الموعد غدا فى الأردن حيث تعقد القمة العربية الثامنة والعشرين فى منطقة البحر الميت حيث لاتزال العيون شاخصة، والقلوب معلقة فى انتظار أن ينهض العرب من غفوتهم الطويلة هذه المرة، حيث حجم التحديات والأخطار لا تعد ولا تحصى من الانهيارات، والتمزق يضرب عواصم عربية عدة، كانت بالأمس أرقاما صعبة فى موازين قوى الاقليم التى تبدلت وتغيرت ولم تعد فى صالح العربى الذى دهسته ومزقته تفجيرات داعش وأخواتها والتمزقات والخلافات العربية . ومن هنا كان ولايزال الأمل معقودا على هذه القمة غداً فى إنقاذ الحد الأدنى فى لم الشمل والتوافق والتضامن العربى بعد أن صار الوضع مريعا وبات العالم العربى جسدا بلا رأس وشراذم منكفئة على ذاتها وعاجزة عن تجاوز مواطىء أقدامها.. ولكن هل مازال العرب يملكون صناعة هذا الأمل فى البحر الميت. فى تقديرى أن هذا الأمل مازال قائماً وقدرات ومؤهلات العرب على امتلاك المبادرات والطروحات الجديدة لإنقاذ هذا الوضع المتشظى الذى قد أتفق مع البعض بشأنه وأنه الأسوأ فى تاريخ العرب مازال متاحا حيث الفرص لم تضع بعد، ولكن غياب الإرادة والاستسلام للعجز والفشل والكمون ربما يكون أحد أسباب الاخفاقات العربية المتتالية كما نرى فى السنوات الماضية، وبالتالى فالأمر فى قمة البحر الميت لا يتطلب سوى توافر صحوة وإرادة عربية حقيقية هذه المرة تتحقق أولاً عن طريق تحقيق مصالحات عربية عربية، حيث هناك فرصة لتحقيق هذا الغرض ومسعى أردنى لإنجاز تلك القمة مع دول عربية وخليجية راغبة فى تحقيق الإنجاز خاصة أن هناك جولات لا بأس بها للعاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى والأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط طيلة الأيام الماضية على أكثر من عاصمة عربية. ورغم كثير من المنعطفات السلبية والرؤى السابقة على انعقاد هذه القمة والتى تصب فى خانة فقدان الأمل فى قدرات ونتائج تذكر أوترجى فى هذه القمة إلا أن الأمل يساورنى هذه المرة بأن القمة والتوقيت ورداءة الوضع العربى ستفرض على هذا الحضور الإيجابى هذه المرة للقادة والزعماء حيث يتوقع حضور ومشاركة 15 زعيما خلق آليات ومناخات عربية مختلفة هذه المرة وصياغة حلول توافقية وإنجازات سريعة تناهض هذا التطور السلبى والتخريبى للأزمات العربية التى أصبحت مستحكمة. وهذا الشعور أبلغنى به الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط خلال لقائى به الأيام الماضية فى مكتبه بالجامعة العربية بعدما اتفقنا على اللقاء قبل ذهابه للقمة حيث شرح لى بشىء من التفصيل مسار جهود تنقية الأجواء العربية ونجاح الأردن والملك عبد الله الثانى والجامعة أيضا فى كسر كثير من حواجز الاختلاف والتباين والتباعد والخلل الذى ضرب بعض مواقف الدول العربية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية، وكذلك بشأن مسار الحل والتوافق حول بعض القضايا العربية بعينها والتى تضرب وحدة المواقف العربية وتنال من الأمن الاقليمى العربى. ولم ينس أبو الغيط أن يبلغنى أن تلك القمة ستكون مختلفة عما سبقها من قمم عربية أولها على الأقل أنها لن تكون قمة تقليدية أو نمطية، حيث سنبتعد عن القرارات النمطية المعتادة والمواقف المرسلة بل قررنا بالتعاون والتنسيق مع الأردن الذى يتولى رئاسة هذه القمة، بترتيبات ومعالجات فريدة لقضايانا وصياغة بيان عمان الذى سيصدر عن هذه القمة ويضمن توفير معالجات وحلول لأكثر من 17بنداً رئيسياً. أنا بدورى أرى أن العرب فى قمة البحر الميت لم يعد أمامهم من خيار سوى الإنجاز عبر تغيير الأداء والحركية والنهج فى التعاطى مع أمهات مشكلاتهم وأزماتهم والتخلى عن آليات الماضى القديم التى تجاوزها مرارة هوان الواقع العربى وانكشاف الأمن القومى بمثل هذا السوء الذى نراه حاليا، وسرعة التخلى عن جدل الاجندات وصراع المنصات حيث لم يعد العالم العربى قادراً على تحمل المزيد من المرارات والقساوات والانهيارات التى تضرب معظم عواصمه، وتجعل قوى إقليمية تفتئت على حقوقه وعواصمه وتضرب أمنه واستقراره وتطرح سيناريوهات للتقسيم والتجزئة وغزو بلدانه مثل تركيا وإيران كما هو حادث حالياً. وبالتالى لابديل غدا فى البحر الميت عن ضرورة تحقيق نجاحات وإنجازات حقيقية فى هذه القمة تنهى وتوقف حالة الانكفاء والضعف والتردى العربى، وتوفر بوصلة التوجه والحل العربى لقضايانا وتقطع الطريق على المناكفين والساعين لهزيمة العرب، وضرب مشروعهم فى التعافى والتوافق والتضامن، ناهيك عن دفعهم إلى وحول الانكسار وزمن الخيبات ومن ثم تراجع دورهم فى لعب دور إقليمى مباشر وبارز فى الإقليم ، وهذا هو حالنا الآن ليس خافيا على أحد، ولتكن قمة الغد نهاية حقبة وبداية عهد جديد للعرب لإصلاح الوضع والشأن العربى الآن وليس غداً، فمصير ومآلات ومستقبل العرب بات أمام أيدى قادته فى البحر الميت، وبالتالى لديهم فرصة لكتابة تاريخ العرب من جديد. لمزيد من مقالات أشرف العشري;