سعر جرام الذهب يستهل تعاملات الأسبوع عند 3105 جنيهات    أسعار الأضاحي بسوق الماشية في الدقهلية    وزير المالية يكشف حقيقة وثيقة السياسات الضريبية المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    وزير الإسكان يشدد على تسليم الوحدات السكنية للعملاء المقبولين في موعدها    انخفاض أسعار الأجهزة الكهربائية في الأسواق بالدقهلية    فوز ساحق لكلاوديا شينباوم في الانتخابات الرئاسية المكسيكية    مسؤول أوكراني: مقتل شخص وإصابة 2 في هجوم روسي على خاركيف    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف محيط الكلية الجامعية بحي الزيتون    استشهاد 12 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس ورفح    هل استقر حسام حسن على الدفع ب"الشناوى" فى مباراة المنتخب أمام بوركينا فاسو ؟ اعرف التفاصيل    مواعيد مباريات اليوم الإثنين 3-6- 2024 والقنوات الناقلة لها    صباحك أوروبي.. صفقة ليفربول الأولى.. انتظار مبابي.. وإصابة مدافع إيطاليا    مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    بالفيديو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة على معظم محافظات الجمهورية    مسئول سعودي: مستعدون لتقديم أفضل الخدمات الصحية لضيوف الرحمن    مواعيد قطارات السكة الحديد على خط الصعيد.. اعرف التفاصيل    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    وزارة الصحة تؤكد امتلاك الدولة المصرية لقدرات فنية وكوادر بشرية ومصادر تمويل تؤهلها لتكون مركزًا رائدًا في الصناعات الدوائية والتصدير    أخبار مصر: حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم، بيع مقتنيات سمير صبري، السكك الحديدية تحذر المواطنين،أفشة: 95% من المصريين مش بيفهموا كورة    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة القرآن الكريم    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصفة لينين الرملي للثورة على الأفكار القديمة
«اضحك لما تموت»..بعد شهرين تقريبا!
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 03 - 2017

فتح الباب وعلى وجهه ابتسامة ونظرة متأملة كعادته، وقبل أن نجلس اعتذر فهو في مرحلة «عزال» من قلب القاهرة الصاخبة إلى مدينة 6 أكتوبر الهادئة، وأخذني من يدي يشرح لي اللوحات الفنية المعلقة على حوائط شقته، لوحات كثيرة جعلت البيت مثل معرض فني رائع،
فهي مُرتبة بعناية ودراية بقيمة الفن، ومنها لوحات رسمتها ابنته منذ كانت في السابعة من عمرها، وتشى بأنها موهوبة، لكنها توقفت عن الرسم من فترة وهو لا يعرف السبب. وجدت له أربعة بورتريهات بعضها كاريكاتير رسمها فنانون كبار: عبد العال ومصطفي حسين والبهجوري ومحسن..
توقفت أمام بورتريه مصطفي حسين، شدني المعني الذي ينطق من الخطوط، ومن نظرة العين الحادة، يكاد ينطبق عليها اسم مسرحية الكاتب البريطاني جون أوسبورن «انظر وراءك في غضب»، وكتبها أوسبورن في خمسينيات القرن العشرين واثارت ضجة كبيرة، ومازالت عروضها تعتلي خشبات المسرح بلغات كثيرة حتى الآن.
وفعلا الكاتب المسرحي الرائع لينين الرملي ينظر دوما إلى الوراء في غضب، فهو يعادي الأفكار القديمة والقيم البالية التي تحاول أن تمسك برقاب الناس وتلويها إلى الخلف، سواء كانت أفكارا سياسية أو اجتماعية أو دينية. وتُعبر مسرحياته عن رؤيته للحياة وتحرص في عدد كبير منها على التغيير والفكاك من أسر تلك الأفكار القديمة المعادية للتفكير العلمي المنظم، 56 مسرحية كتبها، أغلبها رأي النور على خشبة المسرح وحققت نجاحا فائقا: تخاريف، اهلًا يا بكوات، أنت حر، وجهة نظر، الهمجي، بالعربي الفصيح، زكي في الوزارة.
