أصدر المجمع العلمى سفرا مهما يضاف إلى المكتبة العربية لأنه يسجل بدقة لفترة مهمة من تاريخ مصر هو «الأوامر العسكرية اليومية لنابليون بونابارت فى مصر 1798- 1799» وصدر فى جزءين من القطع الكبير فى 1144صفحة، ومقدمة للمرحوم د. إبراهيم بدران الرئيس السابق للمجمع، وتمهيد للمؤرخ الفرنسى هنرى لورانس، وتقديم المترجم د. أحمد يوسف، ومدخل إلى الكتاب سطره تييرى لانتز أمين عام اللجنة المكلفة بنشر مراسلات نابليون. واستضاف المجمع الكاتب الصحفى صلاح منتصر ليقدم رؤيته حول هذا السفر، ومدى أهميته، خاصة أنه عرض له فى سلسلة مقالات لاقت اهتماما من القراء، وتساؤلات منهم عن كيفية اقتنائه. فى البداية رحب د. فاروق إسماعيل أمين عام المجمع بالأستاذ صلاح منتصر، وأثنى على تناوله المتعمق لرسائل نابليون فى عدد من المقالات الصحفية، ونشره مقتطفات منها فى عموده اليومى بالأهرام. وبدوره حيا منتصر رئيس المجمع د.محمد عبد الرحمن الشرنوبى واسم رئيس المجمع السابق المرحوم د. إبراهيم بدران، وأمينه العام، والكوكبة من العلماء الذين حرصوا على الحضور. ثم تساءل عن سبب قدوم نابليون إلى مصر، موضحا أنه كان مهتما بهذه القضية لسبب مهنى هو قدومه ومعه المطبعة التى بدأ معها تاريخ الصحافة فى مصر، وسبب تاريخى هو أن قدومه كان سببا فى مجىء محمد على إلى مصر، ليحكمها ويغير التاريخ. وأشار إلى أن نابليون كتب فى 23 شهرا 2485رسالة، عرض لمختارات منها ثم أبدى عليها عددا من الملاحظات المهمة منها : أن نابليون كان ذا عقلية ثقافية علمية فكرية تجلت فى اصطحابه العلماء والمفكرين والمهندسين الذين بلغ عددهم نحو 150 عالما فى مختلف العلوم والتخصصات ، وفى قراره إنشاء المجمع العلمى، واصطحابه أول مطبعة تعرفها مصر، الأمر الذى أعطى حملته وجها ثقافيا وعلميا كان له أثره على الحياة المصرية، على الرغم من اعتبار المصريين الحملة الفرنسية استعمارا واحتلالا قاوموه بعنف. ورغم أن الرسائل بين فرنسا ومصر كانت تستغرق أكثر من شهر فإن نابليون كان ينتظرها بشوق وهو ما يعكس طبيعته الإعلامية وحرصه على معرفة تفاصيل أخبار وطنه، لأنه كان يحمل فى ضميره شعورا بأنه المنقذ لفرنسا. كما لاحظ أن هذه الرسائل تكشف حرص نابليون على تتبع تصرفات ليس القادة الكبار فحسب أو الضباط ، بل حتى صغار الجنود، فقد تضمنت رسائل كثيرة طلبات منه بمكافأتهم أو معاقبتهم. كما تكشف الرسائل ثورة نابليون العارمة على الجنرالات بعد تمكن الانجليز من تدمير جزء كبير من الأسطول الفرنسى فى أبى قير، مؤكدا أن ما حدث هو هزيمة للجنرالات وليس للأسطول الفرنسى، ولاحظ منتصر أن الرسائل تكشف أيضا أن نابليون لم يكن متفرغا لمصر، بل كان مشغولا بوطنه فرنسا وما يحدث فيه، وأن حلمه بالإمبراطورية قد تحطم مع فشله فى غزو عكا؛ فانتهت رحلة قائد من نوعية خاصة يجمع بين المتناقضات. وأشار منتصر إلى أنه فى أثناء قراءته رسائل نابليون كان كثيرا ما يرجع إلى تاريخى الرافعى والجبرتى خاصة فى وصفهما ثورة المصريين على الحملة الفرنسية،منوها بأمانة نابليون فى وصف هذه الأحداث فى رسائله إلى الإدارة فى فرنسا، وأنه وصف تلك الثورة بصورة تتفق تماما مع ما قاله كل من الجبرتى والرافعى. وأنهى منتصر كلمته بقوله «نحن أمام صفحات مهمة من تاريخ وطن وقائد عسكرى»، داعيا إلى طباعة هذا السفر المهم طبعة مناسبة تكون فى متناول الجمهور. وفى كلمته قال د.عبد الرحمن الشرنوبى: لقد التقط منتصر بذكاء كبير أهم سمات شخصية نابليون، ولا أعتقد أنه كان مؤرخا وهو يتحدث، بل كان مدققا فى شخصية نابليون. ونوه الشرنوبى إلى ترجمة الكتاب إلى اللغة اليابانية، كما أشار إلى أن هناك مشاورات بين المجمع العلمى وجمعية أصدقاء نابليون والمجمع العلمى الفرنسى لترجمة مذكرات كليبر.