شهدت مصر ، خلال السنوات الماضية، حربا ضروسا واجهت فيها كل قوى الشر وجماعات الظلام التى تحالفت على هدف واحد وهو الانتقام من هذا الشعب الشجاع، الذى وقف فى وجه الطوفان وخرج فى 30 يونيو ليعلن رفضه حكمهم. تلك الحرب التى دفع فيها أبناؤنا خيرة شبابنا الثمن من دمائهم وتركوا فى سبيلها الابن والابنة والأم والأب. وفى ذكرى يوم الشهيد وتخليدا لبطولاتهم، التقى «الأهرام» عددا من أسر شهداء القوات المسلحة الذين قدموا نموذجا رائعا فى التضحية والإيثار, ورغم اختلاف القصص والحكايات، التى نحاول من خلالها رسم ملامح شهدائنا وأبطالنا الذين قدموا أرواحهم هدية للأم الكبيرة «مصر»، تبقى دائما أسماؤهم خالدة محفورة بحروف من نور فى صفحات السجلات العسكرية. الشهيد رامى حسنين.. بطل من ذهب «أنا بدافع عن مصر وواخدين بالنا من دم الأبرياء» تلك الكلمات كانت الرسالة الأخيرة التى بعث بها الشهيد البطل العقيد رامى حسنين وذلك بعد انتهائه من الاشتراك فى قوات حفظ السلام بالكونغو وتعيينه قائدا لكتيبة بشمال سيناء. فى 29 أكتوبر الماضى، انتشر خبر يفيد باستشهاد بطل جديد من أبطال القوات المسلحة، إلا أن الصور التى صاحبت الخبر، والمعلومات التى بدأت تنتشر فى المواقع والصحف، تؤكد أنه شهيد فوق العادة، وأن العقيد رامى حسنين قد حفر اسمه من نور بين قائمة الشهداء ممن ضحوا فى سبيل الوطن. يقول والده الحاج محمد حسنين: «إن الشهيد قبل سفره الأخير قضى يوم الأربعاء مع ابنته نورسين وذهب إلى مقر قيادة وحدات الصاعقة بأنشاص، وسلم على كل زملائه وقياداته، ويوم الخميس جاء إلى إيتاى البارود وأنهى جميع المتعلقات المالية، وجلس مع زوجته الدكتورة رشا فريد، وابنتيه نورسين، ودارين وكأنه يودعهم». وأضاف أن الشهيد البطل كان يؤكد دوما أنهم يحافظون على دماء الأبرياء فى شمال سيناء، ويعملون على تحرى الدقة مع العناصر الإرهابية والمتطرفة، وكان دائما يصلى ويحفظ القرآن، ويعمل على توجيه النصيحة الحسنة إلى كل من خالفه الرأي. كان رامى حسنين أحد أبرز الضباط الذين يقومون بعمليات مكافحة الإرهاب فى شمال سيناء ضد العناصر الإرهابية والمتطرفة، وتم استهدافه يوم 29 أكتوبر الماضي، بعد مرور المدرعة بين حاجزى السدة والوحشي، جنوب الشيخ زويد، الواقعة بين مدينتى العريش ورفح على الحدود مع قطاع غزة. الشهيد مصطفى حجاجي.. الكلمات لا توفيه حقه .. ومن بين هؤلاء الأبطال قائد بكل ما تحمل الكلمة من معنى وهو الشهيد الرائد مصطفى حجاجى حلمى محمد والذى استشهد فى 18 يوليو 2015 فى ثانى أيام عيد الفطر فى أثناء استهداف كمين أبو رفاعى فى سيناء، والغريب فى هذا اليوم أنه نفس اليوم الذى تخرج الشهيد فيه فى الكلية الحربية عام 2009 وكان الأول على دفعته 103 صاحبة التاريخ الكبير من التضحيات اثناء الحرب على الارهاب فى سيناء. يقول المهندس وائل حجاجي، شقيق الشهيد، إنه كان دائم الحرص على تجميع أبناء دفعته من أجل المشاركة فى أعمال الخير، وكان من المفترض أن يعود الى بلدته قرية الشغب بالأقصر فى إجازة العيد من أجل البحث عن شريكة حياته، ولكن ذلك لم يتحقق، ونال ما كان دائما يريد أن يناله وهو الشهادة، حيث إن شقيقه الشهيد هو الذى طلب نقله الى سيناء خاصة بعد استشهاد المقدم أحمد الدرديرى ابن مدينة إسنا المجاورة لقريتهم، والذى استشهد فى الهجمات الإرهابية التى استهدفت كمائن عدة بشمال سيناء فى 1 يوليو 2015 وطلب من قيادته أن يحل مكان الشهيد الدرديرى بالكمين. وقال: «اخى طلب من قيادته نقله إلى مكان الدرديرى للأخذ بثأره لأنه من نفس بلده على الرغم من أن شقيقى كان مرشحا لمنصب أفضل وأعلى داخل القوات المسلحة إلا أنه تسلم موقع عمله بالكمين حتى لحق بابن بلده فى الشهادة ونالها». وأشار الى أن أحد المجندين كان معه لحظة الشهادة، وقال إن هناك قذيفة سقطت مفاجئة على الكمين والوحيد الذى نطق الشهادة اكثر من مرة هو الشهيد مصطفى حجاجى وكان ثانى أيام العيد، وكان دائما يحرص على الصوم وخاصة الاثنين والخميس طوال العام وانه عند ابلاغه باستشهاد شقيقه فى سيناء لم يصدق وأخطرهم بأن شقيقه ليس موجودا بسيناء ولكن كان الخبر صحيحا ولم يبلغنا به. الشهيد حازم أبو المعاطي رائد شهيد بطل حازم أسامة أبوالمعاطي، قائد كمين النقب بالوادى الجديد، استشهد هو و8 آخرون من أبطال قوات الشرطة البواسل، وذلك بعد قيام مجموعة إرهابية بمهاجمة الكمين، على بعد 80 كيلو من مدينة الخارجة، فى 16 يناير الماضي. وكان من المقرر أن «ينزل» الشهيد إجازته يوم 17 يناير، أى بعد يوم واحد فقط من استشهاده، لكن الله عز وجل أراد أن يلتقيه، بدلا من أن يلتقى الشهيد أسرته وأهله وأقاربه وأصدقاءه. ويروى العميد حسام أبو المعاطي، والد الشهيد، أنه استشهد فى الساعة السابعة والنصف مساء، حيث قام الشهيد بالاشتباك مع العناصر الإرهابية لمدة 20 دقيقة، ورفض أن يترك موقع الكمين هو وجنوده، وظل يتعامل مع العناصر الإرهابية لآخر نفس، حتى استشهد ومعه 8 من أبطال الكمين البواسل. وأضاف أن الشهيد قام بالدفاع عن الكمين بكل بسالة وشجاعة، ونجح فى قتل اثنين من العناصر الإرهابية ممن قاموا بالهجوم على الكمين، كما قام العساكر بالتعامل الشجاع مع تلك العناصر الإرهابية، التى لا تعرف دينا أو إنسانية، لكن الله أراد أن يستشهدوا فى سبيل الدفاع عن مصر وشعبها. الشهيد العقيد أحمد الدرديرى دماثة خلقه وتدينه وبره بوالديه وسلوكه الطيب وسط زملائه وجنوده صفات رائعة تحلى بها الشهيد الراحل الى جانب حبه الشديد لوطنه وبلاده ، فكانت البطولات العسكرية لأبطال وقادة حرب اكتوبر العظماء قد شكلت فى وجدان الشهيد عقيد أحمد الدرديرى شغفا قويا وحب للحياة العسكرية وهذا ما دفعه للالتحاق بالكلية الحربية، حيث كان يعتبر قادة الحرب قدوته ومثله الاعلى فى التضحية والفداء. فى البداية قالت السيدة ياسمين مصطفى زوجة الشهيد البطل احمد الدرديري، ان الشهيد كان قد قدم عدة طلبات أفصح فيها عن رغبته الشديدة فى المشاركة فى