«الاعتذار» كلمة بسيطة على اللسان ولكنها ثمينة فى معناها، غالية فى تأثيرها على النفس، لها دور فعال وقوى فى إرساء روح الحب والتسامح بين الناس.. لذا عزيزتى الأم لا تغفلى أبدا عن غرس ثقافة الاعتذار فى نفوس أطفالك، وأن الاعتراف بالخطأ فضيلة لا يتحلى بها إلا الأقوياء. حول هذا الموضوع تحدثنا د. رؤيات الخطيب مدرس تكنولوجيا التعليم والتربية الخاصة بكلية التربية جامعة حلوان ومستشار تنمية الموارد البشرية: «أنا آسف، أنا غلطان، عفوا، سامحونى».. عبارات تعبر عن مدى إحساس الإنسان بوقوع خطأ ما عمدا أو عن غير قصد والحياة اليومية لا تخلو من المواقف التى يتوجب فيها الاعتذار، والاعتذار ثقافة راقية ومن آداب السلوك العام الذى غاب كثيرا عن مجتمعنا وأصبح من يفعلها يوصف بالضعف وإهانة النفس، وإنما فى حقيقة الأمر هى سمة من سمات قوة الشخصية والثقة بالنفس والفكر السوى المتوازن. ولكى نغرس ذلك السلوك فى نفوس أطفالنا يكون من الرائع أن نمارسه أمامهم بأفعال واقعية لا توجيهات نظرية فقط، وأن يرتقى مستوى الإحترام بين الناس بلا تصنيف لأفراد المجتمع صغيرا وكبيرا، قويا وضعيفا، غنيا وفقيرا فيعتذر المعلم لتلميذه، أو أى من الوالدين لطفلهما إذا بدر منهما خطأ فى حقه، ويعتذر الأخ لاخته والزوج لزوجته، وليس هذا فحسب بل ليس عيبا أن يعتذر رب الأسرة لحارس العقار أو أى عامل إذا تجاوز فى حقه وهكذا.. فهذا السلوك لا يقلل أبدا من مكانة الإنسان بل يعمق أواصر الحب والاحترام والتسامح بين الناس. وتضيف: هناك أطفال غير اجتماعيين أو غير قادرين على التواصل اللفظى فيمكن تعليمهم الاعتذار بشكل مبدئى بطريقة غير مباشرة مثل تقديم زهرة، كارت بسيط، هدية رمزية أو لمسة حانية على الكتف وبالتدريج يتحول الاعتذار إلى عادة صحية للمخطئ أثناء التواصل مع الآخرين.. أما عن الأطفال ذوى السلوك العدوانى والشخصية العنيدة فيجب على الوالدين أن يمارسا معهم لعبة تبادل الأدوار ويصرا على ألا يعتذر لهم من أخطأ فى حقهم حتى يشعروا بغضاضة ذلك التصرف ومن ثم تأكيد أن الاعتذار مبنى على الثقة بالنفس وأن الإنسان القوى هو القادر على الاعتراف بخطئه وتصحيحه وعدم تكراره مرة أخرى، ومن المهم أن يدرك الطفل نتيجة اعتذاره فيرى وجه صديقه أو من أخطأ فى حقه يبتسم ويسامحه ويعاود اللعب أو الحديث معه. وتختتم د.رؤيات مؤكدة: أن الاعتراف بالخطأ يولد المحبة والتسامح ونجاح العلاقات الإنسانية والتواصل، أما العناد والكبر فيولد التسلط والوحدة والانعزال عن الآخرين.. ففى كثير من الأحيان يصدر عنا موقف خطأ قد يتسبب فى البعد والجفاء بيننا وبين من نحبهم، فى حين أن كلمة اعتذار من القلب تنهى الخلاف وتذيب الجليد وتعيد أواصر المحبة من جديد.. فكلمة آسف بسيطة غير مكلفة ولكن ثمارها غالية.