هناك حوادث تبدو بسيطة لكنها تترك آثارا خطيرة، فحول حادث الأب الذى دفعته طبيعته الى سرقة قالب شوكولاتة لإشباع رغبة نجله المحروم منها، تضاربت الآراء والرؤى فى معالجة هذه الواقعة فنادى البعض بالإفراج عن المتهم من باب الرحمة باعتبار أنه فقير وعاجز عن شراء قطعة شوكولاتة لنجله، وأن حجم السرقة بسيط، ولم يدخل ضمن السرقات ذات العيار الثقيل مثل سرقات السيارات المحملة بالأموال أو الخزائن أو الملايين المهربة وغير ذلك، وهناك آراء أخرى تطالب بتطبيق القاعدة القانونية على هذا اللص كقاعدة عامة مجردة تطبق على كل الأشخاص، فهو لص متلبس بسرقته، وهذا حقا صحيح ولى رأى فى ذلك فبغض النظر عما اذا كان هذا الشخص لصا محترفا أم غير ذلك، فإننا نرى أن هذا الحادث له زوايا أخرى أكثر خطورة، حيث لم يتعرض أحد لوضع هذا الطفل ونصيبه من التهذيب والتقويم من خلال الأسرة التى يفترض أنها نواة المجتمع، وهو يعلم أن أباه يسرق له الشيكولاتة التى يرغب فى تذوقها وهو قدوته فى الحياة، وأنه يشبع رغبة نجله ويجنى عليه فى الوقت نفسه، ومن منا لم يعش الحرمان أو جزءا منه فى جميع مراحل حياته، فهو يدربه اليوم ليصبح «حرامى الغد»، ومن المستحيل أن تستوى الأسر الفقيرة أصحاب عزة النفس والعفاف والمبادئ، مع أصحاب النفوس الضعيفة كما أن هذا الأب يجهل أهمية أن تكون هناك حسابات فى تحقيق كل رغبات الأطفال وأن الإسراف فى ذلك يؤدى الى فشل تربية الأبناء ليصعب السيطرة عليهم عند الكبر، وتحضرنى فى هذا السياق قصة قصيرة لرجل كان يهوى تربية دود القز «الحرير» وعندما تحولت فى دورة حياتها الى شرنقة بدأت تتفتح ببطء شديد لتحاول الفراشة الضعيفة الخروج جاهدة من الشرنقة الضيقة، حاول الرجل مساعدتها بتوسيع فتحة الشرنقة، فماتت فى الحال.. وهكذا الحال بالنسبة لأبنائنا، عندما نحقق لهم كل رغباتهم فإننا نجنى عليهم دون أن ندرى. إننا أمام حادث نرى فيه موروثات قد تعصف بالمجتمع نحو منحدر أخلاقى خطير نلاحظه بشدة فى هذا الزمن. ويجب أن يتصدى الجميع لكل هذه السلبيات والتمسك بالمبادئ التى نشأنا عليها ولنعلم أهمية دور الأسرة الأساسى فى التربية قبل التعليم لنعبر أزماتنا ونخطو نحو مستقبل أفضل. مجدى حلمى ميخائيل النادى الدبلوماسى المصرى