◄ المكفول لا يرث كافله ويجوز الهبة أو الوصية ◄ لكافل مجهولِ النسب أن يضيف للطفل لقبَ العائلة تعد كفالة اليتيم من أجل الأعمال وأعظمها ثوابا عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث أمر القرآن برعايته والقيام له بمصالحه والتحذير من أذيته وإهماله، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القائم بكفالة اليتيم في المقام الأسمى وهو رفقة النبى فى الجنة؛ حيث قال : «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا» وأشار بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وقال فى حديث آخر«كَافِلُ الْيَتِيمِ له أو لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهَاتَيْنِ في الْجَنَّةِ» وأشار بإصبعيه السبَّابَة والوُسْطَى. وكثيرا ما ترد تساؤلات من القراء حول الضوابط الشرعية لكفالة اليتيم، وما مدة هذه الكفالة، وأحوال الميراث والهبة والصدقة بين الكافل والمكفول، وما حكم إضافة لقب عائلة الكافل للطفل اليتيم ومجهول النسب؟ ومن جانبنا طرحنا تلك التساؤلات على دار الإفتاء المصرية وعدد من علماء الدين لبيان الحكم الشرعي في تلك التساؤلات. ويقول الدكتور مجدى عاشور المستشار الأكاديمى لمفتى الجمهورية، إن كفالة اليتيم على نوعين: ماليةٌ، وأدبية، وهي بنوعيها من أنواع التبرع، وهو: بَذْل الْمُكَلَّفِ مَالًا أَوْ مَنْفَعَةً لِغَيْرِهِ فِي الْحَالِ أَوِ الْمَآلِ بِلا عِوَضٍ، بِقَصْدِ الْبِرِّ وَالْمَعْرُوفِ غَالِبًا، وفي الكفالة المتعارَف عليها والتي تقوم بها دُور الأيتام يبذل الكافل للمكفول المالَ والمنفعةَ معًا، فهي مُتَحَقِّقَةٌ شرعًا ويترتب عليها الثواب بحصول أَحَدِ نوعيها أو كليهما، الماليّ منها، والأدبيّ. إضافة لقب العائلة وعن حكم إضافة لقب العائلة إلى اليتيم المكفول، يوضح الدكتور مجدى عاشور، أنه يجوز شرعًا لكافل الطفل اليتيم أو مجهولِ النسب أن يضيف لقبَ عائلةِ ذلك الكافل - سواء أكان رجلاً أم امرأة- إلى اسم الطفل أو تغيير الاسم الأخير من اسم الطفل إلى اسم تلك العائلة، بحيث يظهر مطلق الانتماء إليها دون الإخلال أو التدليس بأنه ابنه أو ابنته من صلبه؛ حتى لا يدخل في نطاق التبني المحرم شرعًا، بل إن تلك الإضافة ستكون مثل عُلقة الولاء التي كانت بين القبائل العربية قديمًا، والولاء جائز شرعًا، ويحقق مصلحة الطفل في مراحله العمرية المختلفة مع الاحتفاظ بالأحكام الشرعية من حرمة التبني وما يترتب عليه من آثار شرعية. وأشار إلى أن التبنى هو اتخاذ الشخص ولدَ غيرِه ابنًا له، وقد حَرَّم الإسلامُ التبني وأبطل كل آثاره، وذلك بقوله تعالى«وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ..«، وأمر من كفل أحدًا ألا ينسبه إلى نفسه، وإنما ينسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف، فإن جُهل أبوه دُعِيَ »مولًى« أو«أخًا في الدين«، قال تعالى« ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم«، وبذلك منع الناس من تغيير الحقائق، وصان حقوق الورثة من الضياع أو الانتقاص، وحفظ من اختلاط الأجانب وخلوتهم ببعض، المتمثلة في اختلاط المتبنى بمحارم المتبني، أو المتبناة بالمتبني وأبنائه وأقاربه، وذلك لأن المعتاد بين الناس التخاطب باسم الإنسان وأبيه وعائلته؛ فإذا سمح بتغيير اسم الأب والأم واللقب كان ذلك تدليسًا بنسبة الطفل إلى الكافل أو الكافلة، وإنما الجائز إظهار مُطْلَق الانتماء إلى العائلة الحاصل بإضافة لقب الكافل وحده دون اسمه، فإذا تعدى ذلك إلى التدليس بادِّعاء البُنُوَّة الصُّلْبِيَّة أو ما يُشعِر بها عن طريق إضافة الاسم الأول فإنه ينتقل من نطاق إظهار مطلق الانتماء إلى التبني المحرم المنهي عنه. مدة الكفالة وعن السن أو المَرحَلَة