وهو يستعد الآن لعرض جديد «اضحك لما تموت» على خشبة المسرح القومي، يخرجه اللامع عصام السيد، ولم تبدأ بروفاته بعد، فلم يتفقا حتى الآن على النجمين اللذين يؤديان الشخصيتين الرئيستين في المسرحية، وهي تدور عن صديقين كبيرين في السن، التقيا بعد سنوات طويلة من الفراق وكل منهما محمل بتجارب وخبرات وأوجاع ومخاوف وأحلام محبطة..فما الذي يحدث بينهما وماذا يقولان لبعضهما البعض بعد كل ما حدث في حياتهما؟
سألته: قرأت أن النجمين هما عزت العلايلي وحسين فهمي كما حدث في «اهلًا يا بكوات»؟
أجاب: نحن متفقون على عزت العلايلي لكن النجم الثاني محل حوار مع المخرج عصام السيد.
سألته: كيف يضحك الإنسان لما يموت؟
أجاب ضاحكا: سوف يكتشف الجمهور ذلك في العرض وهو بعد شهرين بالمسرح.
سألته: في السنوات الأخيرة أخرجت بنفسك كثيرا من مسرحياتك، فلماذا لا تحاول هذه المرة؟
أجاب: أخرجت حين تحملت إنتاج مسرحياتي بتكاليف محدودة، فدائما عندي أفكار لمسرحيات قصيرة، أُخرجها وأُنتجها، فعشقي للمسرح يدفعني للتواصل معه دون توقف، وكنت صاحب تجربة فريدة في تقديم مسرح للهواة في القطاع الخاص، وقدمت بهم 15 مسرحية، بدأتها بالعربي الفصيح بعد انفصالي عن محمد صبحي، وخرج منها نجوم كبار مثل منى زكي وفتحي عبد الوهاب ومصطفي شعبان، كنت استأجر سينما في الإسكندرية وأحولها إلى مسرح صيفي على ناصية شارع صفية زغلول، أعرض عليه هذه الأعمال، ومنها مسرحيات لعب بطولتها أشرف عبد الباقي وهاني رمزي..كما عرضت أعمالا على سطوح قصر السينما في جاردن سيتي.
سألته: لماذا يبدو المسرح عليلا إلى حد التوقف؟
قال: حالة ارتباك طبيعية، ألا تجد الناس مرتبكة؟، فما الذي يتكلم فيه أهل المسرح وكيف؟
قلت: قطعا أنت متابع لحياتنا العامة.
كان رده مدهشا: إلى حد ما.
وحين رأي نظرة تعجب قال: لا أريد أن أكون ملما بكل الأشياء وكل التفاصيل، يكفيني أن أعرف «الحكاية» على بعضها، خطوط عريضة ترسم الملامح الرئيسيّة.
سألته: لماذا؟
اجاب: لكي نري الصورة متكاملة علينا أن نرصدها بنظرة الطائر المحلق في الفضاء حتى لا نتوه في الجزئيات الصغيرة، التفاصيل ممكن أن تكون سجنا لعقل الكاتب، الرؤية الأوسع فيها حرية للتأمل والتفسير، التفاصيل الواقعية ملك اللحظة الآنية، خاصة بحالة، بموقف، بحادث، بواقعة، لكن الرؤية الأوسع تمنحني القدرة على تفسير الصورة الكلية بتفاصيل اختارها أنا، وأعيد تشكيلها لشرح هذا الواقع شرحا قد يصدم الناس ويجبرها على التفكير في حياتها.
سألت: وكيف ترى «الحكاية» على بعضها..أقصد هل أنت متفائل بها مثلا؟
قال: لا متفائل ولا متشائم.. مازال المشهد في حالة سيولة نسبية، ربما تحدث أشياء تبقى كويسة، وربما تحدث أشياء لا ترضينا، ولا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، فلست مفكرا استراتيجيا، نحن مثل المسافرين على محطة قطار، ننتظر وصوله ولا نعرف موعده، ولا تنس أن الناس «قلقة»، وتعيش حياته يوما بيوم، أسعار ملتهبة، ودخول لا تكفي.. الناس كان عندها أمل أكثر مما حدث في واقعها، كانوا ينتظرون أشياء أفضل بعد 25 يناير، لكن سفينتهم أبحرت إلى جهة غير التي حلموا بها، فصدمهم الواقع، وعملوا على إصلاحه.. لكن حلمهم في الأفضل مازال مبحرا عنهم وهم ينتظرونه أن يصل إليهم.
