فى واحد من أهم المؤتمرات العلمية الحافلة بكوكبة من خبراء مصر؛ شهدت القاهرة هذا الأسبوع، فعاليات مؤتمر«نهر النيل شريان الحياة»، الذى أقامته نقابة المهن العلمية،وتناول معاناة النهر الخالد خارجياً وداخلياً، مع الهدر الضخم، والتلوث المتفاقم، والتحديات المستقبلية خاصة الفقر المائي، وأواصر التعاون بين مصر وشقيقاتها، من دول حوض النيل، مشددا على دور المجتمع المدنى المصرى الغائب، فى هذا الصدد. فى البداية، قدمت السفيرة منى عمر، رئيسة المؤتمر، توضيحاً للوضع الراهن بالنسبة لمشكلة سد «النهضة» الإثيوبي، فقالت: «الوثيقة الإثيوبية تؤكد حرص والتزام الأشقاء الإثيوبيين على عدم الإضرار بحصة مصر، وننتظر تقارير المكاتب الاستشارية، وفى حالة ثبوت عدم الإضرار، فمصر يمكن أن تساعد إثيوبيا أيضاً». وبنبرة احتجاج على نتائج المؤتمرات التى تناقش قضايا نهر النيل، دون جدوي، قال الدكتور مصطفى الفقي، رئيس شرف المؤتمر: »شاركت فى أكثر من 30 أو 40 مؤتمرا خاصا بالنيل خلال الأعوام القليلة الماضية، ولا أدرى أين تذهب مخرجاتها، ومعاناتنا فى قضايا المياه مع سوء الإدارة كبيرة، فالهدر ضخم للغاية، وتجب إعادة النظر فى توطيد علاقاتنا مع شركاءنا بحوض النيل من ناحية المشروعات التنموية. خمس توصيات ومن جهته، حدد العالم المصري، الدكتور محمود أبوزيد، رئيس المجلس العربى للمياه، خمس توصيات كالتالي: «ملف النيل ليس فنياً فقط، ولكن له جوانب سياسية وأمنية واقتصادية ودبلوماسية. وتماشياً مع مقررات جوهانسبرج 2002 يجب تطوير الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وكفاءة استخدام المياه، وخطط التنمية المستقبلية بحيث يجب أن تكون متوازنة بين إدارة العرض والطلب. ويشدد على أن التعاون الاقليمى أمر حتمى لمواجهة التحديات الخطيرة للتنمية فى المنطقة، وأن نجاح الخطط يعتمد على وجود البيانات والمعلومات والإحصاءات الموثقة المتعلقة بالموارد المائية، مضيفا أن الابتكارات التكنولوجية ضرورة فى مجال استخدام المياه غير التقليدية، كتحلية المياه المالحة، والزراعة الحيوية المالحة، وتنمية المياه الجوفية، وحصاد مياه الأمطار، ومعالجة مياه الصرف الصحي. حديث الأرقام وبلغة الأرقام تحدث الدكتور حسين العطفي، وزير الرى الأسبق، عن التحديات الخارجية والداخلية التى تواجه النيل خاصة التلوث الذى يكلف مصر من 4% إلى 5% من الناتج القومى لمحاربته، مشيرا إلى أن مصر بحاجة إلى 150مليار جنيه لمعالجة مياه الصرف الصحي. أما الدكتور حسام مغازي، وزير الرى الأسبق، فقد أكد أن النيل ليس فقط شريان الحياة لدول الحوض، وأن حمايته فى مصر مسئولية وطن بأكمله، قائلا: «استطعنا أن نزيل عشرة آلاف حالة تعد على نهر النيل منذ عام 2015». إدارة.. ورؤية ومن جهته، قال نقيب العلميين، الدكتور السيد عبد الستار المليجي: «مصر فى حاجة ماسة إلى أسلوب إدارة مثالية للمياه على أسس علمية سليمة، فمن غير المعقول أن نتبنى مشروعات تستنزف مليارات الجنيهات من أجل إضافة كميات أقل من المياه كالمياه الجوفية أو تنقية مياه الصرف، وخلطها، فى وقت يمكن فيه الحصول على كميات ضخمة جداً، ومستدامة من المياه، مثل مخزون المياه خلف السد العالي، الذى يصل إلى 160 مليار متر مكعب». أما الكيميائى سامى الجندي، فيطالب بتعظيم الاستفادة من شريان علماء مصر، فى الخارج والداخل، لتعظيم الاستفادة من مياه النيل، وتوظيف أبحاثهم المتقدمة فى إدارة مواردنا المائية إدارة مثالية. وتطرق الدكتور أحمد حجازي، أمين عام المؤتمر، لضرورة وجود رؤية سياسية غير تقليدية فى قضايا الأمن المائى بين دول حوض النيل، وتنشيط «الدبلوماسية الشعبية» بمشاركة النقابات والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص وعلماء الدين، مع تواصلهم جميعاً مع الجماهير المماثلة لهم بدول الحوض. ومركزاً على المجتمع المدني، قال الدكتور صلاح عرفة، الأستاذ بالجامعة الأمريكية: «لا بد من أن يؤدى المجتمع المدنى المصرى دوراً داعماً للدور الحكومى من خلال التواصل مع المجتمع المدنى الأفريقي، خاصة فى دول حوض النيل. وختاما، تؤكد الدكتورة سوزان قليني، مقررة المؤتمر، أهمية الأمن المائى لدول حوض النيل، كأهم متطلبات الأمن القومى لها، مع ضرورة المحافظة على منابع النيل، وضمان الاستقرار السياسى لها، ومقاومة التدخلات الخارجية، والتزام تلك الدول بالاتفاقيات المبرمة، وتعاونها فيما بينها، لزيادة الموارد المائية، وفق قولها.