من الوصايا المهمة لإنجاح العلاقة بين الزوجين شيوع خلق «التسامح»، فلابد أن يدرك كلا الزوجين أن ثمة فروقا واختلافات بين الزوجين في الأفكار والمعتقدات والتوجهات والسلوكيات, فإذا أصر أحدهما على أنه هو الصواب المطلق وعكسه خطأ، هنا تتضخم أخطاء الطرف الآخر وتتراكم كالجبال، ويصعب مواصلة الحياة الزوجية التي تسممت بمشاعر الغضب والكراهية للطرف الآخر على اعتبار أن مجرد اختلافه عن معاييرنا وتوقعاتنا خطيئة لا تغتفر. ويقول الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن هذا نوع من التعصب والعنصرية حين نعتبر أنفسنا الأعلى والأرقى والأصح وأن الطرف الآخر عليه أن يحقق كل توقعاتنا ولا يكون له حق في الاختلاف, مع أن قاعدة البشر قائمة على الاختلاف «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك». وأوضح أن الإنسان المتعالي والمتغطرس لا يقدر على التسامح مع شريك حياته, ولا يتساهل في أي هفوة أو زلة، بل يستغلها فرصة ويقوم بتخزين الهفوات والزلات والأخطاء ويضخمها ويحتفظ بها في الذاكرة طويلة الأمد ووضعها سيفا على رقبته. وهذا نراه في أثناء الخلافات الزوجية حيث يخرج كل طرف من جعبته كل أخطاء الطرف الآخر عبر السنين ويذكره أو يضغط عليه بها أو يلوي بها عنقه, وهذا خلق سىء يدل على نفوس متحفزة للشر والقصاص والانتقام، وهذا كفيل بأن يفسد العلاقة بين أي اثنين، لاسيما الزوجين. ويضيف المهدي أن هناك عوائق للتسامح فمثلا يقول أحد الزوجين: ولماذا أسامح أنا ولا يسامح الطرف الآخر ولماذا أبدأ أنا ولا يبدأ هو, وإذا سامحته فأنا أعطيه فرصة للتمادي في الخطأ, وإذا سامحته أسقطت حقي للأبد, وإذا سامحته ربما يعتقد أن ذلك ضعف مني,...الخ, وهذه العوائق تحتاج لنفس قوية وزكية لتتغلب عليها وتتجاوزها, نفس تدرك بأن التسامح شيمة الأكرمين. فإذا أراد الزوجان أن يهنآ معا بحياة سعيدة عليهما بالتسامح والعطاء بلا حدود، وقبول اعتذار الطرف الآخر حال اعترافه بالخطأ، ذلك أن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه فضيلة في حق صاحبه وليس نقيصة أو ضعفا، وعلي الزوجين كذلك التخلي عن التربص أو استذكار سلبيات وأخطاء الطرف الآخر، لأن لكل منا عيوبا قد تتفاوت من شخص لآخر، وأن يحتسب كل منهما صنيعه لله أولا.