القوانين مهمة جدا لمواجهته ..الأمن ضرورة حتمية لردعه وكسر شوكته .. لكن الأهم هو تصحيح العقول منذ البداية بالتربية والتعليم والثقافة لصناعة عقول عصية علي استغلالها في العنف . في البداية لا مفر من استمرار حالة الطوارئ لفترة كافية وتطبيقها بحزم وصرامة علي من يهدد امن هذا الوطن, وأن يؤخذ كل من يحرض علي الاخوة الاقباط قولا, واعتبار المساس بالوحدة الوطنية من الكبائر, حيث ان اعداءنا لن يستطيعوا إضعاف مصر الا بتقسيمها الي مسلم ومسيحي, فليس لدينا ما يتم تقسيمه في بلدنا غير ذلك, وهي وسيلة في منتهي الخطورة وغير محسوبة العواقب. هكذا قال الدكتور رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع مضيفا اننا في حاجة الي اعادة بناء ثقافة هذا المجتمع من خلال تكاتف جميع الطوائف من فن وسينما وشعر وموسيقي وأدب وقصص ومسرحيات وغيرها لكي تقدم لنا ما ينظف العقل الاسلامي بما تلوثه قوي الظلام التي تدعو الي العنف والتحريض ضد الاخوة المسيحيين, مؤكدا ضرورة مواجهة الفتاوي السلفية الهمجية المعادية لصحيح الاسلام, لان صحيح الدين هو الذي يقدم للمواطن الشريعة الغراء التي تتلاءم مع زمانه ومكانه وعصره وعلمه وعقله. وفي الوقت نفسه يطالب السعيد بضرورة اعداد مناهج موحدة للتربية الدينية و الوطنية,حيث ان الطالب المسلم كما يقول يبدأ في دراسة الدين من خلال مدرس اللغة العربية, والمسيحي يقوم بالتدريس له مدرس الفيزياء المسيحي, ولا هذا يعرف,ولا ذاك يعرف كيف يدرس الدين! وقال: إننا بحاجة الي تجديد حقيقي للخطاب الديني, فالمشكلة كما يوضح السعيد ان البعض من شيوخ الازهر الشريف اوهمونا و يوهمو انفسهم انهم بصدد عملية تجديد للخطاب الديني, ويستمر ذلك منذ 30 سنة ولا يوجد تجديد, وذلك لانهم يصممون علي تدريس فقه المذاهب الاربعة كما هو دون اي تحديث فيهم, في حين ان الائمة الاربعة انفسهم لم يفرضوا رأيهم علي أحد, فالامام الشافعي علي سبيل المثال قال ارأينا صوابا يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصوابب, والإمام ابو حنيفة قال اهذا ما نراه ومن كان لديه افضل منه فليأتي بهب,و الامام مالك قالبكل امرئ يؤخذ من قوله ويرد الا صاحب هذا القبر, واشار الي قبر الرسول صلي الله عليه وسلمب . اذن فكيف يكون التمسك بفقه تمت صياغته منذ 6 قرون او اكثر,اجتهد فيه هؤلاء الفقهاء, وهم بالمناسبة ليسوا أربعة فقط, بل هناك مئات الفقهاء غيرهم من الذين فهموا القرآن و الحديث الصحيح وفق عقلهم ورؤيتهم و العرف السائد في بلادهم ومستوي التعليم الذي وصلوا اليه, وقدرتهم علي تفهم ما أتي به القرآن من آيات غامضة,, ولكن بعد مرور 6 أو 7 قرون يتغير العقل و الفهم و التكنولوجيا و العلوم كل يوم و الآلات تتجدد كل يوم . وهنا نكتشف اننا نعلم تلاميذ الأزهر و نعلم الشعب كله بأراء تتناقض مع السائد من علم و معرفة, وهنا ينشأ التناقض في عقل الفتي الآتي من الفيوم ليشعر ان كل هذا المجتمع كافر, وبالتالي كما يقول السعيد نحن الذين ربيناه عل ذلك, ونسأل لماذا لم يناقش امير الجماعة,ونجيب لانه تعلم الا يناقش المدرس في الفصل, ولماذا لم يحاول فهم الأيات القرأنية فهما صحيحا وليس كما يلقنها له المتأسلمون, ونجيب بأنه تعود بأن يحفظ آيات قرآنية لا يفهمها. علي هذا الاساس نحن بحاجة الي تعليم جديد و الي فهم جديد لفقه جديد, وسوف يستغرق ذلك زمنا, خلال هذا الزمن نحن نستأذن اجهزة الاعلام المقروءة و المرئية ان تكون فاعل خير في هذا المجتمع, والا تزيد من ارباك الوضع وارباك العلاقات بين الاخوة المسيحيين و المسلمين. كما يجب ان يكون هناك ردع ونحن الان بصدد اصدار قانون للاعلام, فلابد من وضع خطوط حمراء يعاقب عقابا صارما من يتجاوزها, سواء بالتحريض علي التمييز الديني, او بترويج افكار متأسلمة وليست اسلاما صحيحا . ثروت الخرباوي الخبير في شئون الاسلام السياسي يري اننا تأخرنا كثيرا خاصة في المواجهة الفكرية مع تلك العصابات, وان هناك قصورا لاستخدام نفس الوسائل والمفاهيم المتعارف عليها, فقد باتت معروفة لدي الجماعات الارهابية, واصبحت لا تقوي علي كشف اساليب تلك الجماعات في التفكير والتنظيم, مؤكدا ضرورة تطوير الاداء الامني وبأقصي سرعة حيث انه اصبح يفتقد الي المعلومات, خاصة انه في السنوات الثلاث الاخيرة انضم الي جماعة