حتى بدايات القرن العشرين ظلت الولاياتالمتحدة بعيدة عن الانخراط فى الصراعات الدولية,منكفئة على ذاتها فى نصف الكرة الغربي,حتى كان ابريل 1917 عندما قررالرئيس الأمريكى ويلسون إسقاط هذا المبدأ وتغيير العقيدة الأمنية بإعلانه دخول بلاده الحرب ضد المانيا على وجه التحديد، وقد لعب القرار الأمريكى بالتدخل إلى جانب الحلفاء دورا مهما فى حسم الحرب لصالحهم بعد عام على وجه التقريب حيث منيت المانيا بهزيمة ثقيلة أدت إلى تغيير شكل النظام السياسى العالمى فى السنوات التالية، المقصود من التذكير بهذه الحقيقة التاريخية الإشارة إلى أن دخول واشنطن الحرب جاء متأخرا,إلا أن الضربات الأمريكية جاءت حاسمة فى هذا المجال، وأغلب الظن أن هذا الأسلوب الأمريكى تحول من وقتها إلى ما يشبه المنهج المتبع فى التعامل مع كثير من الأزمات,وهو أقرب ما يكون إلى الأساليب«المكيافيلية«التى ترى الأطراف العالمية غارقة فى صراعات ومعارك,عاجزة عن تقديم أى حلول لإنهائها أوالخروج منها لسنوات,وعادة ما تترك هذه الصراعات تأخذ مداها قبل أن تتدخل للحسم الذى تسبقه ضربات عنيفة تخلخل الأطراف المستهدفة,مما دفع البعض إلى اعتبارها«ضربات حل«,وبعد مائة عام بالتمام والكمال قد يكون من المناسب تسميتها ب«قرن المكيافيلية الأمريكية«هذه محاولة لفهم التحول الكبير الذى طرأ على الأزمة السورية بالهجوم الأمريكى المفاجئ على قاعدة«الشعيرات«الجوية وبدون استباق الأحداث فقد يكون من المناسب التعامل مع هجوم«الشعيرات«على أنه مقدمة حقيقية لضربة حل أمريكية لتسوية الأزمة السورية مع فشل كل الجهود الدولية والإقليمية لتسويتها,وقد يساعدها على ذلك بالفعل محدودية الخيارات الإستراتيجية الروسية على أرض الواقع. لمزيد من مقالات عماد عريان;