العمليات العسكرية فى سيناء أو ورفح أو الشيخ زويد او العريش وكل ذلك كان سرا دون علمنا على الاطلاق. وبحسب ما روته زوجته عن طريق زملاء الشهيد المقربين له أنه تمت الموافقة على طلب الدرديرى بالفعل لينقل الى الشيخ زويد وذلك فى إبريل عام 2015 حيث اوكل اليه مهمة الاشراف على تأمين سلسلة كمائن بالشيخ زويد وهى كمائن سدرة ابو الحجاج التى اطلق عليها كمائن الزلازل والتى كان الهدف من اقامتها قطع الطريق على الجماعات الارهابية وذلك بسبب تكرار الهجوم الارهابى المسلح على بعض النقاط الامنية. وتابعت انه فى الأول من يوليو 2015 حدث هجوم ارهابى على 6 أكمنة بالتزامن حوالى الساعة السادسة صباحا، حيث اقتحمت الكمين سيارة مفخخة وقامت قوات الكمين بتدميرها قبل وصولها الى الكمين ثم تلا ذلك محاولة اقتحام أخرى للكمين بسيارات دفع رباعى تحوى كل سيارة ما يقرب من 20 او 25 عنصرا إرهابيا وكانوا مسلحين بأربى جيهات واسلحة قنص واسلحة متعددة، فقام الشهيد احمد بتفجير سيارتين قبل وصولهما الى الكمين، حيث استشهد احد زملائه الضباط خلال عملية محاولة اقتحام الكمين، ثم أعقب هذا الهجوم هجوم آخر عن طريق مسلحين على دراجات نارية يحملون الرشاشات وعلى الفور تعاملت معهم كل قوات الكمين حيث صفوا منهم عددا كبيرا وهنا اصيب احمد فى قدمه اليمنى وواصل القتال حتى اصيبت قدمه الأخرى، وخلال هذه المعركة الضارية اوشكت ذخيرة الكمين على ان تنفد فأعطى الشهيد الدرديرى أوامره لجنوده بأن يحتموا داخل مدرعاتهم ويذهبوا لكمين آخر لإمدادهم بالذخيرة، حيث رفض الجنود ان يتركوه بمفرده الا أنه اصر وطلب منهم ان يحتموا بالمدرعة من النيران الكثيفة الموجهة اليهم من قبل الجماعات الارهابية حيث ظل احمد مع اثنين من جنوده يقومون بحماية ظهر بقية الجنود لحين عودتهم بالدعم والذخيرة وفى لحظة اخترقت رصاصة موجهة من احد قناصة الجماعات الارهابية رقبة احمد حتى لفظ انفاسه الاخيرة واودت بحياته فى 14 رمضان نحو الساعة العاشرة صباحا. الشهيد المقدم شريف محمد عمر الشهيد شريف ابن السكندرى دمث الخلق محمد عمر، المدير الفنى لنادى الاتحاد السكندرى الأسبق ومدير منتخب مصر العسكرى لكرة القدم وابن شقيقة المحلاوى الأصيل شوقى غريب، ولكنه ابن مصر، المقدم المقاتل الشهيد شريف محمد عمر. قصة استشهاد البطل تثبت أن أرض سيناء الطاهرة مروية بدماء ابطال من كل المحافظات ،دليل حى ينفى مايردده الموتورون من ان أبناء الكبار والمشاهير، لا يذهبون إلى أرض المعركة، لا يذهب إلى سيناء إلا أولاد الفلاحين، أما أولاد علية القوم فلا يذهبون!! عندما تم تحديد المهمة قال له قائده المباشر: «المكان ده ما يبقاش بعيد عليك يا شريف». الشهيد: «ما فيش حاجة بعيدة يا افندم». بهذه الكلمات أتم الشهيد البطل المقاتل شريف محمد عمر آخر كلام يقوله منذ عام بالتمام قبل أن يغادر دنيانا و هو يستأذن فى تفتيش مكان شديد الخطورة، وكأنه كان يقول «الجنة هناك يا افندم لو سمحت ما تأخرنيش».