بالفطرة ولا إرادياً من منا لا يحب أطفاله، من منا لا يبذل قصارى جهده كى يجعل حياتهم هادئة مريحة، من منا لا يحاول أن يُجَنب أولاده على الأقل الشعور بمرارة وعذابات السنين التى واجهته فى طفولته البعيدة. اليوم وللتغلب على ذكريات وأوجاع الماضى المترسبة فى أعماق معظمنا قد يبالغ البعض من الآباء والأمهات فى تلبية رغبات أولادهم دون مراعاة للعواقب السلبية التى من شأنها أن يكتسب هؤلاء المرفهون أو المدللون عادات وسلوكيات وأخطاء فى أفعالهم وأقوالهم غير مفيدة لهم ولغيرهم بالمرة. للأسف الشديد يتبع بعض الآباء والأمهات أسلوب التساهل فى تلبية كافة متطلبات الأولاد على اعتبار أن ذلك الأسلوب يمنحهم الاطمئنان والأمان كنوع من أنواع المجاهرة بالحب لهؤلاء الأطفال الذين يتجاوزون بدورهم حدود اللياقة ويتلاعبون بوالديهم بحيل يصعب حصرها الآن فى ظل تشبثهم بشبكة المعلومات المفتوحة على مصراعيها أمام صغار وشباب يجيدون التعامل مع تكنولوجيا العصر الحديث بسهولة مفرطة. إن وجود طفل مدلل فى الأسرة لا يُعد مشكلة مرحلية تنتهى بمرور الوقت بل على العكس فعندما يكبر قد يجد صعوبة بالغة فى التكيف والتأقلم مع أمور الحياة والناس بصفة عامة لأنه اعتاد أن يحصد كل ما يريد عن طريق استخدام ذلك السلوك السيئ الذى تربى عليه منذ نعومة أظافره. علينا أن ندرك جيداً أن الدلال المبالغ فيه يغرس لدى الطفل بمرور الوقت وعلى مر السنين صفة الأنانية وحب الذات بطريقة مرضية، من هنا تواجهنا كمجتمع مشكلة غاية فى الصعوبة منذ البداية عندما يذهبون إلى الروضة أو المدرسة، حيث الرغبة المدمرة فى الحصول على ممتلكات زملائهم الأمر الذى قد يدفعهم إلى عالم السرقة وغيرها من الأمور الإجرامية .. ونأتى لدور الأسرة فى ضرورة غرس قيمة تقدير الذات أو بمعنى أدق غرس الأفكار الإيجابية الهادفة التى يؤمن بها كل منا حسب تقديره لنفسه، وحسب الإحساس الداخلى بالكفاءة والجدارة والقدرة على الإنجاز والنجاح لديه الأمر الذى ينتج عنه مزيد من الشعور بالرضا والطمأنينة وعلينا أن نبدأ مبكراً، حيث بينت الدراسات أن السبع سنوات الأولى من عمر الطفل هى الأساس فى تحديد مدى ثقته بذاته فيما بعد عندما يصل إلى مرحلة المراهقة وبداية سن الشباب، الأمر الذى يُحَتم علينا ألا نُبالغ فى تدليلهم أكثر من اللازم حتى لا تتحول تربية الأبناء من تربية إيجابية إلى أخرى سلبية مخجلة لنا ولهم وبالتالى لا نصطدم بعواقب المقولة الشهيرة ومن الحب ما قتل. بالطبع علينا ألا نغفل دور المتخصصين اجتماعياً وتربوياً الذين يجاهرون فى شتى المحافل المحلية والدولية بضرورة توجيه الآباء والأمهات إلى الطريقة المثلى لتعليم أبنائهم كيفية تحمل مسئولية واجباتهم تجاه أنفسهم تدريجيا، كجمع ألعابهم، وترتيب غرفهم، وتنظيف أجسامهم لتعليمهم الاحترام لهم ولغيرهم والتحكم فى مشاعر الغضب والانفعال العدوانى كذلك ضرورة أن يتعودوا طرق تقديم المساعدة على قدر الاستطاعة والوصول لحل وسط. كأم أظن أن تربية الأولاد ليست بالسهولة أو بالأمر الهين الذى يتخيله البعض ومن تجربتى مع شاب وفتاة فى سن الشباب أرى أن خير الأمور أوسطها فلا يجوز لنا تدليل الطفل حتى يصبح ضعيف الشخصية ميالا للاتكالية والأنانية كما لا يجوز معاملته بقسوة حتى لا تهتز شخصيته ويتحول إلى شخص قاس عند الكبر. لمزيد من مقالات هالة برعى;