فى آخر أيام شهر شعبان، وبينما كنا نستعد لشهر رمضان المبارك صدمنا خبر استهداف أتوبيس يقل رحلة لإخوتنا الأقباط إلى دير الأنبا صموئيل غرب المنيا وبينما هم سائرون فى الطريق الصحراوى اعترض الحافلة عدد من الإرهابيين المسلحين وأمطروهم بوابل من الرصاص، فأسفر عن قتل 28 بينهم عدد من الأطفال والنساء وأصيب 25 آخرون، وإنى أتعجب من سلوك هؤلاء الإرهابيين المغيبين الذين يقتلون أبرياء لا يعرفونهم وليس هناك ثأر شخصى بينهم لمجرد أنهم يختلفون عنهم فى الديانة، خاصة أن النبى محمد عليه الصلاة والسلام قال: «إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما»، ولماذا لا نترك الأمر كله لله يوم القيامة فيحكم بين البشر جميعا، والحقيقة أن ما زاد من حزننا ومزق قلوبنا أكثر وأكثر هم الأطفال الصغار الأبرياء ومنهم الرضع يحملون قلوب ملائكة ولم يدركوا بعد أى شىء من أمور الحياة. ولو قارنا بين سلوك هؤلاء الإرهابيين وسلوك الحيوانات سنجد أن الحيوانات أرقى بكثير، فقد شاهدت لقطة بأحد البرامج عن عالم الحيوان وفيها يطارد أسد إحدى إناث القردة وكان يجرى وراءها صغيرها فاستطاعت الأم أن تهرب ولكن صغيرها لم يستطع الإفلات فوقع بين مخالب الأسد، وكانت دهشتى كبيرة أن الأسد لم يفترسه، بل ظل يربت عليه بيديه بحنان بعد أن أخفى مخالبه وتركه يمضى فى سلام. لقد انصهر المسلمون والمسيحيون فى مصر فى بوتقة واحدة منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ولا يستطيع أحد أن يميز بينهم، سواء فى الشكل الخارجى أو السلوك العام، وأتذكر جيدا مجموعتنا فى الجامعة التى كانت تضم زملاء مسيحيين وكنا أصدقاء فعلا وظللنا نتواصل لا يفرق بيننا مرور الوقت، رغم انشغالنا بأمور الحياة، ومنهم د. مجدى تادرس والمرحوم د. حسنى سيدهم وحاليا جارتى فى المهنة د. إيناس نجيب، ولم يخطر ببالنا أبدا اختلاف الديانة وقضينا معا أجمل الأيام وما زالت محفورة فى قلوبنا وذاكرتنا.. فالدين لله والوطن للجميع. د. مصطفى شرف الدين