إن تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف الذى أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى إنشاءه هو خطوة إيجابية من شأنها مجابهة الإرهاب واقتلاعه من جذوره ، لكن من المؤكد أن المواجهة الأمنية مهما تكن قوتها حتى فى أكبر الدول لا يمكنها وحدها التصدى للتطرف والإرهاب وتحتاج إلى مشاركة دولية ومجتمعية وهى تبدأ بدور الأسرة ومشاركة مؤسسات الدولة التعليمة والثقافية والإعلامية والرياضية والدينية ..وبات تحصين وحماية الأبناء ضد وباء التطرف أمرا حتميا.. والسؤال كيف يمكن تحقيق ذلك؟ د. محمد رجائى استشارى الصحة النفسية يقول :إن حماية الأبناء من التشدد والتطرف وإعدادهم للمستقبل المنوط به بناء وحماية الأوطان يبدأ بوعى الأسرة خاصة الأم بدورها ومسئوليتها فى التربية وبناء جسور من التواصل الإيجابى بين الآباء والآبناء، وإعلاء شأن الأبناء والثناء عليهم خاصة أمام الآخرين، وإبراز محاسنهم الشكلية والسلوكية والفكرية، ولابد من احترام أفكار الأبناء واتجاهاتهم، والتخفيف من التوجيهات والتعليمات والتوصيات المباشرة والمستمرة، والتعبير عن حب الوطن أمام الأبناء بالأفعال قبل الأقوال، بالإخلاص فى العمل واحترام القوانين وعدم إلقاء القمامة بالشارع والذى من شأنه أن يسهم فى تكوين شخصية إيجابية واعية وطنية، وعدم السخرية من الآخرين والتقليل منهم أمام الأبناء وزرع تقبل الاختلاف مع عدم التعصب سواء لفكر أو رأى وتوفير البيئة الأسرية الصحية التى يغلب عليها الحب والاحترام والتسامح والترابط والاحتواء. وعند ظهور أى علامات اضطراب سلوكى أو عدوانى على الطفل يجب الاهتمام بتصحيح سلوكه وكلما كان العلاج مبكرا كان أفضل. وأضاف أن على المدرسة أيضا دورا كبيرا فى ترسيخ الأفكار والمفاهيم الدينية والوطنية الصحيحة وقبول الآخر من خلال المشاركة الإيجابية بين جميع الزملاء منذ الحضانة، وضرورة الاهتمام بتطوير المناهج الدراسية مع التركيز على غرس القيم الإنسانية، أيضا تطوير المدرسين وإعطاؤهم دوارت تدريبية وتأهيلية لفهم سيكولوجية وفكر الطلاب فى جميع المراحل العمرية، والاهتمام بالرحلات المدرسية وزيارة المتاحف والمعالم الأثرية والتاريخية والاهتمام بحصص الفنون والمسرح المدرسى والأنشطة الرياضية المختلفة مثل الشعر والموسيقى والرسم، فالطالب الذى يرسم ويعزف على آلة موسيقية ينعكس على نفسيته ويرسخ عنده وحب الجمال والحياة ويبعث فيه الطاقة الإيجابية كل ذلك يسهم فى حمايته وتحصينه ضد التطرف والكراهية والإرهاب. د. نجلاء سلامة أستاذ الصحافة والإعلام كلية التربية النوعية جامعة الزقازيق تقول: إن القانون وحده لا يكفى لردع الإرهاب، ويحتاج مساهمة جميع الأجهزة التربوية والإعلامية ودورالعبادة والأسرة والمؤسسات التعليمية، ويعتبر الإعلام من أبرز الوسائل التى تؤثرعلى الرأى خاصة الإعلام المرئى والإلكترونى الذى يتناسب مع طبيعة الأبناء والشباب لتحقيق الدور المنشود منه، فيجب إعداد برامج تنموية لإعلام الشباب بأهم الإنجازات وفرص العمل المتاحة مع التركيز على برامج التوعية والإرشاد والتنسيق المشترك بين وسائل الإعلام المختلفة والهيئات التى توفر فرص العمل للشباب حيث إن الشباب يعانى الإحباط نظرا لانتشار البطالة وقلة فرص العمل، كذلك الاهتمام والتركيز على برامج توعية الأسرة والطرق الصحيحة فى التربية والاكتشاف المبكر لأى تغيرات تطرأ على الأبناء، أيضا تدريب الإعلاميين للتعامل مع المشكلة وتأكيد تفعيل ميثاق العمل الإعلامى والضمير الأخلاقى والمصداقية والأعمال الهادفة والحفاظ على وسطية الخطاب الدينى غير المتشدد. أما الكاتبة والناقدة السينمائية خيرية البشلاوى فترى أن التطرف أنواع وأشكال منها التطرف الدموى الذى ابتلينا به منذ عقود تحت دعاوى دينية وهمية مضللة، وهناك التطرف الناعم الذى يلون شاشات التليفزيون والسينما ويتبناه أصحاب رءوس الأموال ودول تنفق المليارات على حبكات درامية ورسائل خفية وظاهرة من العنف والانحراف الاجتماعى والسلوكى والجنسى، بالتزامن مع تجاهل قضايا الإنسان والتاريخ المصرى والعربى والنماذج والشخصيات الإيجابية الوطنية بهدف تشوية العقل والوجدان للأسرة وتدمير الشخصية المصرية وتدمير التماسك المجتمعى والأخلاقى، واختراق فكر وعقول الأبناء وشرائح من الشباب المتأثر بالسلبيات السياسة التعليمية والبطالة والفوضى وغياب القدوة والانتماء للوطن. إن مواجهة التطرف تحتاج توحيد الصفوف والرؤى وتبدأ من البيت، المدرسة،علماء الدين وصناع الدراما فى استعادة الشخصية المصرية والقيم الأخلاقية ومفاهيم الدين الصحيح. كما نحتاج إلى تقديم النماذج الايجابية وتضحياتها للمجتمع من خلال التوعية المباشرة والدراما.