توقعت مصادر مطلعة لمندوبة «الأهرام» أن يكون ملف القضية الفلسطينية فى بؤرة اهتمام القمة والقادة العرب، الذين سيتخذون موقفا قويا موحدا ثابتا استنادا إلى المبادرة العربية للسلام وحل الدولتين، وأن هذا الموقف سيتم نقله للإدارة الأمريكية الجديدة. وأنه سيصدر عن قمة عمان إدانة قوية للتدخلات الإيرانية والتركية على حد سواء فى شئون الدول العربية. كما توقعت قرارا قويا بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف. وقال سامح شكرى وزير الخارجية فى كلمته التى ألقاها أمام الجلسة الافتتاحية ..إن أمتنا العربية تمر بمنعطفات خطيرة وتواجه تحديات جسام خلال السنوات الأخيرة، كان لها تأثيرها على زعزعة الاستقرار ووضع العراقيل في طريق الجهود الرامية لتحقيق الأمن والتنمية في المنطقة العربية، كما فتحت المجال أمام تدخلات سافرة ومصالح ضيقة لا ترى في المنطقة وما تشهده من تفاعلات متلاحقة سوى فرصة لتقويض البناء العربي وعرقلة آليات عمله المشترك، واستنفار النعرات المذهبية والطائفية، على حساب الهوية الوطنية الجامعة، ودولة المواطنة الحديثة التي لا تميز بين مواطنيها بسبب عرق أو دين أو مذهب. وأضاف ..إننا نجتمع اليوم والقضية الفلسطينية لازالت تراوح مكانها، ولازالنا بعيدين عن تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. إن البديل لاستمرار هذا الجمود هو الفوضى والمزيد من السنوات الضائعة في عمر المنطقة. و أكد أن مصر ملتزمة تماما بتحمل مسئولياتها التاريخية في قيادة مسار السلام والتسوية الشاملة في المنطقة، ودعم القضية الفلسطينية، وذلك في إطار متابعتها للمبادرة التي أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في شهر مايو من العام الماضي لإحياء المفاوضات. فنحن نواجه، في سوريا وليبيا واليمن والعراق مخاطر حقيقية، تهدد بتفكيك مؤسسة الدولة الوطنية وتقويضها لصالح فراغ لا تملأه سوى قوى التطرف والإرهاب. لقد آن الأوان لموقف عربي موحد يؤكد بما لا يدع مجالا للشك على التزامنا الصارم، والذي لا يقبل المساومة، بوحدة الأراضي السورية، ورفضنا القاطع لأي محاولة لتقسيم سوريا أو تحويلها لمناطق نفوذ لقوى إقليمية ودولية، وإن مصر ملتزمة بشكل كامل بمواجهة المحاولات الرامية لتقويض الدولة الوطنية وإسقاط الحل السياسي في ليبيا ودعم الإرهاب. وفى كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية أمس، أكد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن المتغيرات المتسارعة التى تشهدها المنطقة العربية التى تكاد تقتلع ثوابت الجغرافيا والديموجرافيا تستلزم أن يبقى النظام العربى فى قلب التعامل مع هذه التغيرات والتحديات ، وعلى رأسها الأزمة السورية التى تمثل أكبر أزمة تشهدها المنطقة فى التاريخ الحديث، مؤكدا أنه يجب ألا ترحل للأطراف الإقليمية والدولية لإدارتها وفق مصالحها بعيدا عن النظام العربى، مع أهمية العمل على إيقاف نزيف الدم وإنهاء الحرب فى سوريا والتوصل إلى تسوية على أساس بيان جنيف 1 وقرار مجلس الامن 2254، وبما يحفظ لسوريا وحدتها، ويضمن للشعب السورى تحقيق تطلعاته المشروعة. وناشد أبوالغيط الدول العربية العمل بكل سبيل ممكن من أجل تفعيل الحضور العربى الجماعى فى الأزمات الكبرى التى تشهدها المنطقة سواء فى سوريا أو ليبيا أو اليمن، بالإضافة للاستمرار فى العمل بقوة من أجل تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية. وأكد أبو الغيط أن التحديات الراهنة تستدعى العمل على تمكين الجامعة، من حيث التمويل والإسناد السياسى والدعم المعنوى، لكى تكون أكثر استعدادا للتفاعل مع الأزمات العربية الضاغطة، وأفضل تأهيلا للانخراط بجدية فى محاولة تسويتها، مشيرا إلى أن الجامعة لن تكون قادرة على تلبية تطلعات الدول أو الفرقاء لمستوى طموحات المواطن العربى بينما تعانى ميزانيتها السنوية على مدار العامين الماضيين من نقص خطير. ومن جانبه، قال أيمن الصفدى