وقع حادث المنيا الموجه ضد مصريين مسيحيين عامدا متعمدا، امتدادا لمسلسل حوادث الإرهاب ضد هؤلاء فى كنيسة البطرسية قبل عيد الميلاد بشهر كامل، وفى كنيستى طنطا والإسكندرية قبل عيد القيامة بأسبوع واحد، ليأتى هذا الحادث قبل يوم واحد من بدء شهر رمضان الذى هو بمثابة شهر الفرحة لكل المصريين، ليحول هذا الفرح إلى «مأتم قومي» بكل أسف. ولاشك أن الهدف الرئيسى هو الاصرار على احداث ووقوع »الفتنة السياسية« بين عنصرى الأمة (المسلمين المسيحيين) فإذا أردنا الحفاظ على المساحة المتاحة الآن من استقلال وطنى فإن الحسم فى مواجهة الإرهاب يصبح ضرورة حتمية، وإلا فإن العاقبة ستكون سيئة بكل المعايير وسيدفع المجتمع المصرى والدولة ثمنا فادحا لا يمكن تصور حاضره أو مستقبله فقد راح ضحية الحادث الأخير (29) شهيدا و(24) مصابة، ومن قبله ما يقرب من (200) شهيد وعشرات الجرحى وذلك كله خلال (6) شهور فقط، ولو استمرت مثل هذه الحوادث، فإن الفتنة قادمة بلاشك، وأن الخيار الذى يحول دون ذلك هو الحسم مع الإرهاب، برؤية شاملة. وقد استمعت لكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء الجمعة يوم حادث المنيا وبعد اجتماع مجلس الدفاع الوطنى والمجلس العسكري، وأعلن فيها بحسم أن مصر ستواجه الإرهاب داخلها وخارجها وفى أى مكان يمس الأمن القومى المصري، وأنه قرر توجيه ضربة عسكرية حاسمة لمعسكرات تدريب الإرهابيين الذين ينفذون عمليات إرهابية فى مصر ومنها آخر عملية فى المنيا يوم الجمعة 26 مايو 2017م وأعلن أنها تتم حاليا بنجاح، وأنها ستتكرر خارج مصر لمواجهة حاسمة مع الإرهاب، ومما قاله الرئيس السيسي، أنه وجه تحذيرا بأن الإرهابيين فى سوريا بعد انتصار حلب سيتجهون إلى مصر ليقوموا بدورهم فى تخريب مصر، وإنهم سيصلون مصر من الغرب والشرق والجنوب. وإن هناك من يدفع لهم ويمولون، ولذلك خاطب الرئيس الأمريكى ترامب بضرورة الوفاء بوعوده فى محاربة الإرهاب، ومن المعلومات التى وردت فى حديث الرئيس أن الأمن قام بضبط (300) سيارة دفع رباعى فى آخر ثلاثة أشهر. وفى هذا السياق، فإن حادث المنيا، يؤكد أن الإرهاب يصر على النيل من مصر، والسعى نحو الفتنة بين عناصر شعبها، ويستلزم المواجهة الشاملة ومن بينها سرعة إصدار قرار جمهورى بتشكيل مجلس قومى لمكافحة الإرهاب، وهو الذى وعد به الرئيس فى أعقاب حادث كنيستى طنطا والإسكندرية فى الأسبوع الأول من ابريل الماضي، على أن يكون من الخبراء المتخصصين فى الابعاد التالية للإرهاب وهي: (سياسى ثقافى إعلامى تعليمى اقتصادى ديني) ويكون من اتجاهات مختلفة فى داخل كل مصر، وليس من ذوى اتجاه واحد، لأن التعدد هو الذى سيمكننا من حسن التعامل مع الظاهرة وبرؤية شاملة، وبحسم واضح. وعدم المقامرة على صانعى الإرهاب، باللجوء إليهم لمساعدتنا فى مواجهته لأنهم يستهدفون مصر أمس قبل اليوم وغدا، وعلينا الا ننخدع بمعسول الكلام فكل ما يفعلونه فى المنطقة لتحقيق هدفين: السيطرة عليها وعلى مقدرتها للأبد، وضمان أمن واستقرار واستمرار دولة إسرائيل ذلك الكيان الصهيونى الاستعماري. واستمرار فضح ممولى الإرهاب بالوثائق وحسم العلاقات معهم. فقطع العلاقات مع دولة مثل قطر بعد ضلوعها الكامل فى العمليات الإرهابية (خطابا وواقعا) هو بمثابة تحذير لدول أخرى متورطة فى الإرهاب بشكل غير مباشر أيضا. والاستمرار فى ضرب معسكرات التدريب الإرهابية فى المحيط الحيوى لمصر وهو المحدد بالحدود الجغرافية (شرقا وغربا وجنوبا) وعدم تجاوز ذلك تفاديا فى الوقوع فى المحظور وهو تورط مصر فى عمليات عسكرية خارج الحدود قد تضر بمصر وأمنها القومي. وأتفق مع ضرب هذه المعسكرات وللمرة الثانية (عام 2015، 2017م) والالتزام المصرى بعدم الانخراط فى أى أحلاف، التزاما بالسياسة المصرية حفاظا على الاستقلال الوطنى للدولة المصرية، باعتبار أن مصر نموذج للاستقلال والتحرير. وأخيرا، يمكن القول بأنه رغم الحادث الأليم فى المنيا، فقد يكون بمثابة البداية لرد الاعتبار لمصر والمصريين والأخذ بالثأر ممن لا دين ولا أخلاق ولا إنسانية لهم، وأنه لتأكيد مصرية المجتمع وليس مذهبيته، وسيظل للأبد هكذا بإذن الله. لمزيد من مقالات د. جمال زهران