القمة الأمريكية العربية الإسلامية، تكتيك أمريكى جديد للحرب ضد داعش .. هجوم مانشستر الإرهابى .. أول هجوم لداعش فى الصومال .. قرار حلف شمال الأطلنطى «الناتو» بالانضمام إلى التحالف الدولى .. ثم تصريحات أمير قطر وتحذيرات واشنطن له من دعم الإرهاب وجماعة «الإخوان» الإرهابية ، ثم اعتداء المنيا.. سلسلة من الأحداث وقعت خلال الأيام القليلة الماضية تترابط ارتباطا وثيقا، يجمعها كلها خيط رفيع يظهر سرعة تكيف التنظيمات الإرهابية مع الظروف وقدرتها على الوصول إلى أهداف قاتلة فى وقت يحاول فيه العالم لملمة شتاته وسط خلافات مستمرة لوضع استراتيجية واضحة للحرب ضد الإرهاب. داعش يتحرك بسرعة من أجل إثبات وجوده، ويحرك الإرهابيين العائدين مثلما حدث فى هجوم مانشستر من أجل بث الفزع والرعب فى أوروبا، بل ويطارد المراهقين الأوروبيين ليحول لحظات سعادتهم إلى صدمة ورعب، ويستغل القصور الأمنى وانشغال دول العالم بخلافاتها بدلا من محاولات الوصول إلى استراتيجية موحدة لمواجهة سرطان الإرهاب. وفى أول مؤتمر صحفى مشترك بين هؤلاء القادة العسكريين فى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» قبل أسبوعين بين كل من جيمس ماتيس وزير الدفاع والجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان وبريت ماكجورك المبعوث الرئاسى للتحالف الدولى ضد داعش، أعلن ماتيس أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة فى مواجهة «داعش» تقتضى «إبادة مسلحيه وليس ملاحقتهم وطردهم من المدن والبلدات التى يسيطرون عليها». وخلال هذا المؤتمر الصحفي، أراد ترامب إرسال مجموعة من الرسائل، فعلى الرغم من اعتراف هؤلاء القادة العسكريين أن الحرب ضد داعش بدأت فى عهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، خصوصا أن دانفورد وماكجورك كانا فى منصبيهما فى الإدارة السابقة، فإن الجديد أن ترامب يريد الكشف عن النتائج أمام الرأى العام. فماتيس كشف عن أن داعش فقد 55 ألف كيلومتر مربع من الأراضى التى يسيطر عليها ولم يستطع استعادتها، كما دمرت الضربات الجوية 2600 من الأهداف خصوصا آبار البترول والغاز، وهو ما تسبب فى تراجع دخل التنظيم الإرهابى لأدنى مستوياته، وفى الموصل، لقى حوالى 980 داعشيا مصرعهم وأصيب 6 آلاف آخرون، كما تم تحرير 4 ملايين شخص من قبضة الإرهابيين. وبخصوص محاصرة التنظيم فى سورياوالعراق، أكد ماتيس أن واشنطن ستقدم الدعم الكامل للقوات العراقية لتحرير الموصل، وكذلك لقوات سوريا الديمقراطية من أجل استعادة مدينة الرقة التى شهدت ميلاد «كابوس داعش» تكتيك جديد لإدارة ترامب مختلف عن الإدارة السابقة لأوباما، حيث أن الرئيس الأمريكى سمح لقادته العسكريين بمساحة للمناورة للقيام بعمليات على مسئوليتهم الخاصة، وكذلك عزل عناصر داعش فى مواقعهم الحالية بدلا من مطاردتهم فى مناطق أخري. العراق يتجه إلى الإعلان عن تحرير الموصل، والسوريون يقتربون من الرقة، كما يخطط ترامب لإرسال حوالى 5 آلاف جندى إضافي، إلى جانب 8400 آخرين منتشرين حاليا فى أفغانستان، حيث تحارب القوات الجوية الأمريكية طالبان والمئات من عناصر داعش فى شرق البلاد، وكذلك زيادة التواجد فى اليمن والصومال. وعلى الرغم من طلب ترامب الكشف عن خطة الحرب ضد داعش والقاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى أمام الرأى العام، فإن هذا يسلط الضوء على القرارات الصعبة التى تواجه «البنتاجون» والبيت الأبيض خلال الأسابيع القادمة، ومنها الحاجة إلى نشر الآلاف من القوات الإضافية والتساؤلات حول طبيعة التعاون الروسى الأمريكى فى مناطق المعارك. وعلى الرغم من أن الاستراتيجية التى أعلن عنها ماتيس تقوم على محاصرة داعش، فإن ترامب دعا أمام قادة 55 دولة عربية وإسلامية فى الرياض إلى «طرد الإرهابيين من الأرض»، وهو ما يظهر استمرار غياب التنسيق داخل الإدارة الأمريكية. ويبدو أن الرئيس الأمريكى يسعى أيضا لتوسيع قاعدة التحالف الدولى ضد داعش عبر ضم حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، الذى انضم جميع الدول الأعضاء فيه إلى التحالف بالفعل لكن بشكل فردي، لكن الحلف ككل سيزيد من قوة التحالف وعمليات التنسيق. وهكذا، فإن واشنطن تسعى لتوسيع التحالف ضد الإرهاب، إلا أن داعش يفاجيء الجميع، فهجوم مانشستر وهجوم الصومال نفذهما سلمان عبيدى وعبد القادر مؤمن، وهما معروفان لدى أجهزة المخابرات البريطانية، ووسط كل هذا، يخرج أمير قطر لينتقد تصنيف الإخوان كجماعة أمريكية، وهو ما دفع إيد رويس رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس النواب إلى تهديد الدوحة بنقل القاعدة العسكرية الأمريكية إذا لم تغير من تصرفاتها الداعمة للإرهاب، مما يعنى رفع غطاء الحماية عنها، بينما اتهمها روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكى السابق بتوفير ملاذ للجماعة الإرهابية. وفى ظل هذه المعطيات والمحاولات الأمريكية لمواجهة داعش، يظل الاتفاق الدولى على حل نهائى وسريع لوقف نمو هذا السرطان غائبا، فى حين يتحول العالم تدريجيا إلى «داعشستان» بسبب الإرهابيين العائدين، واستمرار الأفرع التى خرجت من رحم الإخوان والقاعدة.