التي يبلغها اليتيم لتنتهى فيها كفَالته، يقول: إن الكفالة لا تتوقف بمجرد بلوغ اليتيم، بل تستمر حتى استغنائه عن الناس وبلوغه الحد الذى يكون فيه قادرا على الاستقلال بشئونه والاكتساب بنفسه؛ فالكفالة باقية ما بقيت الحاجة إليها، وأجْرها مُستَمِرٌّ ما دام مُقتَضِيها باقيًا، موضحا أن تحديد المرحلة أو السنّ التي يتم فيها استقلالُ اليتيم بنفسه رعايةً وكفايةً واكتسابًا بحيث تنتهي كفالته عندها، هو أمرٌ يخضع لحالته وقدراته الذاتية واستعداده النفسي، كما يخضع للعرف والنظام المجتمعي وطبيعة العصر الذي يحيا فيه؛ قال تعالى«وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ«. وأضاف: إن مرامى الإسلام ومقاصده من كفالة اليتيم تتجلى في رعايته في جميع شئون حياته ومعيشته مأكلا ومشربًا وملبسًا ومسكنًا وتأديبًا وتعليمًا وتثقيفًا وزواجًا، وغير ذلك من ضروريات الحياة وحاجياتها؛ كما يصنع الوالدان بولدهما سواءً بسواءٍ. مجهول النسب وحول كفالة مجهولى النَّسب، أكد الدكتور مجدى عاشور، أنه إذا تكفلت أسرة بتربية طفل يتيم معلوم النسب لا وصيَّ له أو طفل مجهول النَّسَب؛ لينشأ بين أفرادها، ويتمتع برعايتها وإنفاق عائلها عليه كفردٍ من أفرادها؛ عِوَضًا عمَّا فقده من جو أسرى، فإن هذا يُعَدُّ عَمَلا خَيْرِيًّا عَظِيمًا يَهْدُفُ إلى توفير بِيئَةٍ صَالِحَةٍ للأطفال الذين فقدوا عوائلهم، صيانة لهم من الضَّياع، وعملا على أن يكونوا أفرادًا صالحين في مجتمعاتهم، نافعين لها، وإذا كانت العِلَّةُ في فضيلة كفالة اليتيم حِرْمانَه من أبيه فهذه العلة مُتَحَقِّقَة في مجهول النسب بصورة أشد تأثيرًا في النفس وفي أمور الحياة التي تحتاج إلى مزيدٍ من العناية. وأضاف أن الشرع الشريف حدد الكفالة بضوابط شرعية تدور في مجملها بين مراعاة الأحكام في تحريم الخلوة بالأجنبى، وتوفير الجو الأسرى الذي يُؤمن فيه على دين المكفول ودنياه، والأصل أن المكفول أجنبيٌّ عن كافله وزوجه وأصولهما وفروعهما، وهو أجنبيٌّ أيضًا عن المكفول الآخر معه؛ ذكرًا كان أم أنثى، ومن ثم فإن أحكام المحرمية التي بين المحارم لا تجري هنا إلا إذا رضع المكفول، رضاعًا محرِّمًا، في سن الرضاع، ممن يثبت برضاعه منه علاقةُ المحرمية بين الكافلين؛ كزوجة الكافل أو أمها أو بنتها. لا يورث وحول شروط وضوابط ميراث اليتيم من الكافل، يوضح الدكتور خالد راتب من علماء الأزهر، أن الابن المكفول لا يرث من الأب أو الأم الكافلين له، لأن الكفالة ليست من أسباب الإرث، فلا توارث بين الكافل والمكفول، وكلاهما يرثه أقاربه بالفرض أو التعصيب، لكن يجوز للكافل فى أثناء حياته أن يكتب شيئًا من ثروته للطفل المكفول، وهذاعلى سبيل الهبة حال الحياة، أوالوصية بعد الموت، وليس على سبيل الإرث، مؤكدا أن الله سبحانه وتعالى أمر بإعطاء اليتامى أموالهم وحذر من أكلها بالباطل, كما أمر القرآن الكريم الوصى أو الكفيل بالتصرف المصلحى في أموال اليتامى، فإذا كان الوصي غنياً فليستعفف، وإذا كان الوصي فقيرا، فله أجره بالمعروف المتعارف عليه في المجتمع, والأمر باستعفاف الوصى أو الكفيل عند الغنى، والأكل بالمعروف عند الفقر حتى لا يأكل الوصى أموال اليتامى ويستهلكها قبل أن يبلغ اليتيم مبلغ الرشد؛ وذلك لأن الواجب على من يلى أموال اليتامى ألا يتصرف فيها إلا إذا كان في ذلك مصلحة لليتيم. وأشار إلى أن اليتيم لا تجرى عليه أحكام التحريم بالقرابة، فإذا أرادت الأم أن تحرمه عليها وعلى بناتها ليظهروا عليه عند بلوغه، فلها أن ترضعه خمس رضعات مشبعات -إذا كان عمر الطفل أقل من سنتين-، وبذلك يصير ابنا لهذه الأم، وأخا من الرضاعة لبناتها، وكذلك الأمر نفسه مع اليتيمة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ».