قال تعالى (وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) "البقرة 263" وقال تعالى (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) "الحج 59" وقال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) "البقرة 235" ويحدثنا الإمام الشعراوى رحمه الله.. فكلمة حليم تعنى أن الخالق لا يحبس إنعامه وأفضاله عن عباده من أجل ذنوبهم، ولكنه يرزق العاصى كما يرزق المطيع ويبقيه وهو منهمك فى معاصيه كما يبقى البر التقى وقد يقيه الآفات والبلايا وهو غافل لا يذكره، فضلا عن أن يدعوه كما يقيها الناسك الذى يسأله، وربما شغلته العبادة عن المسألة، ويقول الإمام الشعراوى فإن خالط عملك الصالح سوء وإن خالفت منهج الله تعالى فى غفلة أو هفوة فلا تجعل هذا يعكر صفو علاقتك بربك أو ينغص عليك طمأنينة حياتك، لأن ربك جل وعلا حليم سيتجاوز عن مثل ذلك، وأما رفع العقوبة فى الآخرة فلا يكون وقوعا إلا عن بعض من استوجبها من العصاة، أما الكفار فلا مدخل لهم فى هذا القسم وليس لهم فى الآخرة حظ من هذا الاسم، وهنا يجب على كل مكلف عاقل أن يعلم أن حلم الله حلم كامل وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى? ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا) “فاطر 45”، فهنا نجد أن الخالق يعلم أنفاس العباد وما تخفى الصدور، لذلك حلمه سبق غضبه رحمة بعباده لعل العاصى يتوب فيغفر له، فمن ابتلى بشيء يضعف أمامه فليكن قويا فيما يقدر عليه، وإن غلبك الشيطان فى باب من أبواب الشر، فشمر له أنت فى أبواب الخير، فإن هذا يعوض ذلك. ويقول إمام الدعاة إن الإمام القرطبى رحمه الله قال: فمن الواجب على من عرف أن ربه حليم على من عصاه أن يحلم هو على من خالف أمره، فذاك به أولى حتى يكون حليما فينال من هذا الوصف بمقدار يكسر سورة غضبه ويرفع الانتقام عمن أساء إليه، بل ليتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية.