بالرغم من ان حركة السياحة الوافدة الى مصر لم تصل بعد الى معدلات 2015 ما قبل سقوط الطائرة الروسية.. فإن هناك مؤشرات قوية عن تحسن ملحوظ نتيجة للجهود التى قامت بها القيادة السياسية على الصعيد الدولى ادت الى تحسن الصورة الذهنية عن مصر فى الخارج بالاضافة الى العديد من العوامل الأخرى مثل تراجع إقبال سائحى اوروبا عن زيارة تركيا المنافس التقليدى لمصر خلال الموسم الصيفي.. وامتلاء فنادق إسبانيا واليونان. هذه المؤشرات الايجابية كان يجب ان تدفع قطاع السياحة بجميع اجهزته لاطلاق حملة لاعادة ترتيب البيت من الداخل استعدادا لاستقبال هذه الحركة المتوقعة..حتى نستعيد سمعة السياحة المصرية التى تم افتقادها نتيجة لسوء الخدمات المقدمة للسائحين وقلة خبرة العاملين وتهالك البنية الأساسية للفنادق. فإن آجلا أو عاجلا ستعود الحركة السياحية الى مصر وسيتدفق السائحون من بلاد الدنيا على أم الدنيا.. وسيقوم منظمو الرحلات بالتفاوض مع الفنادق فى مقاصدنا السياحية المختلفة للحصول على أفضل الاسعار.. فالسياحة صناعة تمرض ولا تموت.. ولن تستطيع الدول التى تمنعت علينا ان تخفى رغبتها الجامحة فى العودة الى مصر كمقصد سياحى متميز وفريد..ولكن هناك تخوفات وحالة من القلق بدأت تضرب القطاع السياحى صاحبت وجود مؤشرات إيجابية عن عودة الحركة السياحية. فقد أبدى خبراء السياحة تخوفهم من عدم عودة الحركة السياحية الى معدلاتها الطبيعية لسببين، الأول يعود الى عدم وجود عمالة كافية أو مدربة تستطيع تقديم خدمة مميزة للسائحين.. والثانى للحالة السيئة والمزرية التى وصلت اليها الفنادق بجميع مستوياتها نتيجة لإغلاق بعضها طوال السنوات الماضية أو عدم وجود صيانة للمنشآت والمعدات للفنادق التى مازالت تستقبل سائحين.. وذلك يعود بالطبع الى تراجع الدخل وتوقف تمويل البنوك. وكان العاملون بالسياحة هم أولى ضحايا الأزمة التى ضربت السياحة وتحملوا وحدهم سداد فاتورتها القاسية فأصبحوا بين ليلة وضحاها دون عمل او مصدر رزق بعد ان عجز اصحاب الفنادق عن سداد مستحقاتهم نتيجة لانعدام الدخل وتراكم الديون التى اثقلت كاهل الجميع. هذه الحقائق السلبية دفعت خبراء السياحة الى القلق من عودة الحركة السياحية، حيث اكدوا ان السنوات الست الماضية استطاعت ان تقضى تماما على الأيدى العاملة المدربة الذين هم بالأساس الثروة الحقيقية للقطاع فقد هربوا الى صناعات أخرى تحقق لهم ولأسرهم الاستقرار المادى ومنهم أيضا من هاجر الى دول الخليج التى بدأت تستقطبهم لتستفيد من خبراتهم التى اكتسبوها طوال فترة عملهم فى الفنادق المصرية. ومع الأسف فإن عنصر التدريب تم إهماله خلال الفترة الماضية وكان يجب على المسئولين عن هذا الملف ان يستغلوا سنوات الركود السياحى فى تكثيف التدريب داخل المقاصد السياحية المختلفة لا أن يقوموا بغلق مركز التدريب التابع لاتحاد الغرف السياحية.. ونتيجة لعدم وجود أيد عاملة مدربة أصبحت الفنادق التى مازالت تفتح أبوابها لاستقبال السائحين فى البحر الأحمر أو شرم الشيخ تستعين بعمالة مبتدئة ليس لديها خبرة، مما انعكس على تدنى مستوى الخدمة. استقبال السائحين فى ظل عدم وجود عمالة مؤهلة سوف ينعكس بالتأكيد على سمعة مصر السياحية فى الخارج وهذا بالفعل ما بدأ يفرض نفسه على المشهد السياحى أخيرا، حيث زادت شكاوى السائحين من تدنى مستوى الخدمة فى جميع الفنادق بجميع مستوياتها..وهو الأمر الذى دفع بخبراء السياحة لاطلاق جرس إنذار للمسئولين لينتبهوا الى هذه المشكلة التى سوف تضر بصناعة السياحة لفترة طويلة. وطالب الخبراء بأن يتم فورا إعادة مركز تدريب العمالة السياحية بالتعاون مع الفنادق والقرى السياحية حتى نستعد لعودة الحركة السياحية ولكى تستمر الفنادق فى تقديم خدمة متميزة تعلى من شأنها السياحى وتنافس بها الدول المنافسة لنا فى استقطاب السائحين. اما الأمر الثانى الذى أصبح يؤرق قطاع السياحة فى الوقت الحالى فهو الحالة التى وصلت اليها الفنادق.. فقد اكدت الإحصاءات غير الرسمية ان هناك عشرات الفنادق قد تم إغلاقها فى الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ وطابا ودهب بالإضافة الى فنادق الأقصر واسوان، خاصة العائمة منها وتحتاج هذه المنشآت الى أموال ضخمة لإعادة تأهيلها من جديد حتى تستطيع استقبال السائحين وقد سبق أن ناشدت جمعيات المستثمرين فى هذه المدن البنوك المصرية بالبحث عن آلية لتمويل إعادة تشغيل هذه الفنادق وإجراء عمليات الصيانة اللازمة حتى تستعد لعودة الحركة السياحية. ولكن ما حدث أن البنوك المختلفة استجابت فقط لمبادرة البنك المركزى بإعادة جدولة الديون المتراكمة على قطاع السياحة وتأجيل سدادها على فترات طويلة مرتبطة بعودة الحركة السياحية..ورفضت فى نفس الوقت منحهم قروضا اضافية تعينهم على تحمل فترات الركود أو تطوير المنشآت وتحديثها لتقديم خدمة افضل للسائحين. ولذلك يرى الخبراء ضرورة قيام البنوك بالتعاون مع الغرف السياحية وجمعيات الاستثمار السياحى بالبحث عن سبل لتوفير التمويل اللازم للقرى والفنادق السياحية خاصة بعد ان اعلن المستثمرون عدم قدرتهم على الانفاق على عمليات التطوير.. وطالبوا ايضا بضرورة البدء فورا فى إعادة تفعيل مراكز التدريب السياحى لتوفير العمالة الماهرة المدربة، مؤكدين انه حال عودة السياحة مع الوضع الحالى للفنادق سيكون لها آثار سلبية على سمعة مصر السياحية. [email protected]