«لو خلق الإنسان كاملا لما أحتاج إلي أن يطمع في الكمال».. واحدة من أشهر الأقوال التي جاءت علي لسان عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي لم تقف إعاقته حائلا أمامه، بل كانت دافعا لما وصل إليه، في النهاية الموضوع يتوقف علي عزيمة المرء وإصراره, فهما الحد الفارق بين المستحيل والممكن, فالنجاح لا يحدث بالتمنيات لكن بالإرادة تصنع المعجزات.. من هؤلاء بطلة قصة اليوم التي لم تقف إعاقتها حائلا أمام تحقيق أحلامها وطموحاتها بل كانت الدافع الذي ساعدها في تحويل الأمنيات إلي معجزات .. إنها بطلة الكاراتيه وحاصدة الميداليات، أمل أبو الفتوح، ، التي استهلت حديثها قائلة : «أننا لسنا معاقين بل قادرين .. ونسعى لاستبدال وصف ذوي احتياجات خاصة لذوي قدرات خاصة». وتقول أمل (35 عاما): «ولدت بكامل صحتي وكنت أعيش حياة طبيعية والتحقت بالمدارس، ومارست الكاراتيه وأنا في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وحصلت علي العديد من الشهادات والميداليات في بطولات المدارس حتى حصلت علي الحزام البني، وحينما بلغت من العمر 15 عاما اضطررت للابتعاد عنه لشعوري بأنني أصبحت آنسة، فاستكملت دراستي حتى حصلت علي مؤهل متوسط، وتزوجت وأنجبت 3 أبناء، حتى شاء القدر منذ نحو 9 سنوات أن تنقلب حياتي رأسا علي عقب، وقتها كنت ابلغ من العمر 26 عاما، فقد سقطت من شرفة منزلي أثناء قيامي بأحد الأمور المنزلية, أصبت بكسر في الفقرتين الرابعة والخامسة وتهتك في أعصاب النخاع الشوكي وشلل في النصف السفلي». وتضيف: منذ هذا الوقت بدأت رحلتى مع العلاج، والتي استمرت 7 سنوات، وأجريت العديد من العمليات، التي لا عدد لها، حتى مللت من العمليات والعلاج والصعود لقمة الأمل ولعدم الاصطدام فقررت عدم الالتفات لما ألم بى والرضاء به وتحويل آلامي وأوجاعى لتحد صعب، ووضعت اجتيازه هدفا نصب عينى. عودة للرياضة وتكمل: من هنا قررت العودة للكاراتيه مرة أخرى لتحقيق ما كنت احلم به من بطولات والحصول علي ألقاب، فقد وجدت فيه سبيلا لتحقيق ذاتي والتغلب علي إعاقتي، وربما في ما حدث لي خير لأعود ثانيا لرياضتي المحببة. فبعدما كان المشاركون في منتخب الكاراتيه من ذوي الإعاقات الذهنية والبصرية فقط، ففي عام 2014 سمح لذوي الإعاقات البدنية بالانضمام له، ورغم أني كنت ابلغ من العمر 33 عاما، إلا أنني لم أتردد في التقدم للاختبارات, وبالفعل نجحت وحصلت علي الحزام الأسود لأصبح بذلك أول سيدة من ذوي الإعاقات البدنية تنضم لفريق الكاراتيه. وكانت البطولة الدولية التي نظمها النادي الأهلي أول بطولة لى، كما أنني حصلت علي العديد من الميداليات، مثل بطولة الجيزة وبطولة الجمهورية، وحاليا استعد للمشاركة في بطولة الجمهورية التي ستبدأ نهاية الشهر القادم, بالإضافة إلى الاستعداد للمشاركة في بطولة أمريكا الجنوبية التي ستقام العام القادم، واوليمبياد طوكيو 2020. وأشارت أمل : «كان من المفترض أن أشارك أنا وزميلي محمد اللقانى في بطولة العالم التي أقيمت في النمسا العام الماضي ضمن منتخب الكاراتيه لذوي الإعاقات البدنية، الذي يضم 5 لاعبين، ولكن بسبب خطأ فنى أدي لتأخير تسجيل أسمائنا، سافر 3 من اللاعبين من ذوي الإعاقات الذهنية والبصرية، ولم نتمكن من السفر، ولكن يكفيني شرفا أنه حينما عاد رئيس الإتحاد من البطولة أبدي آسفة لعدم مشاركتنا، مؤكدا أنه فقد ميداليتين». وتضيف أمل: مارست السباحة أيضا، ولكنني لم ارغب التسجيل بها رغم أن مدرب الفريق مدح كثيرا في أدائي، وكان يرغب في ضمي لفريق المنتخب، ولكن المشكلة تكمن في انه لا يمكنني المشاركة في الاولمبياد سوى بلعبة واحدة، والأولوية لدي للكاراتيه. المرأة الحديدية وعن دعم أسرتها تقول: لا أنكر أن أسرتي دعمتني كثيرا، ولكن إصراري وعزيمتي هما السبب الرئيسي في نجاحي، فكوننا نجلس علي كراسي متحركة لا يعني إننا متسولون نستجدى نظرات العطف والشفقة بل أننا أسوياء ونسعى لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا بل وربما نقوم بما لا يقوم به الكثير من الأسوياء. وعن سبب إطلاق لقب «المرأة الحديدية» عليها من قبل زملائها، علقت: ربما لقوة شخصيتي وعدم استسلامي لليأس أيا كانت الضغوط والمعوقات، وربما لأنني أشعر بالمسئولية دوما تجاه زملائي وأصدقائي من ذوي الاحتياجات الخاصة, فأسعي لتجميعهم دائما والاستماع لمشاكلهم وشكواهم ومساعدتهم في إيجاد حلول. «كرسى» للتدريب وعن دور الدولة في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة علقت أمل قائلة: إننا نسعى بكل قوتنا أن نمثل بلدنا بشكل مشرف وان نرفع رايته عاليا من خلال بطولاتنا، ولكن من المحزن ألا تساعدنا الدولة في تحقيق حلمنا .. فأنا مطلبي الوحيد هو كرسي بالمواصفات الخاصة التي تتيح لي أداء الحركات بشكل أكثر دقة وحرفية، فعدم الحصول علي ذلك الكرسي يجعلنا نخسر نقاط. وأضافت: تحدثنا كثيرا للمسئولين بضرورة توفير كرسيين فقط لي ولزميلي حتى يمكننا التدرب عليه قبل المشاركة في الاولمبياد إلا أنهم لم يوفروها حتى الآن .. وأظن أن الأمر ليس بالغ الصعوبة حتى إنه جاءتني فكرة بإتاحة إحدى شركات الأجهزة الطبية الكراسي مقابل عمل دعاية لها بوضع بادج أو علامة الشركة علي الكراسي أو علي بدلة الكاراتيه من خلال الإعلانات والتدريبات والبطولات أيضا.