سكت برهة كأنه يتذكر شيئا وقال: أنا لست من أهل السياسة، والسياسة ليست مجرد أحزاب وبرلمان وتصويت وانتخابات ودستور، هي فرع من شجرة لها جذور عميقة، اسمها البناء الفكري، الفكر هو الذي يشكل السياسة، ومادام الفكر معطوبا وضاربا في القرون الوسطى، لا يمكن أن يكون لدينا سياسة بالمعنى الحقيقي الذي يعرفه العالم المتقدم، خذ كل التيارات الموجودة، يمين، يسار، وسط أو كما يسمون أنفسهم أحزابا وجماعات، كلها شكل بعضها البعض، الفروق بسيطة للغاية وفي تفاصيل لا تعيد تشكيل الحياة على الأرض المصرية بطريقة مختلفة ومبتكرة، لأن الأزمة في الفكر القائد وليست في السياسة التابعة.
قلت: هذه فلسفة قد لا يفهمها الناس.
قال: المسألة ليست دستورا جيدا أو رديئا، ليست حرية تكوين أحزاب أو تقيدها، ليست حرية صحافة أو تكميمها , وإنما في الأفكار التي نسير عليها، أسلوب التفكير الذي نلزم به أنفسنا، هل نتبع المنهج العلمي المنظم في التفكير في كل شئون حياتنا: تربية، تعليم، زواج، طلاق، مرور، عمل، دراسة، صحة، عمارة، فن، غناء، رياضة، تسلية، نظافة، انتقالات..الخ أم أننا نمشي بالبركة ودعاء الوالدين وانتظار ما تسقطه السماء على رءوسنا من إشارات تهدينا إلى الطريق.
قلت: مؤكد أن لدينا كثيرا من المصريين يلزمون أنفسهم بالتفكير العلمي المنظم إلى جانب هؤلاء الغارقين في البركة والدعاء؟
قال: منتهى اللخبطة..فهذا منهج يؤدي إلى نمط من الحياة والإنتاج وقيم العمل..وذاك منهج يؤدي إلى نمط آخر من الحياة والاستهلاك وقيم العمل، وهما نقيضان، والسياسة لا تؤسس منهجا شاملا للحياة وإنما هي أسلوب إدارة يومية لها، فإذا كنت تعيش على منهج متخلف أو غير صالح لعصرك، فلن تحقق شيئا ذا قيمة مهما اتبعت من إدارة سياسية لحياتك، يعني لن تبني التراكم الثقافي والإنتاجي صانع الحضارة.
وعموما قلة غير مؤثرة على الإطلاق هي التي تلزم نفسها بالتفكير العلمي المنظم لكن الغالبية الكاسحة على العكس تماما، بل تعادي هذا النوع من التفكير المُجهد الذي يستند إلى الشك والنقد والإبداع، وليس التسليم واليقين والتقليد.
سألته: والجامعات، والمدارس وملايين الخريجين بالشهادات العليا..أين ذهبت حصيلة كل ذلك؟!
ضحك لينين الرملي وقال: مجرد شهادات، تستيف أوراق..انظر إلى العمارات التي يسكن فيها أطباء ومهندسون وباحثون وصحفيون وقضاة ومديرون وضباط ومدرسون..ما هو أول مشهد يشد نظرك؟!..هذه عمارات لا تعرف الصيانة، وحوائط المرافق بها من كثرة إهمالها وعدم صيانتها شكلها بشع وتكاد تنهار..لأن هؤلاء بالرغم من التعليم وشهادات البكالوريوس والدكتوراه لا يدركون قيمة الصيانة، أو يتحدثون عن قيمتها لكن الثقافة المتخلفة المعششة في عقولهم تعوق قدرتهم على الالتزام بها، لأن الصيانة عائدها طويل المدى وغير ملموس بينما هم يريدون العائد المباشر الملموس في لحظتها، ما قيمة هذا التعليم الذي لا يجعل هؤلاء «البهوات» يمارسون التفكير العلمي المنظم في ضبط أمور بسيطة جدا في حياتهم اليومية؟!
قلت: هذا توصيف قديم، كأننا ندور في متاهة مشاكلنا دون أن نجد لها حلا.
قال: فعلا فنحن لم نتغير، ولم نصل إلى ما نحلم به، لأننا دخلنا في حاجات كثيرة معطلة، أو أدخلونا فيها.
