يهل علينا يوم إفريقيا هذا العام والملف الإفريقى بات على رأس سلم أولويات سياسة مصر الخارجية بعد أن أعطاها السيد الرئيس دفعه من خلال دبلوماسية القمة ورغم الجهود التى بذلت على مدار العام الماضى والأشهر الست الأول من هذا العام إلا أن الحديث عن القارة يحدث عادة إذا ما اقترن الأمر بزيارة رئاسية أو وزارية على الجانبين المصرى والإفريقى الأمر الذى يستدعى طرح استراتيجيه تحرك وتفاعل شامل مع القارة من خلال عدة مبادرات هامة أرى تتبناها مصر لإحداث المزيد من التقارب وتحويل العلاقة مع القارة لرابط عضوى متجدد لا تلاق موسمى عند إتمام لقاءات القمة . المبادرة الأولى هو ضرورة تبنى مصر لمبادرة اقتصادية مشابهة لمبادرة الصينوالهند وروسيا وفرنسا وتركيا والولايات المتحدةالأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية, تلك الدول التى رصدت مبالغ هامة لتمويل نشاط شركاتها داخل إفريقيا فانفتحت أمام تلك الشركات فرص استثمارية كبرى حيث يتم تمويل نشاط تلك الشركات من خلال ذراعا ماليا وطنيا كالبنك الأهلى فى حالة مصر وبفائدة ميسرة أقل ماهر متعارف عليه فى السوق ويتم تعويضها بطرق مختلفة ويرتبط بالمبادرة الاقتصادية مبادرة موازية يتم خلالها تقديم منح دراسية لعدد من أبناء القارة فى أفرع المعرفة المختلفة فى الجامعات والمعاهد ومراكز التدريب فتقدم الهند على سبيل المثال 2000 منحة دراسية وستوفر هذه المبادرة لشركاتنا مساحة مناسبة فى سوق الاستثمار ذو العائد المرتفع فى القارة الإفريقية. وارتباطا بتك المبادرة وفى إطار السعى لتعزيز الأواصر الاقتصادية ودعم اقتصاديات القارة وربطها بمصر وموانئها نقترح إقامة منطقة لوجيستية للصادرات الإفريقية فى منطقة قناة السويس الاقتصادية وهى إما أن تتاح لكل دول القارة أو لدول الكوميسا أو لدول حوض النيل على أن تكون مركزا للتصدير والتخزين وعلى مقربة من الأسواق الأوروبية وأسواق الخليج وبالطبع السوق المصرى المتسع. وبنفس رؤية التكامل والتنمية والاستثمار يظل طرحنا لمشروع ممر التنمية الشرقى المعنى بتحقيق علاقة تكامل وتنسيق كامل بين أثيوبيا والسودان ومصر بداية من منطقة سد النهضة والذى يقترح المشروع أن يتم التوافق من خلال نماذج محاكاة هندسية على الكمبيوتر على أسلوب الملئ والتخزين المثلى ومدتها بما يحافظ على مصالح الأطراف الثلاث من توليد الكهرباء والتحكم فى النهر والحفاظ على حصتنا المائية ثم تتم عملية ربط كهربائى وإنشاء خط للسكك الحديدية وطريق برى وكلها شرايين ربط ستجعل المياه جزء من معادلة تعاون أشمل وتفتح المجال لمزيد من التعاون متعدد الأوجه بما يحقق مكاسب للجميع ويحول النهر لإطار للتعاون وليس مصدرا للتوتر بل ويصل إثيوبيا كدولة حبيسة بالبحر المتوسط وموانئة حتى الإسكندرية . يجب الأ يغيب البعدين الإعلامى والثقافى عند الحديث عن علاقات راسخة وممتدة ولعل إحياء المشروع الهام الذى قطعت فيه مصر شوطا كبيرا وتوقف قبل تنفيذه مباشرة وهو إطلاق قناة افريقية تبث إرسالها من القاهرة ونرى أهمية القناة فى زيادة الوعى بثقافات شعوب القارة والتقريب بينها وعرض قضايا القارة ومشكلاتها وتعزيز الحوار والتقارب بين أبناء الثقافات واللغات المختلفة فى