فى خطوة تاريخية اعتبرها المراقبون الأهم التى تشهدها المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى رسميا تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لتبدأ بلادها عملية الخروج الفعلى من عضوية الاتحاد الأوروبى بعد عضوية استمرت 45 عاما، وعقب تسعة أشهر من التصويت الشعبى لصالح الخروج من التكتل الأوروبى فى يونيو الماضي. ووقعت ماى خطابا رسميا على أن يسلمه السفير البريطانى لدى الاتحاد إلى رئيس المجلس الأوروبى دونالد تاسك ويبدأ بموجبه العمل رسميا بالمادة رقم 50 التى ستطلق مفاوضات لفض العضوية البريطانية ينص القانون على استمرارها لمدة عامين وحتى 29 مارس 2019، مع إمكانية تمديدها بعد هذا التاريخ وفقا لتوافق الطرفين وإقرار الدول ال 27 الأخرى فى الاتحاد. وتعد المملكة المتحدة أول دولة تغادر عضوية الاتحاد منذ قيامه. وقبل وصول الوثيقة، اتصلت ماى بعدد من القادة الأوربيين الكبار، مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، بالإضافة لرئيس الاتحاد الأوروبى دونالد توسك. وكانت ماى قد دعت فى كلمة أمام مجلس العموم البريطاني» البرلمان» إلى الوحدة، مؤكدة التزامها بتمثيل جميع فئات المجتمع البريطاني. وقالت ماي: « عندما سأجلس إلى طاولة المفاوضات فى الأشهر المقبلة، سأمثل كل الناس فى المملكة المتحدة، الشباب والمسنين، الأثرياء والفقراء ... وأيضا المواطنين الأوروبيين الذين اتخذوا من هذا البلد موطنا لهم، أنا مصممة على التوصل لاتفاقية ترضى كل شخص فى هذا البلد». وتأتى دعوة ماى للوحدة فيما تتواصل حالة الانقسام البريطانى حول مسألة الخروج من عضوية الاتحاد، فقد تظاهر أمس الآلاف فى وسط لندن وفى أدنبرة رفضا للخروج من التكتل الأوروبي، وسط مخاوف من تأثير الخروج على دور بريطانيا الدولى والإقليمى بالإضافة إلى وحدتها، وذلك بعدما صوت البرلمان الإسكتلندى يوم الثلاثاء الماضى بالموافقة على إجراء إستفتاء ثان للاستقلال عن بريطانيا. وعقد مسئولو الاتحاد الأوروبى اجتماعا لعقد مشاورات فورية حول مسألة الخروج البريطاني، وتعهدوا فى ختامه بإجراء مفاوضات « بناءة» مع الجانب البريطانى خلال الشهور المقبلة. ومن المقرر أن يعقد قادة الإتحاد الأوروبى يوم 29 إبريل المقبل قمة لبحث مفاوضات خروج بريطانيا وتحديد المجالات الأساسية لتغطيتها خلال عملية التفاوض، علما أن بريطانيا تعطى الأولوية فى مفاوضاتها المزمعة إلى موضوعات العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبى عقب خروجها من السوق الأوروبى الموحد والتوصل لاتفاق اقتصادى وتجارى بين الطرفين، بالإضافة إلى وضعية المواطنين البريطانيين داخل دول الاتحاد ومصير الأوروبيين داخل المملكة المتحدة. وتتضمن قضايا التفاوض تسوية الإلتزامات المالية بين الطرفين وسط تقديرات بأن تتكلف المملكة المتحدة مبلغ يتراوح بين 55 و 60 مليار جنيه استرليني. ومن المتوقع أن تبدأ مفاوضات الخروج الرسمية ما بين شهرى مايو ويونيو المقبلين، على أن تستكمل فى أكتوبر 2018. وعند إنتهاء المفاوضات يتم عرض الاتفاق الجديد الذى سيحدد شكل مستقبل العلاقة بين الجانبين البريطانى والأوروبى للتصويت فى البرلمان البريطاني، والبرلمان والمجلس الأوروبيين خلال الفترة ما بين أكتوبر 2018 ومارس 2019. وبعد تصويت بريطانيا والاتحاد بالموافقة على الاتفاق النهائى تعتبر عضوية بريطانيا منتهية رسميا. وسارعت الصحافة البريطانية بالتعليق على الخطوة التاريخية حيث التزمت «الجارديان» بمقاربة سلبية باعتمادها عنوان «القفز إلى المجهول»، فيما اتفقت الصحف اليمينية على الاحتفاء ببدء عملية الخروج، فجاء عنوان «ديلى ميرور» : «أيها الاتحاد الاوروبى العزيز .. حان موعد الرحيل»، فيما التزمت « ديلى ميرور» بعنوان من كلمة واحدة وهى «الحرية». ومن جانبه، قال وزير المالية البريطانى فيليب هاموند إنه سيتعين على بريطانيا تقديم تنازلات للاتحاد الأوروبى لضمان التوصل لأفضل اتفاق لخروج بريطانيا من الاتحاد. وهبط الجنيه الاسترلينى إلى أدنى مستوى فى أسبوع لينخفض 0،2٪ خلال الجلسة إلى 1،2 دولار.