أكد الدكتور مصطفى عرجاوي، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الأزهر، أن ارتفاع معدلات الطلاق يعد أكبر التحديات التى تواجه المجتمع فى الوقت الحالي، مؤكدا خطورة الفتوى بدون علم وخصوصا فى قضايا الطلاق، وطالب بضرورة التوجه لدار الإفتاء المصرية عند صدور لفظ الطلاق، حتى يتأكد الزوج من وقوع الطلاق أم لا، فإذا تأكد من وقوع الطلاق، فعلى الزوج أن يقوم بالتوثيق. وفى حواره مع « الأهرام « حذر من خطورة التسرع فى أمر الطلاق، أو أخذ الفتوى من غير المتخصصين، لأن الطلاق لا يقع فى حالة الغضب الشديد، وكذلك لا يقع عبر التليفون أو وسائل التواصل الحديثة، مؤكدا أن دار الإفتاء هى التى تحسم هذه الأمور، كما أشار إلى أن توعية المقبلين على الزواج، تعد ضرورة للحفاظ على كيان الأسرة، ومواجهة ظاهرة الطلاق المبكر، وطالب بأن تتم هذه التوعية على يد العلماء والدعاة، والخبراء المتخصصين، وذلك لبيان الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة، وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة .. وإلى نص الحوار . كيف ترى ظاهرة ارتفاع نسبة الطلاق فى الوقت الحالى؟ ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق، أصبحت أكبر المشكلات التى تؤثر على سلامة المجتمع، والمؤكد أن تراجع الوازع الديني، وعدم معرفة الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة، أبرز أسباب زيادة معدلات الطلاق، ولذلك فى البداية لابد أن تقوم الأسرة على ضوابط وقواعد واضحة، حددها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف «تنكح المرأة لأربع، لجمالها ومالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، هذا فى ضوابط اختيار الزوجة، وكذلك الحديث الشريف» إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير»، وهذا الحديث فى ضوابط اختيار الزوج، ونجد أن الدين والأخلاق أهم الأسس التى تقوم عليها الأسرة، ولابد أن تكون هناك ثقافة بين الزوجين لمواجهة الأزمات والمحن والشدائد التى تحدث، لأن الحياة ليست وردية، والمشكلات أمر محتمل، والطلاق يكون عندما تستحيل الحياة بين الطرفين، ولذلك ننصح بضرورة التركيز على قضايا الأسرة فى خطبة الجمعة، وكذلك فى البرامج الدينية، التى يجب أن تهتم بالتوعية وغرس القيم والأخلاق. وكيف ترى الدورات التى تعقد لتأهيل المقبلين على الزواج؟ أمر مهم للغاية، لأنه يعد أحد سبل مواجهة ظاهرة الطلاق المبكر، ويجب أن يكون هذا التأهيل من الأمور الأساسية عند بناء الأسرة، لأنه إذا كانت الفتاة المقبلة على الزواج تتعلم أمورا معينة، مثل طهو الطعام وغير ذلك، وتحرص أسرتها على تدريبها قبل الزواج، فمن المهم أيضا التوعية بقواعد التعامل مع الزوج، وكيفية مواجهة الأزمات والمشكلات التى قد تحدث، ومن الضرورى أن يكون لدى الفتاة علم بحقوق الزوج، الأمر نفسه بالنسبة للشاب المقبل على الزواج، يجب أن تكون لديه معرفة بمكانة الأسرة، وأن يتحمل المسئولية ويقوم بدوره على أكمل وجه، وذلك لأن قضية الطلاق المبكر أصبحت ظاهرة مقلقة