ليست مصر الوحيدة التى استولى فيها البعض على ممتلكات للدولة بغير حق قبل أن تبدأ حملة واسعة لاستعادتها حيث تعج معظم دول إفريقيا بحالات وصور من الفساد تصيب المرء بالذهول بدءاً من نهب محتويات الخزائن العامة مروراً بالستيلاء على الأراضى والشركات المربحة وانتهاءً بتقلد الوظائف بشهادات دراسية مزورة.دفع ذلك منظمة الشفافية الدولية إلى إعلان أن 40 من 46 دولة إفريقية جنوب الصحراء تعانى من مشكلة فساد خطيرة وذكرت التايمز اللندنية أن القارة فقدت تريليون دولار أموالاً مهرَّبة خلال السنوات العشر الأولى من القرن الحالي. أكثر من نصف عدد سكان دول جنوب الصحراء يعيشون على متوسط أقل من دولارين فى اليوم ويعانى الملايين منهم من نقص الغذاء وسوء التغذيةت وتزيد نسبة العاطلين عن العمل فى بلد مثل زيمبابوى على 80% بينما كشف موقع جيمنى الأمريكى لقياس مستوى الرفاه أن عدد أثرياء إفريقيا ارتفع إلى 150 ألفاً يملكون ثروات تُقدَّر بنحو 1400 مليار دولار.ويرجع ذلك لأسباب فى مقدمتها إساءة استغلال النفوذ وضعف سلطة القانون وتفشى الفساد على كل المستويات بما فيها أجهزة القضاء والشرطة وكبار رجال الدولة بمن فيهم حكام.ففى جامبيا الصغيرة بغرب إفريقيا أعلن وزير العدل أن رئيسها المخلوع يحيى جامع نهب 50 مليون دولار من خزانة الدولة قبل الإطاحة به فى يناير الماضى ووجدوا 88 حساباً بنكياً و14 شركة باسمه وبأسماء حاشيته ولم يرحل إلاَّ بعد أن أخذ معه سياراته الفارهة ومقتنياته الثمينة(حمولة طائرة كاملة)إلى منفاه لدى صديقه تيودور أوبيانج رئيس غينيا الإستوائية الذى بدأت فرنسا محاكمة نجله ونائبه تيودران بتهمة شراء قصر بمائة مليون دولار فى باريس وسيارات رياضية فارهة بأموال غير مشروعة واحتجزت السلطات السويسرية 11 من سياراته ثمن إحداها مليونا دولار واتهمته بغسل أموال وأجبرته السلطات الأمريكية على التنازل عن قصر وممتلكات ثمينة وأقامت دعاوى قضائية لمصادرة أرصدة له بنحو 70 مليون دولار.وفى نيجيريا شن الرئيس محمد بخارى حرباً على الفساد كشفت عن نهب لا يُصدَّق مثل العثور على أكثر من 43,5 مليون دولار فى شقة سكنية واتضح أن المبلغ يخص رئيس وكالة المخابرات العامة بزعم استخدامه فى عمليات سرية بينما لا يعلم رئيس الدولة عنه شيئاً، وسبق أن صادرت السلطات ما يعادل 10,3 مليار دولار منهوبة نقداً أو أرصدة منها 330 مليوناً من الخزانة العامة تم تحويلها إلى حسابات خاصة فى سويسرا و 2,1 مليار دولار مخصصة لشراء أسلحة للقضاء على جماعة بوكوحرام الإرهابية ولم يُعثر لجزء كبير منها على أثر.كما تم اتهام رئيس أركان سابق للجيش بنهب 20 مليون دولار ليشترى بها قصراً وتم ضبط 9,7 مليون دولار فى منزل مدير سابق لشركة البترول الوطنية وصفها بأنها هدايا من أصدقاء! وأدانت لجنة برلمانية سكرتير الرئيس نفسه بتلقى رشاوى قيمتها 635 ألف دولار بل وتم اتهام قاضِ بالمحكمة العليا بالفساد وغسل أموال وعُثر لديه على عدة جوازات سفر بأسماء مختلفة ووُجِّه له 15 اتهاماً بالتزوير وعلَّق مجلس القضاء عضوية سبعة قضاة مشتبه بفسادهم بعد العثور على 800 ألف دولار فى منازلهم.كما كشف نائب سابق لمحافظ البنك المركزى أن 20% من العملة النيجيرية المتداولة فى الأسواق مزورة وشطبت السلطات أسماء 24 ألف موظف وهمى كلفوا الدولة 11,5 مليون دولار سنويا.وفى جنوب إفريقيا حذر سيريل رامافوزا نائب الرئيس من أن البلد يتجه إلى أن يصبح دولة مافيا(عصابات)وطالب بلجنة تحقيق قضائى للوقوف على المدى الذى وصل إليه استغلال مؤسسات الدولة لإثراء قلة من الناس وعائلاتهم وذلك بعد أيام من تحذير مجلس الكنائس من أن الصفوة النافذة تنهب أرصدة الدولة بشكل منظَّم وأن الفساد يحوِّل البلد بشكل متسارع إلى دولة مافيا.أما فى كينيا فقد وصف الرئيس أوهورو كينياتا بعض أبناء شعبه خلال زيارته لإسرائيل بأنهم لصوص محترفون متمرسون فى السرقة واقتراف الجرائم وأوقف قاضياً بالمحكمة العليا لتورطه فى فضيحة فساد حجمها مليونا دولار واندلعت احتجاجات لاختفاء 50 مليون دولار مخصصة لبرامج الرعاية الصحية ومكافحة الإيدز. وفى جنوب السودان وجهت المحكمة العليا اتهامات إلى 16 شخصاً بينهم مسئولون بمكتب الرئيس بتزوير أختام وتوقيعات الرئيس ورئيس الأركان والحزب الحاكم مما أضاع على الدولة 14 مليون دولار و30 مليون جنيه جنوب سوداني.أما فى غانا فقد تم إيقاف سبعة من أصل 12 قاضياً بالمحكمة العليا بتهمة الرشوة وتبحث الحكومة عن 200 من سيارات الرئاسة اختفت فى ظروف غامضة.وأقال الرئيس التنزانى رئيس جهاز الضرائب ومجلسه بتهمة وضع 13 مليون دولار فى حسابات خاصة ببنوك تجارية وأقال مجلس إدارة ميناء دار السلام بعد خروج 2500 حاوية بضائع بدون دفع الرسوم المقررة وفصَلَ عشرة آلاف موظف مدنى التحقوا بالعمل بشهادات مزورة بأسماء أقاربهم وذلك بعد تنقية سجلات القطاع العام من 10 آلاف موظف وهمي!. لمزيد من مقالات عطية عيسوى