أقاليم القارة . ولعل التفكير الجدى فى إنشاء جامعة عموم إفريقيا سيتيح الفرصة للتلاقى بين شباب القارة وتبنى نفس النسق القيمى والتعليمى فيزيد الأواصر وحركة التبادل الطلابى وتأكيد دور الشباب عملا بشعار الاتحاد الإفريقى 2017 وهو تسخير العائد الديمغرافى من اجل الاستثمار فى الشباب وليس هناك استثمار فى التعليم . وعلى مصر أن تتابع مع شركائنا فى الصين سبل تطبيق إستراتيجية تصنيع إفريقيا والتى طرحها الرئيس الصينى تشى جان بينج خلال قمة مجموعة العشرين فى هانجشتو فى أغسطس من العام الماضى وربما الدعوة لمؤتمر لمتابعة هذه المبادرة ولعل طرح رؤية كل دول القارة تجاهها تستلزم الدعوة لمؤتمر لبحث المبادرة من مختلف جوانبها فى اجتماع يعقد فى القاهرة مع الجانب الصينى ويجب استمرار التواصل على الصعيد المؤسسى والتفاعل مع هموم ومشكلات القارة وتقديم خبراتنا كما اقترحنا بالنسبة للتعليم والإعلام والتدريب ومكافحة الإرهاب والاستثمار والبنى التحتية التى ستتيح مساحة هامة لنشاط شركاتنا على صعيد أقاليم القارة المختلفة ,الأهم أن نحول مشاعرنا وعواطفنا تجاه إفريقيا لواقع عملى يتوخى صالح القارة ويحقق مصالح شركاتنا . ويبقى ان نتابع مؤتمر الاستثمار فى إفريقيا والذى عقد فى فبراير العام الماضى فى شرم الشيخ وكذلك الموتمر التالى له فى نفس الفترة عن مكافحة الإرهاب فى الساحل والصحراء وأشرف علية السيد وزير الدفاع، وننسق من الآن النسخة الثانية منهما . وموضوع هام آخر ومع طفرة علاج فيرس سى فى مصر فيتم تخصص مراكز طبية للبحث وعلاج مرضى فيروس سى للأفارقة ونسميه المركز الإفريقى لعلاج فيروس سى ونتقدم بمشروعة للقمة القادمة للاتحاد الإفريقى مما يعطى للمركز الطابع القارى المنشود وبما يسمح له من تلقى الدعم من جهات دولية عدة. ما تحتاجة العلاقات المصرية الإفريقية هى تحويلها لسياسات واقعية على الأرض تضم مشروعات ومبادرات واقعية تنفذ وتحول التوجه السياسى العاطفى المبنى على النوايا الموسمية الحسنة لواقع عملى اقتصادى وتنموى واستثمارى وأمنى يفيد مصر وإفريقيا على حد سواء . وختاما يبقى أن نشير الى ان علاقات مصر الإفريقية تسير دوما فى هدى علامات إيجابية تحفظ لها قدر من الثبات وحجم لأبأس بة من الحيوية والانجاز ومن اهم علامات السنوات الأخيرة هى عودة دبلوماسية القمة لممارسة دور فاعل كان موجها لباقى أجهزة الدولة للاهتمام بالقارة الإفريقية ، كما عادت الدبلوماسية البرلمانية لتلعب دورها من خلال لجنة شكلت بالبرلمان لرعاية شئون القارة من مجموعة من النواب أصحاب الخبرة الاقتصادية العلمية والأكاديمية والسياسية مما اعطى ملف العلاقات رعاية منشودة ويواصل الأزهر الشريف دورة فى تعليم مئات من أبناء قارتنا الحبيبة والجامعات المصرية المختلفة، وعدد من رجال الأعمال المخلصين اللذين تحملوا عبء ومخاطر الحركة منفردين باتجاه إفريقيا، وتظل الوكالة المصرية للشراكة من اجل التنمية منارة مضيئة طول الوقت للعمل باتجاه إفريقيا فتحية مستوجبة لكل هؤلاء الذيًن قرروا ان تكون إفريقيا فى قلب وعقل كل مصر. ............................................................................................... مساعد وزير الخارجية الأسبق