أطل الباشا من الدور الأول للقصر المنيف الذى يتصدر أبعاديته بالطريق الصحراوى،. شاهد الجرافات وهى تقتحم الكمبوند، والبلدوزرات وهى تهدم الأعمدة وتفجر الأسوار، كان يظن حين نُفح هذه الصحراء دون أن يدفع فيها مليما أحمر وتحولت على يديه إلى جنة أنها لن تبيد أبدا. شعر بأنه يواجه عينا حمراء لم يتعودها من بلدوزر «لجنة محلب». ويحاصره سؤالها الغاضب: أين المشروعات الزراعية والمحاصيل وحق الشعب ومال اليتامى، فأجاب وهو ينفخ دخان السيجار: قل «لمن أرسلوكم أن الباشا انقطع نفسه حتى صارت الرمال فيلات وقصورا وشققا فندقية وعملات صعبة، ولماذا لم تشمر الدولة عن ساعديها قبل عشرين سنة إذا كانت جادة فى البحث عن القمح والفول والعدس، كفاياهم قطع عيش وأنه سيسترد حقه من الرئيس السيسى نفسه». لابد أن عبارة كهذه قد وصلت الى الرئيس، ولابد أنه كان غاضبا وعلى قناعة أن تغيير النظام لا يعنى اللعب على القوانين التى تربط مفاصل الدولة وتمنع تحولها إلى طابونة،. ولابد أنه «غامر بحب الناس ليضمن لعجلة الاقتصاد أن تستمر فى الدوران»، ورغم أن حكومته تشحت حتى توفى بالتزامها، إلا أن ابتسامته عادت وهو يفتتح مشروعات من الفيوم إلى أسوان عبر شبكة الفيديو كونفرانس وسمع الرئيس نفس العبارة العسكرية من أطباء وموظفين ومهندسين: «المشروع جاهز للافتتاح يافندم» .. وبعد أن «تفضل» المسئول بإزاحة الستار يرد الرئيس «متشكر»..مرة وحيدة قال الرئيس لشابة من ذوى الإعاقة: أنا«اتشرفت بيكى» .. ثم افتتح مترجلا مشروعات مدينة الأثاث، وتحسر طائرا من حجم التعديات ومبلغ ال40 مليارا المطلوبة لتحرير بحيرة المنزلة وحدها، وكان صادقا حين قال « أقسم بالله طول مانى عايش على ظهر الدنيا لن أسكت على أحد يأخذ شيئا لا يخصه» والثلاثاء اليوم 30 مايو آخر فرصة لحصر الأراضى المنهوبة، السكوت جريمة كالعدوان على الأرواح، صار التعدى على المحرمات عند الباشا أكل عيش، تكرر بدرجة أبشع وأكثر إجراما فى حق أرواح بريئة من قرية بالمنيا، هفت قلوبهم لتأدية قداس الجمعة بدير الأنبا صمويل، حاصرتهم جماعة داعشية اجرامية على المدق وأطلقوا عليهم النيران استشهد 29 مواطنا وأصيب 25 ، قلب الحادث الأليم ب «نزلة حنا». بهجة رمضان بكل البيوت الى مآتم. الإرهاب يسابق الزمن بأساليب وحشية لوقف التطبيع بين مصر الدولة وعمليات البناء وافتتاح المشروعات لمنع اللحاق بالعصر ، وعلى نفس القدر من القوة والحسم تأتى ردود أفعال الدولة المصرية، وتتصاعد بالتوازى ردود الدولة وتكشف عن حلول ظلت مختبئة خلف تدليل رجال الأعمال السنوات، فى البدء كان الرئيس يستعطف العالم ويحذر بصوت أقرب إلى البكاء من وحش الإرهاب الذى يريد جر مصر إلى عصر الجاهلية، ثم شب الخطاب عن الطوق ونشف عوده عقب تفجيرى المرقسية ومار مرقس وأصدر الرئيس قرارات منها المجلس الأعلى لمكافحة الارهاب وان لم يخرج هذا المجلس للنور حتى الآن وطالب الرئيس فى القمة العربية بضرورة الاصطفاف وتوحيد المفاهيم للحفاظ على الدولة الوطنية، وفى قمة الرياض بلغ الغضب وخطاب الرئيس سن الرشد وفاض الكيل، تكاد تشير كلماته إلى قادة بعينهم بين الجالسين يمولون ويدعمون ويوفرون الحماية والتمويل والملاذات الآمنة للإرهابيين، ابتسم الجناة فى خبث، النتيجة اتفاق على تشكيل قوة اسلامية مهمتها أقرب لإخلاء الجرحى والإشراف على تقسيم العراق وسوريا،ثم كانت عملية الغدر الأخيرة ليلة الصيام والرفث إلى فضائيات الإلهاء، فصارت لنا ذراع طويلة بطول حدود «أمننا القومى خارج مصر وداخل مصر» .. حرصت ظهر الجمعة على متابعة تغطية الجزيرة للفاجعة المصرية من سوء حظ الدكتور المحلل عريض المنكبين الذى انتفخت اوداجه من طول العيشة فى فنادق الدوحة وهو يكرر عبارات (تميمه) بالحرف: إن الموجود على الأرض هو الجماعات المسلحة المحرومة من حق التعبير وأن (النظام) غير قادر على حماية المسيحيين، قبل ان يكمل فاصل الشتيمة كانت طائرات مصر قد أصابت اهدافها فى درنة الليبية وعادت بعد ان نفذت ضربة قاصمة لمواقع الجماعات الإرهابية ومازالت تواصل هدم المواقع التى تأكد مسؤليتها عن تخريج المسلحين الذين نفذوا عملية مغاغة ، وفى نبأ عاجل لنفس القناة جاءت تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى:«أن الهجوم يسلط الضوء على هذا الفضاء غير الخاضع للرقابة فى ليبيا وهو نفس المكان الذى تدرب فيه منفذو هجوم مانشستر»..فى ابلغ رد على المحلل المنتفخ الاوداج. من اليوم الحسم عنوان الوجه الجديد للدولة المصرية، تراخيها عن حقوقها تسبب فى (تحليل الحرام) حتى صار نهب الأراضى أكل عيش، وارتخاء المواجهة الاوروبية بعد ان نشطت لإسقاط دولة القذافى يثير الحيرة، الاستمرار فى تشديد الحصار الأممى على تسليح الجيش الوطنى جعله مشلولا وغير قادر على ضبط الساحة الليبية التى تموج فيها أكثر من 1200 ميليشيا مسلحة اختلطت فيها حروب الدم بحروب السياسة حتى صارت الحرب بالوكالة فى ظهر مصر وقلبها ونيلها أكل عيش ونظام حياة ! لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف;