على الرغم من كونها قضية بيئية، فإن «التغيرات المناخية» تطل من الحقيبة الدبلوماسية، باعتبارها قضية دولية، تتشارك فيها دول العالم، على اختلاف قدراتها الاقتصادية والسياسية، كأطراف متقابلة. ومن هنا أُنشئ «منتدى القاهرة للتغير المناخي»، المنبثق من برامج المعونة الألمانية، وتدعمه السفارة الألمانية بالقاهرة. ولإيضاح الدور الذى يقدمه المنتدى لمساعدة مصر وأفريقيا فى تحقيق خطوات التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية، كان للصفحة هذا الحوار مع راوية طعمة، رئيسة القسم العلمي، ومديرة المراسم فى السفارة، التى تؤكد وجود تعاون مصرى - ألمانى واسع، فى مواجهة تغيرات المناخ، والتحضير لمؤتمر بون. فى البداية توضح راوية أن السفارة الألمانية بالقاهرة أطلقت «منتدى القاهرة للتغير المناخي» فى عام 2011، بالتعاون بين مؤسسات حكومية ألمانية ومصرية ممثلة بوزارتى البيئة والخارجية، بهدف تنظيم فاعليات شهرية، فى شكل حلقة عمل تضم خبراء ومتخصصين ثم تتبعها حلقة نقاشية عامة تجمع بين صانعى القرار والمتخصصين وممثلى المجتمع المدنى، من أجل تبادل الخبرات، وتشجيع التعاون بين الجهات المعنية، ورفع مستوى الوعى لدى الرأى العام بخطورة التغير المناخي. وتكشف أن المنتدى قدَّم نماذج للتعاون بين السفارة الألمانية فى القاهرة، والهيئة الألمانية للتبادل العلمى، والوكالة الألمانية للتعاون الدولى، من جهته، والجانب المصرى ممثلا فى وزارت البيئة والخارجية، وجهاز شئون البيئة، واللجنة المصرية الألمانية المشتركة للطاقة الجديدة والمتجددة وكفاءة الطاقة، من جهة أخرى، من أجل تفعيل دور المنتدى فى مجالى التغير المناخي، والطاقة المتجددة. مؤتمر.. وتعاون وتستطرد راوية طعمة: «نحضِّر فى ألمانيا لعقد مؤتمر بون حول التغير المناخى، ونتواصل مع وزارة البيئة المصرية فى هذا الخصوص». وتضيف أنه تم وضع خطة عمل حتى عام 2050، وفيها تم تحديد المجالات الرئيسية، التى يمكن أن تسهم فى خفض الانبعاثات الغازية المضرة، التى تتمثل فى مجالات الزراعة والبناء والتشييد والنقل والطاقة والصناعة، مشيرة إلى أن نسبة الخفض المتوقعة تبلغ من 80% إلى 95% بحلول عام 2050. وتوضح أن ألمانيا تركز على التعاون فى مجال مشروعات الطاقة المتجددة، والتحول من المصادر التقليدية إلى المصادر المتجددة النظيفة مثل الشمس والرياح، وأن ألمانيا أيضا تدعم هذه المشروعات بمصر، من خلال لجنة عليا تشارك فيها هيئات ألمانية، وأخرى مصرية. وتتابع أن ألمانيا تدعم مصر كذلك، عبر تبادل الخبرات، والخروج بحلول تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة بها، إضافة إلى قيامها بتقديم معونات لمساعدة مصر، للتصدى للآثار السيئة للتغير المناخي، والتكيف معها، مؤكدة أن ألمانيا تُعد أكبر دولة مانحة لمصر فى هذا المجال. خبراء.. وبرامج وحول الخطوات الفعلية فى هذا المجال، تقول راوية طعمة إن ألمانيا تقوم بدعم مصر عن طريق إرسال العديد من الخبراء العاملين فى مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والتخلص الآمن من مياه الصرف الصحى والزراعى والمخلفات، وهنا يسهم بنك التنمية الألمانى فى تمويل برامج التنمية بمصر وأفريقيا لصنع ظروف معيشية أفضل، والتغلب على تلوث البيئة، وحمايتها، وفق قولها. وتؤكد أن برامج التنمية تُعد عنصرا أساسيا فى التكيف مع الآثار السلبية للتغير المناخي، وحماية التنوع البيولوجى للكائنات الحية، مشيرة إلى أن لهذه المبادرة عشرة مشروعات فى مصر. وتشير إلى أن جمهورية ألمانيا الاتحادية تُعد الشريك الأهم لمصر فى مجالى حماية البيئة والتغير المناخي، فضلا عن أن مجالى حماية البيئة، والتكيف مع التغير المناخي، هما من أهم مجالات التعاون الإنمائى بين مصر وألمانيا، وقد تم رصد ما يقرب من 1,7 مليار يورو لتمويل المشروعات الجارية فى مجالات الطاقة المتجددة والمياه والمخلفات، وكذا مجال التخطيط العمراني، حسبما تقول. مصر «قادرة» وتؤكد فى حوارها أن مصر تمتلك قدرات هائلة لمواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي، ومنها القدرات فى مجال الطاقة المتجددة، مستطردة أنها إذا تحولت إلى مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة المتوافرة كثيرا لديها مثل طاقة الشمس، فسوف يؤدى ذلك إلى الحد من الانبعاثات المضرة بنسبة كبيرة. وتردف أن معهد «فراونهوفر» الألمانى للطاقة المتجددة، أتم دراسة أخيرا تناولت إنتاج الطاقة الشمسية بمصر، والمقارنة بين تكاليف إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة، والتكاليف للإنتاج من مصادر تقليدية قديمة، مشيرة إلى أن الدراسة أثبتت أن تكاليف الإنتاج من مصادر متجددة تنافسية جدا، وتجعل مصر دولة قادرة على تصدير الطاقة بحلول عام 2035. ولرفع الوعى البيئي، وإرساء مفهوم التفكير بطريقة خضراء، وفق تعبيرها، تم إنشاء مبادرة طلابية جامعية تسمى «شباب يفكر بطريقة خضراء»، فى القاهرة، وتقوم على غرار مبادرة ألمانية. وأخيرا، تختتم حوارها، قائلة: «نحن نقدم الدعم لتلك المبادرة، بهدف تشجيع شباب الجامعات، لتبنى الفكر البيئى المستدام، وقد نظمنا، فى هذا الإطار، معسكرات صيفية، أحدثها كان فى محافظة البحر الأحمر ، ومكث فيه الطلاب ثلاثة أسابيع يناقشون موضوعات خاصة بالمياه، واستخدامها، بطريقة مستدامة»، بحسب تأكيدها.