رغم ما حدث فى قمة الرياضالأمريكية العربية الإسلامية علينا التفكير العملى للاستفادة مما حدث، وتعظيم المكاسب حتى لو كانت محدودة ومركزة فى مضمون خطاب رئيس الدولة أمام المؤتمر فما الذى تمخض عنه المؤتمر، وما الذى يجب عمله بعد قمم الرياض؟ أصبح واضحا أن كل دولة أو تجمع اقليمى يسعى إلى تحقيق مصالحه وحماية أنظمته ومن أجل ذلك ينفق بسخاء فى هذا المضمار، أو أن هذا خياره الوحيد. قد تم توظيف وجود الدول العربية والإسلامية التى حضرت مؤتمر القمة الإسلامى الأمريكى لإظهار الولاياتالمتحدة على أنها حامية حمى دار المسلمين وتقبل مواعظ ترامب الدينية!! كما أن الحشد الخليجى الأمريكى على خلفية القمة الإسلامية الأمريكية، كان مضادا لدولة إيران التى كانت تشهد انتخابات رئاسية أفضت إلى استمرار روحانى رئيسا وفى مناخ أقرب إلى التنافسية والديمقراطية، وهو ما ورد على لسان رؤساء دول الخليج والرئيس الأمريكى فحسب دون بقية الدول وفى مقدمتها مصر التى لم يشر رئيسها فى خطابه إلى إيران نهائيا. إن مصر راقبت المشهد عن قرب، وفضلت خيار الخطاب المباشر الذى تضمن أربعة أركان أساسية هى: مواجهة التنظيمات الإرهابية دون تمييز، والتصدى للدول الداعمة والممولة للإرهاب، والقضاء على قدرة الإرهابيين على جذب عناصر جديدة، أى المنع من المنبع، وتسوية أزمات المنطقة، وحل القضية الفلسطينية ومن ثم أصرت مصر على كشف كل الأوراق، وأن من بين المشتركين فى المؤتمرمن هم من داعمى الإرهاب ومموليه، دون إفصاح مباشر. كما رفضت مصر بهذا الخطاب المباشر عن أن اشتراكها فى إطار محاربة الإرهاب وحل القضية الفلسطينية، وليست غطاء لأحد أو لآخرين ضد آخرين. وفى ضوء ما تمخضت عنه قمم الرياض، ما الذى يجب على مصر عمله. 1 استمرار التعاون المصرى الخليجى الطبيعى والعادى، دون إظهار العداء مع دولة إيران بلا مبررات موضوعية سوى إبعاد الأنظار عن العدو الصهيونى. 2 أن دعم مصر لسوريا بات ضروريا بعد ثبوت سلامة وجهة نظر مصر والأمر يحتاج لمبادرة تؤكد الوجود المصرى فى المشهد السورى، ولا تنتظر مصر أن يستدعيها أحد بحكم مسئوليتها القومية، وأن سوريا امتداد لمصر وأرى أن يتم البدء برفع التمثيل الدبلوماسى فورا مع سوريا، ومزاحمة الآخرين فى حل الأزمة السورية بوجود مصرى فعال. 3 التوجه المصرى شرقا عبر روسيا والصين أساسا وكذلك الهند، هو استعادة واستحضار للدور المصرى الفعال، كما أنه غطاء دولى لمحاصرة أى تصرفات عدوانية غربية استعمارية، لإحداث التوازن المطلوب فى المنطقة ومن ثم يجب إعادة النظر فى العلاقات مع صناديق التمويل الدولية (البنك الدولى وصندوق النقد) تدريجيا. وأخيرا فإن مصر الحضارة والدور والريادة تحتاج إلى المبادرة، لا رد الفعل، فالمبادرة قد تكون لها عشرات الفوائد، عكس ردود الأفعال فإن مكاسبها محدودة وغير مضمونة ومصر عندما تتحرك بجدية ومبادرة وفعالية فإن كثيرا ممن هم على السطح عائمون سيهبطون إلى القاع وآخرون إلى الجحور، وهذه مكانة مصر. لمزيد من مقالات د. جمال زهران