من بين ما نخطيء جميعا فى فهمه حول شئون إدارة الحكم فى مصر أننا نتصور أن الرئيس هو الحل وأنه وحده الذى يملك مفاتيح الحلول السحرية للتعامل الصحيح مع مشاكلنا وأزماتنا المستعصية متناسين أننا فى مرحلة جديدة لم تعد فيها الكرة فى ملعب الرئاسة والحكومة فقط. ومع التسليم بأنه مع وجود برلمان يستمد حيويته من صحوة الرأى العام ويجعل كل شيء خاضعا للبحث والنقاش فإن دور الرئيس المنتخب مباشرة من الشعب يتمحور حول كيفية إحداث التوازن بين مؤسسات الدولة تفاديا لخطر الانزلاق تحت رايات المزايدة باتجاه انتهاج خيارات اجتماعية واقتصادية تتناقض مع روح العصر أو تتصادم مع مصالح الغالبية العظمى لمحدودى الدخل. ولست أبالغ إذا قلت إن شجاعة الرئيس السيسى فى رفض سياسة المسكنات وتوجيهاته المباشرة للحكومة من أجل إجراء جراحات عاجلة للاقتصاد المصرى يمثل لنا رغم أية أوجاع أو متاعب مرحلية فرصة تاريخية يتحتم الإمساك بها ومن ثم لا ينبغى السماح لأى أصوات نشاز أن تؤدى إلى إفلات الفرصة من أيدينا. إن أسوأ ما يمكن أن يتعرض له أى وطن فى مراحل التطور أن تغيب عنه البوصلة الصحيحة التى تحدد الاتجاهات والبوصلة الصحيحة لأى وطن لا تعمل من تلقاء نفسها أو بتوجيهات رئاسية بعينها وإنما هى مسئولية مجتمع بأسره ينبغى عليه صياغة توافق عام بشأن ما هو مسموح ومحظور تجنبا لمخاطر تشويه الحقائق باسم الحرية والدق فقط على أوتار الهموم والمشاكل لاستدراج الناس وإدخالهم فى حالة انفصام بين واقع صعب يصارحهم به الرئيس وبين فتاوى ووعود لدغدغة المشاعر وتغييب العقول! مصر الجديدة ليست مسئولية السيسى وحده وإنما هى مسئولية شعب بأسره ينبغى عليه أن ينتبه لأبواق التحريض والتشكيك لكى نحصد غدا ثمار ما نزرعه اليوم! خير الكلام: الأزمات والمصاعب امتحان ثقيل قبل أن تكون دروسا يستفاد منها!