بالفعل، وأرى أن تكون هذه الدورات ملزمة للمقبلين على الزواج، كذلك يجب أن نشجع المقبلين على الزواج لحضور هذه الدورات، لأن المشاركين فيها بالتأكيد هم نخبة من علماء الدين المتميزين، وكذلك علماء الاجتماع وغيرهم، وكل ذلك من شأنه أن يواجه ظاهرة الطلاق المبكر، ويعمل على نشر التوعية، وبيان حقوق الزوج والزوجة، الأمر الذى يواجه ظاهرة الطلاق المبكر . وهل ترى أننا فى حاجة لتشريعات لحماية الأسرة والأطفال فى ظل الأزمات المترتبة على الطلاق؟ الأسرة هى نواة المجتمع، وإذا أردنا أن نواجه كل المشكلات التى يتعرض لها المجتمع، يجب أن نبدأ من الأسرة، فمواجهة الفكر المتطرف تبدأ من الأسرة، ولذلك أرى أن تكون هناك تشريعات تحمى الأسرة والأطفال، وذلك حتى لا يكون الأطفال عرضة للتلاعب والنزاع، كما يحدث فى النفقة والرؤية وغيرها، ولذلك يجب أن يتم ضبط هذه الأمور، لحماية الأطفال فى حال وقوع الطلاق . الطلاق الشفوى قضية شغلت المجتمع خلال الفترة الماضية، كيف ترى هذه الظاهرة فى ظل الخلاف حولها؟ الطلاق الشفوى يتم بالتوثيق طالما وقع صريحا، وينبغى أن يكون هناك تشريع يلزم من أوقع الطلاق بضرورة التوثيق، وفى مثل هذه الحالات أنصح الزوج والزوجة بالتوجه لدار الإفتاء المصرية، وأن يقوم الزوج بتكرار ما وقع منه من أقوال، ودار الإفتاء هى الجهة التى تحسم هذا الأمر، لأنه ربما يكون قال هذا اللفظ فى حالة غضب، فإذا أكدت دار الإفتاء أن ما قاله الزوج يعد طلاقا، فى هذه الحالة يجب التوثيق، ولذلك أنصح الزوج والزوجة فى مثل هذه الحالة، بضرورة التوجه لدار الإفتاء المصرية، وذلك لأن البعض قد يذهب لغير المتخصصين، وهذا أمر مرفوض، لأن دار الإفتاء هى الجهة المسئولة عن الفتوى ولديها علماء متخصصين فى ذلك. وهل الطلاق فى التليفون وعبر وسائل التواصل الحديثة يقع؟ الطلاق عبر التليفون، وكذلك من خلال وسائل التواصل الحديثة، لا يقع ولا يعد طلاقا، لأن كل هذه الوسائل يدخلها الغش والتدليس، وقد يُقلد الصوت، وبالتالى لا يقع الطلاق عبر التليفون أو من خلال الفيس بوك أو الواتس أب، وننصح الزوج بعدم التسرع فى أمر الطلاق. وكيف ترى دور وسائل الإعلام فى التعامل مع غير المتخصصين ونقل الفتاوى التى تصدر عنهم ؟ نحن فى حاجة لتشريعات فى مجال الإعلام، لمواجهة ظاهرة الهجوم على علماء الدين، وضرورة أن يحرص الإعلام على استضافة العلماء المتخصصين، لتناول القضايا الدينية بطريقة تنشر الوسطية والاعتدال، وتحترم التنوع الموجود فى المجتمع دون التعرض لأحد. وكيف ترى مقولة «استفت قلبك»؟ أرى أنه لا يجب أن نعرض جميع الآراء على من يأتى لطلب الفتوي، بل يجب على المفتى أن يعرض الرأى الذى يناسب من هو أمامه، لأن المريض عندما يذهب للطبيب، لا يعرض عليه جميع أنواع العلاج، بل يقدم له العلاج الذى يتناسب مع ظروفه، لأنه فى حالة استفت قلبك، ربما يدخل الشخص على الانترنت ويختار الرأى الذى يناسبه، دون الرجوع للعلماء والمتخصصين، ولذلك أرى أنه عندما يذهب إنسان لأهل الذكر فى قضية معينة، يجب أن نقدم له الرأى الذى يناسب ظروفه.