وزير الهجرة تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    محافظ الغربية يتابع استعدادات المركز التكنولوجي لاستقبال طلبات التصالح في مخالفات البناء    حماس: مصممون على اتفاق ينهي العدوان ووفد الحركة قد سلم الوسطاء ردنا    جوميز يمنح لاعبي الزمالك راحة غدا بعد الخسارة من سموحة    ضبط 550 بطاقة ذكية لصرف السلع المدعمة بمخزن في مطروح    «ابعتها لحبايبك».. أفضل رسائل التهنئة ب عيد شم النسيم 2024    فيديو.. محمد عبده يبكي خلال حديثه عن إصابته بالسرطان: هذا من محبة الله    الصحة: 2500 سيارة إسعاف منتشرة بالمتنزهات والطرق في شم النسيم    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    من شريهان إلى محمد عبده.. رحلة 8 فنانين حاربوا السرطان (تقرير)    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    وزير السياحة يستعرض مبادرات دعم القطاع    "الصحة" تشارك بالتأمين الطبى لعيد القيامة المجيد بكنائس الطور وشرم الشيخ    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    السلطات الإسرائيلية تداهم مقرا لقناة الجزيرة فى القدس المحتلة بعد قرار وقف عملها    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    التحية لأهالى سيناء    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    «أنا أهم من طه حسين».. يوسف زيدان يوضح تفاصيل حديثه عن عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن واللعن و«الناس العُزاز»
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 06 - 2017

فى شهر رمضان المبارك، لم أكن أنوى الدخول فى معارك، أو الأخذ والرد. لم أكن أنوى الاشتباك. يشعر المرء أحيانا بالإنهاك. لكن تزايد إحساسى بالاستفزاز قادنى إلى المسارعة بكشف الالتباس.. هذا ما جرى لى مع أغنية «الناس العُزاز»!.
الأمر ليس هزلا.. فقد قررت - بسبب الأغنية- الدخول فى هذا الاشتباك.. مع أن الاشتباك هنا يأتى مع «كبير».. وفى شارع المستمعين سيكون مسيرى «عكس اتجاه السير».. لكن لا بأس.. إنه حوار الأفكار الذى ينبغى ألا يغضب أحدا.. لكننى - بصدق- وجدت أنه لا مجال للانتظار.. لأجل الخير.. وقبل أن يترسخ «القبح» فى الوجدان.. فيصبح فنا يجذب الملايين!.
لا أعنى ب «القبح» هنا الأغنية فى المجمل.. فالأمر شديد الالتباس.. وهنا مكمن الخطر.. اقرأ واصطبر.
أغنية «الناس العُزاز»، هى أغنية التتر لمسلسل «لأعلى سعر»، الذى تقوم ببطولته الفنانة نيللى كريم. وتشدو بالأغنية المطربة نوال الزغبى، من تلحين عمرو مصطفى، وتوزيع موسيقى لأحمد الموجى وأمين نبيل.. وهى بالطبع من كلمات مؤلف المسلسل، الأستاذ الكبير مدحت العدل.
وبالأرقام.. فإن الأغنية التى تم بثها على موقع «يوتيوب» لأول مرة، يوم 16 مايو الماضى، حققت حتى يوم أمس الأول؛ الإثنين 5 يونيو، عدد مشاهدات قدّر بمليون و216 ألفا.. ولا يحتاج المرء إلى الأرقام ليعرف أن الأغنية التى تتردد كل يوم فى تتر المسلسل حاليا قد نجحت نجاحا كبيرا.. عرفت ذلك بشكل شخصى من كمّ «الناس العُزاز» على قلبى بالفعل الذين سمعتهم يشيدون إشادات حالمة بالأغنية.. وكم تمنيت ألا يفعلوا.. لذا فقد قررت كتابة هذه الكلمات.
الأغنية، التى نناقشها هنا بعيدا عن أحداث المسلسل، لأنها عمل فنى مستقل، بدليل بثها قبل بداية شهر رمضان ب 11 يوما، تبدأ ب «مذهب» قوى فى كلماته، يجذبك منذ اللحظة الأولى، خاصة مع الأداء الممتلئ بالوجد والألم للفنانة نوال الزغبى، والموسيقى الهادئة التى تعكس الوحدة والتأمل وتقتصر على البيانو فقط فى البداية.. تقول الكلمات: «الكل عاش من غيرى.. الكل سابنى ومشى.. حتى اللى كل من خيرى.. لا يخجل ولا يختشى».. من يستطيع أن يقاوم هذه الكلمات؟.. بل هذه الحالة الموسيقية المتكاملة؟.. فمن منا لم يتعرض للخذلان فى حياته؟!.