الاخوان الارهابية الكثير والكثير من اشخاص لا يعلم الامن عنهم شيئا, مما يمثل صعوبة بالغة في الوصول اليهم في حالة ارتكابهم اي جرائم,فهم بمثابة الشبح بالنسبة للجهات الامنية. في الوقت نفسه يشير الخرباوي الي اهمية ان تكون هناك عمليات استباقية لضرب بؤر الارهاب وعناصره قبل ارتكابهم الجرائم المختلفة, حيث ان التحرك غالبا ما يتم بعد حدوث العمليات الخسيسة وليس قبلها, مطالبا بضرورة اعادة تعيين الافراد الذين تم الاستغناء عنهم في الامن الوطني حيث انهم كانوا علي دراية واسعة وإلمام شامل بملفات التطرف الديني, كذلك الافراد الذين تجاوزوا السن واصبح من المستحيل عودتهم, فيجب الاستعانة بهم كمستشارين في ملف التطرف الديني,حيث انهم يعلمون كل كبيرة وصغيرة عن ذلك الملف الاسود. ويعرب الخرباوي عن امله ان تكون هناك ثقافة مجتمعية من خلال الحملات الاعلامية في الصحف والراديو والتليفزيون تسهم في تكوين رؤية لدي كل شخص عن كيفية مواجهة الارهاب والقنابل المفخخة. اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الاسبق يؤكد ان الامن وحده بمعناه الواسع متمثلا في القوات المسلحة والشرطة اصبح لا يكفي وبات تقليديا, فكان لابد من اتخاذ اجراءات اخري غاية في الاهمية, وبالفعل جاء مؤخرا العلاج الحاسم والمواجهة التي تتناسب مع شراسة الارهاب وتفاقمه, وقد تمثل هذا العلاج في ثلاثة محاور اتخذها مؤخرا الرئيس السيسي وهي اعلان حالة الطوارئ وتعديل قانون الاجراءات الجنائية وايضا انشاء المجلس القومي لمكافحة الارهاب, حيث ان هذه المحاور الثلاثة تعد دعما ماديا ومعنويا لاجهزة الامن سواء كانت القوات المسلحة او الشرطة ليتسني لها من خلالها التصدي الحاسم والفعال لمكافحة الارهاب. فلو نظرنا كما يوضح البسيوني الي البند الاول وهو حالة الطوارئ لوجدناه يمنح رئيس الدولة اصدار قرارات لتنفيذ اي من مواد قانون الطوارئ التي تتواءم مع واقع الحال سواء لمواجهة الاسلوب الاجرامي او البؤر التي يكمنون بها او المنطقة التي يمارسون فيها نشاطهم, كذلك نجد في هذا القانون ما يواجه الجريمة الالكترونية التي تبث التخطيط والتحريض والرصد للاماكن والاشخاص المستهدفين. ومن اهم ما يواجه الجرائم الارهابية من بين مواد هذا القانون هو حق رئيس الجمهورية في احالة ما يراه من جرائم مخلة بأمن الدولة الي محاكمات عسكرية ليست فيها اجراءات الطعن بالنقض., وبصفة عامة يمكن القول بأن قانون الطوارئ ولمدة ثلاثة اشهر قد تكفي في ذاتها الي الحد تماما من الجرائم الارهابية. ثانيا كما يوضح البسيوني بالنسبة لقانون الاجراءات الجنائية فقد لمس الجميع بطء المحاكمات التي مضت عليها عدة سنوات وامامنا الامثلة كما حدث في قضية حبارة و قضية المستشار هشام بركات وغيرهما من القضايا التي اصبح القصاص فيها ضعيف الاثر لاطالة المدة,فإذا ما كان هذا القانون يمنح اجهزة الامن المعنية بمكافحة الارهاب بالتحفظ علي المشتبه فيهم والعرض علي النيابة خلال ثلاثين يوما بدلا من 24 ساعة فإن ذلك وبلا شك يمنح الجهاز الامني الفرصة الكافية لاعداد القضية من حيث ادلة الثبوت المادية او الشهود وكل ما يدعم القضية حتي تكون امام النيابة مستوفاة وكاملة الاركان بما يساعد علي عدم افلات المتهم من العقوبة لعدم كفاية الأدلة او ضعفها. اما عن المحور الثالث وهو انشاء المجلس القومي لمكافحة الارهاب فهو عين الصواب, لان ما كان يتبع هو المواجهة الامنية فقط علما بأن الارهاب وكما كشفت القضايا ترتكبه عناصر توقف تفكيرها بسموم عقائدية خاطئة, وان القصور كان واضحا في التعليم وهو تربية النشء, كذلك ما فعله الاخوان في سنة الحكم من بث وتعيين عناصر اخوانية بكافة الوزارات والمصالح الحكومية وهو ماكان يشكل خطرا علي الامن القومي. ومن هنا كان لابد ان نواجه الارهاب من خلال التعليم والثقافة والشباب والحكم المحلي والازهر والاوقاف, وبكل اسف ان هذه الجهات تكاد ينعدم دورها في مواجهة الارهاب الا القليل منها, ومن ثم كان لابد وان يكون هناك مجلس رسمي يخضع للرئاسة يتكون من تلك المؤسسات جميعها التي اشرنا اليها, ويزيد عليها مجموعة من الخبراء والباحثين حتي يكون لكل دوره الملزم لمواجهة الارهاب من خلال تنسيق علي منضدة واحدة تطرح عليها كافة المعلومات والتحديات والمقترحات الواجبة للعلاج.