تبدو مجموعة «كشك الأورام» للقاص سعيد نوح على طرفى نقيض، فتمزج بين التلقائية والشعرية، وتقدم عراك الحياة اليومية.. وعالما من العشق للغة والرومانسية. ولعل شخصية «أبو توبة» فى قصة «كشك الأورام»، هى نمط غالب، حيث يطلب عملا، لكنه قضى سبع سنوات فى السجن بسبب جريمة قتل عن غير عمد.. القانون يمنع قبل انقضاء سنة.. فلما دعا لى الله مرض المسئول عن الجريمة. بينما تبدو شخصية «ريعو» سائق الميكروباص بكل تناقضاتها ما بين اللين والعنف، والهدوء والانفعال، وهى سمة نمطية فى شخصيات المدن المزدحمة، وقد وظف القاص اللهجة العامية فى حوارات هذه الشخصية، يقول: «أبدا يا باشا يعنى لو كنت مستعجل تيجى معايا سكة، وأنا وأنت على جناح الكريم. تقعد جنبى فى الكابينة، وأنزل الكرسى اللى فى النص وأنت تدفع أجرة نفرين..».. وهو حوار يعبر فى مفرداته وأسلوبه عن الطبقة والثقافة التى تنتمى إليها شخصية السائق«ريعو». وتتسم بعض القصص بالتأمل، كما قصة «إرث 2».. «حين جعل جدته تيمة العطف والعطاء»، فقال: ابتسامتك الأخيرة. «فصيلة دمك. لون عينيك. مساحة الحناء على شعرك وأنت تتوضئين. خلخالك الفضة. فراخ الرومي، وهى تأكل البيض المسلوق من يديك. دعاؤك لأمي..».. كما جسد القاص «الخطيئة» وشخصها فى قصة «كيوبيد الساحر»، حيث شاب ثرى وفتاة صغيرة جميلة فقيرة، يجتمعان فى بيت الثرى بجاردن سيتى: «.. وأمسك بالخطيئة، التى وجدت نفسها فى حضن شريف جوار السرير...». بينما تجلت الرمزية ببعض القصص، منها «حين غدا الغيم سحابا»، حيث قرر العصفور الصغير، أن يطير كى يرى الرب! وقد «بدأت رحلته مع غيمة من الأبخرة.. ثم مع دائرة الضوء، فإذا بها تتسع، ويتساءل: تراه كان الرب؟».. وتابع: «اذا كنت لا أستطيع بلوغ السماء، فعلى الأقل أغرد بالقرب من تلك الغيمة».. فلما كذبه الجميع أنه غنى للرب، لاحظوا أن تحول الغيم سحابا، والغناء فوق كل مكان، وركع الزرع.. والراوى هو القاص فى معظم قصص المجموعة؛ ففى «بانت سعاد» يقول: «...كنا أمام بيت المقدس فرج. ومن هنا ورأينا الزحف يأتى إلينا.. فما كان منا إلا واقتحمنا بيت المقدس؛ لنستجير به من الرمضاء...». الناقد والروائى د. السيد نجم