قلت: أستاذ لينين هل تريد منا أن نمضي على نفس الدرب الذي سلكه الغرب للخروج من كهف التخلف إلى العصر الحديث؟
سألني بدوره: ولم لا؟.. ما العيب في ذلك؟
سألته: وخصوصيتنا الثقافية والدينية؟
أجاب: هل هذا يمنع؟..ومن طلب أن نتخلى عنها؟، نحن نتعلم نفس التعليم ونسير في نفس الشوارع، نسكن نفس البيوت، وكل منا له شخصيته المتميزة، هل خلعت اليابان شخصيتها ولبست شخصية كاوبوي أمريكي لتبدع هذا القدر الكبير من التقدم؟.. نحن نتحدث عن الأخذ بالمنهج العلمي في التفكير وقيم احترام الوقت والعمل وحقوق الآخرين، وعموما كل ما نعمله الآن هو محاولات لتقليد الغرب دون أن نجيد ما يعملونه لأن أفكارنا مازالت تنتمي للقرون الوسطي، فالمطبعة والصحافة والدستور والبرلمان جاءتنا على استحياء مع حملة نابليون بونابرت، وكلها من نتاج عصر النهضة الأوروبية، أي صادرة من بناء فكري جديد ظلوا يبنون فيه فترة طويلة بإعلاء قيمة العقل.
قلت: لكن دول مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية أحدثت فروقا جوهرية في حياتها دون أن نسمع أنها صنعت «عصر نهضة» كما حدث في أوروبا؟
قال: التقدم له شروط عملت بها وأهمها « الأخذ بالمنهج العلمي في التفكير» وهذا هو جوهر عصر النهضة الأوروبية، خذ نموذجين في منتهى التناقض..ستالين في الاتحاد السوفيتي دكتاتور صنع تقدما هائلا بصناعة حالة فكرية متطورة وانتصر في الحرب العالمية الثانية، وهتلر طاغية صنع تقدما هائلا وخسر في نفس الحرب لأنه تجاوز حدود القوة، فهذه أنظمة غير ديمقراطية بالمرة لكن تعاظمت قدرات بلادها بشروط عصر النهضة.
قلت: كان لنا مشروع نهضة فكرية بعد ثورة 1919 واستطيع أن أحصى مئات الأسماء التي هزت شجرة الأفكار القديمة من جذورها مثل طه حسين وسلامة موسى والعقاد وأحمد لطفي السيد وتوفيق الحكيم وسعيد الصدر ومحمود مختار وسيد درويش..فلماذا لم نجن ثمارها؟!
أجاب: لأنه حدث انقلاب ضدها، بتراجع أفكار الحرية والليبرالية في النصف الثاني من القرن العشرين، على أيدي الجماعات الدينية السلفية بكل أشكالها، وممارسات سلطة كانت تتهادن مع هذه الأفكار وتستغلها، فعادت ريما لعادتها القديمة..كان من الصعب أن يصمد ما جاء به الرواد أمام ما يقوله رجال دين يتصورون أنفسهم أوصياء على السماء، وما ينشرونه في كل الوسائل والوسائط والمساجد، وما تبثه وسائل الإعلام من إذاعة وتليفزيون وصحافة لقيم متخلفة..كان يصعب أن يصمد ما جاء .. وبالتالي لبست مصر الحجاب والنقاب بعد أن خلعته من ثمانين سنة، وطبعا أخاف أن يفسر أهل القرون الوسطى ما أقول بأنني أدعو النساء إلى السير عاريات في الشوارع..وهم معتادون على تشويه الحقائق.
والخلاصة؟
قال لينين الرملي وهو يضغط على حروف كلماته: لن نتغير إلى الأفضل إلا بصناعة بناء فكري عصري يحتل عقل الناس بدلا من البناء الحالي.
أغلقت أجندتي ابتسم قائلا: منتظرك في المسرح.
قلت له: طبعا.. فنحن نريد أن «نضحك لحد الواحد ما يموت من الضحك»!
لا أريد أن أكون ملما بكل تفاصيل حياتنا العامة..وتكفينى «الحكاية» على بعضها!
تفاصيل الواقع تسجن عقل الكاتب وعين الطائر المحلق تمنحه قدرة أفضل على التفسير
لست متشائما ولا متفائلا..ولا أستطيع التنبؤ بالمستقبل
أزمتنا هي التفكير بعقل القرون الوسطي وليس في الحالة السياسية من دستور وأحزاب ومؤسسات وصحافة
نحن مثل مسافرين على رصيف قطار لا نعرف موعده


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.