بداية موفقة للغاية إذن.. ثم يحدث التصاعد.. فنسمع: «الغريب لقيته حنّ.. والقريب شيطان وجن.. حاجة تهبل أو تجن.. والمشاعر من إزاز».. فنفهم أن حالة الخذلان التى تحدثنا عنها الأغنية مصدرها هو «القريب» لا «الغريب».. وهذه بالفعل درجة أكبر من مشاعر الألم والأسى.. لأن حجم الفجيعة يتزايد كلما كان سببها شخصا قريبا إلى قلبنا أو من دمنا.. ولكن ماذا نفعل فى هذه الحالة؟!.
يطرح علينا المؤلف الدكتور مدحت العدل بعد ذلك مباشرة الحل قائلا فى أغنيته: «ملعون أبو الناس العُزاز.. اللى لما احتجنا ليهم.. طلعوا أندال بامتياز»!.
الحل الذى يقدمه الفن هنا إذن.. هو اللعن!.
من حقى هنا أن أشتبك فكريا مع الأستاذ الكبير مدحت العدل، الذى نحترمه ونقدر أعماله، التى طالما قدّم من خلالها القيم الراقية والمثل العليا، لكننى هنا أتساءل: «هل فى الفن لعن؟!».. ثم إن الفن الجيد المؤثر، من شأنه أن يفتح الآفاق للمتلقين، فيبنوا فوق الفكرة المقدمة صروحا وأفكارا وربما سلوكا.. وقد فعلت.. وليتنى ما فعلت!.
وجدت فى الأفق حالات عديدة فى الحياة، ل «ناس عُزاز»، استبدت بهم الأنانية فخانوا أقرب الناس إليهم. وجدت أن الأخ قد يخون أخاه ويسرقه، والأب قد يطرد ابنه بعد وفاة أمه من منزله، بل وجدت أن الأم قد تخون ابنها وتجلب له العار عبر «المشى البطال».. كل هؤلاء أناس يفترض أن يكونوا من «العُزاز».. لكنهم بالفعل «طلعوا أندال بامتياز».. ولكن - ضع مائة خط تحت (لكن) هنا- هل يمكن برغم ذلك أن نقول لهم: «ملعون أبوكم»؟!.
لماذا أحب الناس - لاسيما السيدات- الأغنية إذن؟!.. هنا مصدر الالتباس.. وهو أنها تناقش قضية حقيقية متكررة شديدة الإيلام.. فأغلبنا ربما يكون قد تعرض للخيانة والخذلان من أقرب الناس إليه.. بل وربما قد تمتم البعض بالفعل فى سره لاعنا.. أو تجرأ وراح فى العلن يسبّ ويقذف.. لكن هذا يبقى من قبيل «السلوك الشخصى» المنحرف.. لكنه لا ينبغى أن يكون «فكرة» يتم تقديمها والإلحاح عليها فى عمل فنى يكتبه كاتب كبير.. بل إن صاحب ذلك السلوك الشخصى المنحرف - فى وعينا الشعبى- قد يتراجع عن فعله بعد لحظة انفعاله، فيعود ليقول لمن خذله: «ربنا يسامحك».. أو أن تكون أقصى درجات عقابه له هى: «ربنا يدّيك على قدّ نيتك».. دون أن يدافع عن حقه أبدا - إذا كان سويا- فى أن يقول: «ملعون أبوك»!.
أخيرا أتساءل.. ماذا جرى لنا؟.. ماذا جرى لكبارنا وشعبنا؟.. لماذا اختلطت الأمور إلى هذا الحد؟.. لماذا فقدنا الإحساس بالفارق بين القبح والجمال؟.. لماذا لم نعد نميز بين الفن واللعن؟.. لا يا دكتور مدحت.. لن ألعن «الناس العُزاز» أو غيرهم.. أو حتى من أختلف معهم.. سأصبر عليهم وأسامحهم وأتحملهم.. قدر استطاعتى.. ويوم أن أعجز - لأننى بشر- سأطلب الهداية لهم.. وأشكو بثى وحزنى إلى الله.. ولن أزيد.
[email protected]
لمزيد من مقالات محمد شعير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.