مكافحة الفساد فى كل مؤسسات الدولة، ونشد على أيدى أجهزة الرقابة وفى مقدمتها هيئة الرقابة الإدارية. حيث إننا نعتقد فى أن »الفساد والإرهاب«، وجهان لعملة واحدة، وأن استمرار الفساد هو استمرار للإرهاب، وإذا أردنا وأد الإرهاب فعلينا بمكافحة شاملة وجادة وقوية للفساد. والحقيقة أنه إذا جاء التقدير لجهود مصر فى مكافحة الفساد، من تونس وكل المجتمعين من ممثلى 12 دولة عربية، فإن التقدير له مكانة نعتز بها، فتونس لها خطوات مع الشفافية فى مكافحة الفساد عقب ثورة ديسمبر 2010م ضد «بن علي»، كما أشرت فى بداية المقال، وتستحق التقدير حسبما نتابع. إننى أقترح على الدكتورة مايا مرسى رئيس المجلس القومى للمرأة، بالإسراع بمقابلة د. فينوس فؤاد ممثلة مصر فى المؤتمر، فكانت خير سفير للمرأة المصرية فى عامها الجارى (2017م) المخصص بقرار رئاسى كعام للمرأة. كما أطالب د. مايا مرسي، برفع الأمر للسيد الرئيس السيسي، لتقديمها كنموذج للمرأة المصرية المكافحة للفساد فى عام المرأة. وهكذا فقد حوكم الفساد (فى تونس) بمشاركة مصرية جادة. لمزيد من مقالات د. جمال زهران