الى متى تطالعنا الصحف بين الحين والآخر بحادثة اغتصاب طفلة هنا او طفل هناك؟.. وكيف يمكن حماية أطفالنا من هؤلاء الذئاب البشرية الذين تجردوا من كل معانى الإنسانية ومشاعر الرحمة وتحولوا الى حيوانات مفترسة, لم يسترحمهم توسلات طفلة او بكاء وصراخ طفل، ولم تشفع لضحاياهم سنهم الصغيرة حتى ولو كان لم يكمل العامين.. ومن زينة 2013 الى جنى 2017 ومن كان بينهما ومن سبقهما ومن كان بعدهما من أطفال ضحايا هذا التوحش الآدمى الذى طرأ على مجتمعنا فى الآونة الأخيرة, ويصنفه البعض بالظاهرة نفتح مرة أخرى ملف اغتصاب الأطفال ونناقشه من الناحية النفسية والاجتماعية والقانونية والدينية فى السطور التالية: بداية يرجح د.عماد مخيمر أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق الأسباب النفسية التى تدفع المتحرش الى فعلته الشنعاء فى اغتصاب طفل قائلا: أن يكون ذلك المتحرش غائبا عن الوعي بسبب ما يتعاطاه من مخدرات والسبب الثانى غياب الوازع الديني.. أما السبب الثالث فهو أن هناك بعض الأشخاص يعانون من الانحراف الجنسى وهو ما نسميه فى علم النفس «العشق المرضى للأطفال» ومصطلحه العلمى «بيدوفيلا»، وإذا لم يعالج من هذا الانحراف سيظل يلازمه طوال حياته، وسيبحث عن فريسته بشتى الطرق, ويسهل له ذلك بالتأكيد عدم وعى الأطفال بتلك المسائل.. ولذا يجب على الأسرة أن تأخذ فى اعتبارها أنه ممنوع منعا باتا أن ينام طفلان على سرير واحد، وكذلك ممنوع أن يذهب الطفل الى أماكن بعيدة للعب بمفرده او مع أشخاص غرباء او حتى أقاربه دون الأب او الأم، كما يجب أن نعلم الطفل أن جسمه منطقة محرمة على أى أحد يلمسه عدا أمه ولا يجلس على رجل أى أحد، وإذا اقترب منه أحد فى الشارع او النادى او المدرسة بغرض لمس جسمه يصرخ بأعلى صوته لإنقاذه.. وماذا إذا تعرض الطفل للاغتصاب بالفعل فهل يمكن أن يعود طبيعيا بعد تأهيله؟.. أجاب استاذ علم النفس: هنا يكون الطفل قد تعرض لصدمة بالفعل، ولذا يجب تأهيله من خلال معالج او طبيب نفسى يساعد الطفل على تجاوز الصدمة وإدماجه بشكل طبيعى فى المجتمع مع ضرورة إبعاد الطفل عن مكان الواقعة ودعمه نفسيا، فمثلا إذا كان يحب الرسم نتيح له إمكانيات ممارسة هوايته، وإذا كان يحب لعب كرة القدم نمهد له ذلك ونساعده أن يشاهد مباريات نجوم الكرة الذين يحبهم من النادى المفضل لديه، وهكذا.. وبجانب العلاج النفسى العلاج الجسمانى من أثر ذلك الاعتداء الذى من الممكن أن يكون قد سبب له جرحا.. وقد تستغرق مدة التأهيل النفسى هذه من شهرين الى ستة أشهر حسب تأثير الصدمة على الطفل.. وكيف تكتشف الأم أن طفلها قد تعرض للاغتصاب؟.. أوضح أنه: ستلاحظ عليه أنه فاقد للشهية وليس لديه القدرة على التركيز فى المذاكرة ويكون نومه مضطربا ولا يجرؤ على التواصل مع أهله ويحاول إخفاء وجهه دائما ويدخل الحمام كثيرا، أما الأثر السريع الذى يمكن اكتشافه بسهولة عقب الاعتداء تلوث ملابسه الداخلية بالدماء. ويرى د.رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة حلوان أن المتحرش بالأطفال إنسان فاقد الدين اوأنه مختل عقليا.. وفاقد الدين ليس عنده حياء وليست لديه قيم يحترم من خلالها الآخرين ولايعرف أن هناك رقابة عليه من الله سبحانه وتعالي، وبالتالى هو عبارة عن جسد أجوف يستغل غرائزه مثل الحيوانات وقد يرتكب جريمة القتل فى حالة الخوف من افتضاح أمره، وهذا النوع من المتحرشين لديه ذكاء اجتماعى يستغله فى الانحراف ويعرف يصطاد فريسته فى أوقات ليس فيها رقابة على الطفل، يرتكب سلوكا دون أن يدرك عواقبه وغالبا ما يطلق عليه «سيكوباتي» أى لا يراعى ملة او ذمة عند ارتكاب جريمته.. ويرى أن أسباب تلك الجرائم هو عدم وجود الرقابة الكافية على الأطفال وانشغال الأب والأم عن التنشئة الاجتماعية وترك ذلك لثقافة الشارع، وكثرة الأفلام والصور التى تحض على الرذيلة.. ويختتم أستاذ تنظيم المجتمع رؤيته بضرورة تدريس التربية الدينية الإسلامية والمسيحية فى المدارس وإدخالها فى المجموع وضرورة وجود الاخصائى النفسى والاجتماعى فى المدارس للرقابة غير المباشرة للتلاميذ. أما د.فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فتؤكد أن القانون الحالى كفيل بالفعل بردع مغتصب الأطفال ولكن المهم أن ينفذ.. أما المواجهة فتلخصها فى القضاء على المخدرات والبطالة والتفكك الأسري. بينما يرى د. نبيل حلمى أستاذ القانون وعميد حقوق الزقازيق الأسبق ضرورة تغليظ العقوبة على مغتصب الأطفال ويقول: لذا يجب تقليل الضوابط التى تقيد القاضى لكى يصل الى الإعدام دون تعقيد, وكذلك سرعة الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة فى مثل تلك الأمور مع الاحتفاظ بسرية شخصية الطفل المجنى عليه وعدم ظهوره فى الإعلام وإطلاق اسم حركى له عند إثارة القضية على الرأى العام حرصا على مستقبله. ويجزم د. عبد المهدى عبد القادر أستاذ الحديث بجامعة الأزهر أن مواجهة اغتصاب الأطفال لا تأتى إلا بإيقاظ منظومة الأخلاق وعلينا ألا نتسابق فى مساويء الأخلاق ونلاحظها فى بيوتنا وفى كل مكان حتى تكون الأخلاق هى نمط الحياة.