وزير الخارجية الأردنية - الذى تسلمت بلاده رئاسة القمة من موريتانيا- إن الكارثة السورية جرح يجب أن يتوقف نزيفه عبر حل سلمى يلبى طموحات الشعب السوري، ويحمى وحدة سوريا وتماسكها واستقلاله وسيادتها. وقال الصفدى،" نحن نجتمع فى زمن عربى صعب تسوده الأزمات والصراعات التى تحرم منطقتنا الأمن والاستقرار اللذين نحتاجهما لنلبى حقوق شعوبنا فى التنمية، وفى التعليم، وفى العمل، وفى الأمل". وأضاف الصفدى :" نمتلك اليوم، ونحن نجتمع لنعد لاجتماع القادة فى قمتهم الثامنة والعشرين، فرصة لاستعادة المبادرة والتوافق على سياسات، يمكن أن تضعنا على الطريق نحو احتواء الأزمات وتجاوز التحديات". وأوضح :" صحيح أن بيننا اختلافات فى الرؤى والسياسات، لكن تجمعنا أيضا توافقات تجعل من اعتماد مواقف منسقة لمعالجة الأزمات، وتحقيق الإنجازات، خيارا متاحا".فنحن نتفق على مركزية القضية الفلسطينية، وعلى أن رفع الظلم والاحتلال عن الأشقاء الفلسطينيين على أساس حل الدولتين. شرط لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين".و"نريد حلا فى اليمن وفق قرارات الشرعية الدولية ومخرجات الحوار الوطنى والمبادرة الخليجية، ونسعى لاستعادة السلام فى ليبيا وفق حل سياسى يستند إلى اتفاق الصخيرات، ويحقق المصالحة الوطنية". وأكد "أننا نجمع أن الإرهاب مسخ يجب استئصاله حماية لشعوبنا، ودفاعا عن قيمنا، وندرك أن هزيمة الضلالية الإرهابية تستوجب الانتصار على الجهل واليأس، وتعميم الفكر المستنير، وتكريس المواطنة والعدالة ، ونتفق أن حرمان ما يزيد عن 12 مليون طفل عربى فى سن الدراسة من حقهم فى التعليم كارثة تنذر بفشل مستقبلى". وقالت مصادر دبلوماسية إن أبرز ملامح إعلان عمان الذى سيصدر عن القمة، هى اعتباره نقل سفارة أى بلد إلى القدس اعتداء على الحقوق الفلسطينية وخرق للشرعية والقوانين الدولية، وإدانة التدخلات الإيرانية فى الشئون العربية، ودعوته لسحب قواتها العسكرية من أى بلد عربى توجد فيه، والترحيب بعقد قمة عربية أوروبية دورية وتكليف الأردن بالتنسيق والتباحث مع دول الاتحاد الأوروبى لهذه الغاية، ورفض ترشيح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن فى مقعد غير دائم لعامى 2019 -2020 باعتبارها قوة احتلال تعطل السلام، والإعلان سيتضمن التزام عربى بدعم الدول العربية المستضيفة للاجئين السوريين، فضلا عن دعم ومساندة الشرعية الدستورية فى اليمن و دعم القادة العرب للاتفاق السياسى الليبى الموقع فى الصخيرات المغربية. ومن جانبه قال رياض المالكى وزير الخارجية الفلسطينية فى تصريحات أمس، إن قمة عمان ستكون قمة نوعية، وستعيد القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية. وأضاف أن البند الفلسطينى هو البند الأول على أجندة الاجتماع الوزارى، وهو يحمل أربع قرارات، الأول له علاقة بتطورات القضية الفلسطينية وتفاصيلها، وهو قرار دقيق وشامل يغطى كل التطورات الحالية، والبند الثانى يتعلق بالقدس، ونحن وضعنا للقدس قرارا منفصلا، لنعطى أهمية خاصة للمدينة المقدسة، ونرسل رسالة واضحة للإسرائيليين بأهمية القدس ورمزيتها وخصوصيتها الفلسطينية والعربية. وأضاف أن البند الثالث مرتبط بالقضايا المركزية الأساسية كالاستيطان والأسرى والاعتقالات والاغتيالات وحصار غزة، وهى التى نوليها حيزا كبيرا كفلسطينيين. وتابع المالكى، البند الرابع هو البند المالى، والمتعلق بالتزامات الجامعة العربية ودولها، وما يتعلق بدعم موازنة السلطة والصناديق الخاصة التنموية التى تدعم دولة فلسطين. وقال المالكى، تأتى هذه القرارات شاملة ومهمة، ونحن بذلنا جهدا كبيرا لتكون بهذه الشمولية، ووجدنا تجاوبا كبيرا من قبل الدول العربية، خاصة الأردن الذى حرص على تخصيص كل هذه المكانة والأهمية للقضية الفلسطينية، ونحن كوفد فلسطينى مرتاحون من الأجواء والنقاشات. وأشار إلى أن قمة عمان ستكون مفصلية كذلك للوطن العربى ككل، لأنها تأتى فى ظروف استثنائية.