أكد الدكتور محمد سكران رئيس رابطة التربية الحديثة وأستاذ التربية بجامعة الفيوم أن عشرات البحوث والدراسات والتجارب المعاصرة تؤكد أن التعليم الفنى يعد من المصادر المهمة والأساسية لإعداد القوى البشرية المدربة من خلال تزويدها بالمعرفة والفنون الانتاجية الحديثة، وكيفية التعامل مع تكنولوجيا العصر، والإفادة منها كما أنه قادر على تهيئة وإعداد الفرد للقيام بدور مهم فى خدمة المجتمع والارتقاء به من خلال تعليم الحرف والمهن التى تخدم مسيرة المجتمع اليومية. وأوضح رئيس رابطة التربية الحديثة –فى تصريحات ل «الأهرام» انه بالرغم من هذه الأهمية فإن التعليم الفنى فى مصر – كما تؤكد معطيات الواقع، وعشرات البحوث والدراسات– يعانى من عشرات الأزمات الكارثية: مجتمعياً وثقافياً، تربوياً وتعليمياً، وكلها تصب فى النظرة الدونية، بل والطبقية لهذا النوع من التعليم لذلك من الضرورى أن نشير إلى حوالى 80% من خريجى التعليم الفنى يعانون البطالة بكل ما يترتب عليها من الأثار والتداعيات الخطيرة: اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وسلوكياً، وأن مدارس التعليم الفنى –على اختلاف تخصصاتها– تعانى واقعاً مأساويا مريراً: إدارة ومعلمين وطلابا، مناهج ومقررات دراسية، الامكانيات والحاجات، وكلها تصب فى اتجاهات مضادة للأهداف المنشودة من وجود هذا النوع من التعليم، وان هذا التعليم باعتباره تعليم الفقراء، والنظر إليه نظرة دونية فإنه يضم كل ما هو منخفض الكفاءة من مدخلاته، وتنظيماته، ويعيش معلموه وطلابه أوضاعاً وظروفاً غير صحية، إن لم تكن غير إنسانية. وأشار إلى أن هذا التعليم يعانى قصوراً واضحاً فى علاقته بالعديد من المنظومات الأخرى، منها:- على سبيل المثال علاقته بالتعليم العالى الذى بات شبه مغلق فى وجوه خريجى التعليم الفنى، وعلاقته بسوق العمل، والمؤسسات الإنتاجية والتى تكاد تكون شبه معدومه، وأن هناك قصورا واضحا فى الإمكانيات المادية والبشرية، ونقصا فى المعدات والاعتماد فى تدريب المجالات التطبيقية على الحفظ والاستظهار، وعجزا شديدا فى العديد من التخصصات التى يحتاجها سوق العمل، إلى جانب غياب التوصيف القومى للمهن المتعلقة بخريجى مدارس التعليم الفنى والمستوى المطلوب توافره فى هؤلاء الخريجين، وأن هناك غيابا للقطاع الخاص فى هذا النوع من التعليم، لسبب بسيط وهو أنه تعليم الفقراء الذى لا يليق بمساهمات ومشاركات علية القوم وأثريائه. ويطرح الدكتور سكران بعضاً من المقترحات ذات الأهمية فى هذا المجال منها: ضرورة العمل على إعادة صياغة الأهداف الأساسية للتعليم الفنى فى ضوء العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المؤثرة فى توجهات التنمية التى ينشدها المجتمع، وإعادة النظر فى سياسة مؤسسات التعليم الفنى بحيث تتحول من مؤسسات تعليمية تقليدية إلى مؤسسات تعليمية إنتاجية وذلك من خلال تزويده بالوسائل التعليمية الحديثة والاهتمام بالتأهيل والتدريب والتعليم المناسب للطلاب لسد احتياجات ومتطلبات سوق العمل، ومواكبة سياسات وبرامج التعليم الفنى للتقدم التكنولوجى المعاصر، والاهتمام بالجهاز الإدارى وتنمية مهاراته عن طريق التعليم والتدريب المستمر، وتنوع مصادر تمويل التعليم الفنى وتقديم الدعم المادى والمعنوى اللازم له. كما يطرح ضرورة الربط بين التعليم الفنى والمؤسسات الإنتاجية، الأمر الذى يساعد على جعل المدرسة وحدة إنتاجية خاضعة لتوجيهات تلك المؤسسات تجاه التطوير والتحديث للآلات والمعدات التى انتهى عمرها الافتراضى، وتحديث وتطوير المناهج الدراسية بالتنسيق مع المؤسسات الإنتاجية وربطها بالبيئة وحاجات المجتمع المحلى والتطورات المتوقعة فى سوق العمل، والعمل على رفع كفاءة مدخلات التعليم الفنى: من معلمين وإداريين ومدرسين، وتحصيل نسبة من أرباح المؤسسات الإنتاجية لدعم تمويل التعليم الفنى والإنفاق على استكمال إمكانيات المدارس الفنية من أجهزة وأدوات وآلات، وضرورة المشاركة الفعلية للمؤسسات الإنتاجية فى وضع وتنفيذ السياسات التعليمية باعتبار هذه المشاركة تعد من أهم الأولويات التى تفرضها متطلبات سوق العمل والعملية الإنتاجية.