عندما عرف اليونان المسرح قبل الميلاد ونظْر له «أرسطو» رأى أن الهدف من مشاهدة الأعمال المسرحية الجادة هو الوصول بالمتلقى إلى حالة «التطهير» والتى تثير لديه حاستى الخوف والشفقة،ومن ثم يتخلص منهما ويحدث له عملية التطهير والتفريغ على المستوى الجسدى والعاطفي، والتى تجعل الشخص أكثر صحية، وأقوى انفعالاً, وفى العصر الحديث يقول «جاك كوبو» المخرج والمنظر المسرحي: «إن المسرح يخاطب الذكاء، وطريقة الحكم والتفكير، وقدرات النفس كافة وردود فعلها؛ وعلى المسرح أن يأتى للإنسان بأسباب تحمله على الإيمان، والأمل والانطلاق. كذلك يوصى «ميكافيلي» الأمير فى كتابه:«عليك محاربة أعدائك بالدراما».هكذا هو دور المسرح على فترات تاريخية متباعدة مهما أختلفت تياراته وأشكاله وقوالبه سواء كان على مستوى النص الدرامى أو على مستوى العرض الجمالى والترفيهي, الهدف واحد وهو الوصول بالمتلقى إلى حالة من الرقى الأخلاقى أو السلوكي, بينما هذه رسالة الفن المسرحى الذى اتفق عليها رجال المسرح فى العصور والثقافات المختلفة، تظهر لنا بعض العروض الأخرى تسيء لهذا المفهوم التاريخى وتفرض شكلا ركيكا للمسرح, ومع الوقت يزداد انتشارا خاصة أنه يخاطب الفئة الأسهل فى المجتمع فى المقابل يُحَارب المسرح الحقيقى للاستمرار فى ظل ظروف صعبة ما بين ظروف اقتصادية وأخرى ثقافية، فتتغير صورة الفن المسرحى لدى العامة بل وتتغير أيضا عند بعض الفئات الخاصة بالمجتمع، وتظهر آراء مختلفة حول أهمية المسرح من عدمه, إلى أن يصل بنا الحال ليطلق البعض على موقع الجرائم «مسرح الجريمة» وهو مصطلح غير مناسب لا على المستوى الفنى ولا على المستوى الأمني, ليتحول مصطلح المسرح من مسرح الفكر والخيال والرقى والمتعة الذهنية إلى مصطلح ارتبط بالقتل والهجوم والعنف. ليس هذا فحسب بل يتطور الأمر ليصل إلى تحريم المسارح بل وغلقها فى ظل الظروف الصعبة التى تواجه المجتمع وفى فترات إعلان الحداد وكأن المسرح هو مكان للاحتفالات المزاجية متناسين دورا المسرح على مر التاريخ وكيف كان له دور مهم فى ظل الظروف الصعبة التى مرت بها البلاد، ونعرف جميعا أن أزهى فترات المسرح المصرى كانت فى الستينات وهى الفترة التى كان يمر بها الوطن بأزمة سياسية واقتصادية بينما يولد فى هذه الفترة أعظم الكتاب والمخرجين والممثلين، والعروض المسرحية. إذن فالمسرح الحقيقى له دوره الفعال فى بنية المجتمعات وليس بهذه السطحية التى ألصقها به البعض.