تُعد ظاهرة أطفال الشوارع أحد أهم القضايا المجتمعية الشائكة للغاية التى تتطلب علاجا شاملا متعدد الأبعاد، بدءاً من لفت الانتباه إلى ضرورة الوقاية والتدخل السريع من مختلف الجهات المنوطة برعاية الأطفال فى الوقت المناسب وصولا إلى التأمين الصحى والنفسى و إعادة التأهيل والاندماج مع باقى طبقات المجتمع، بدلا من التعامل معهم على اعتبار أنهم عضو سلبى فى المجتمع غير مرغوب فيه. إنهم أصحاب الوجوه العابثة، حيث يواجه العديد منهم مشكلة الهوية لأنهم لا يمتلكون فى الأصل شهادة ميلاد وتكون الضرورة الملحة للتغلب على هذه المشكلة عن طريق حملة توعية واسعة النطاق .. أطفال الشوارع المتناثرين بشكل هيستيرى فى معظم الشوارع والميادين بجميع محافظات مصر، سواء من يحتفظ منهم ببعض الروابط مع أسرهم أو من يعتمدون على أنفسهم اعتمادا كليا كنتيجة مباشرة لفقدان الهوية بينهم وبين ذويهم لأسباب كثيرة جداً يصعب حصرها أدت إلى الهروب إلى الشارع رغبة منهم فى التحرر من قهر الفقر. فالاسرة الفقيرة ليس بمقدورها ان توفر الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس وعلاج وأوقات للترفيه لاطفالها، والآثار المترتبة على طلاق الوالدين ومايتبع ذلك من قسوة زوجة الأب أو زوج الأم، اللامبالاة من جانب الأسرة وعدم الاستماع الى الطفل والتحاور معه وتلبية حاجاته الضرورية، كذلك غالبا ما يكون الشارع عنصرا خصبا للجذب لما فيه من خبرات جديدة ومغامرات للإشباع العاطفى والجنسى بطرق غير مشروعة، الرغبة فى التقليد، خاصة أن أصدقاء وقرناء السوء لديهم من القدرة مايمكنهم من سحب الأبناء إلى الخروج للشارع ليس فقط للعمل والكسب، لكن أيضاً لتقليد الكبار فى التدخين وتعاطى المخدرات بأنواعها ولامانع من بعض الممارسات الجنسية الشاذة. ومن هنا تواجهنا النتيجة المتوقعة مسبقا حيث نصطدم بأطفال مهمشين، لديهم نزعة من الحقد والكره تجاه المجتمع، أطفال يحتاجون إلى المزيد من الاهتمام والعناية الخاصة كباقى الصغار المقاربين لهم سنا فمعظمهم دون السنوات العشر أو ربما أكبر قليلا ومع ذلك لا يعرفون مبادىء القراءة والكتابة. وبالتالى هم فى أمس الحاجة إلى برامج وأساليب تعليمية مختلفة تتماشى مع ظروفهم الخاصة واحتياجاتهم الطبيعية من حيث الألعاب التى تساعد على تشغيل الذهن، المادة العلمية و أسلوب التدريس المتبع حيث يجب اتباع ما يسمى أسلوب التعليم غير التقليدى الذى يعتمد على الأساليب الحديثة التى تساعد الطالب على المشاركة و الابتكار والإبداع والتأمل والتفكير. وهو يهدف إلى إكساب هذه النوعية من الأطفال مهارات وصفات مهمة تساعدهم فى التغلب على المشكلات التى تواجههم وتؤهلهم للاندماج تدريجيا فى حياة المجتمع، الأمر الذى يوفر لهم أبسط الحقوق الآدمية للمحافظة على صحتهم. وهنا يأتى الدور الإنسانى الذى يوفره العاملون بمراكز استقبال أطفال الشوارع والعديد من الجمعيات الخيرية التى بدورها توضح لهم ضرورة الاهتمام على الأقل بالنظافة الشخصية، أيضا لابد من توفير جلسات توعية صحية للأطفال على أيدى ذوى الثقة من الأخصائيين النفسيين و الأطباء المتخصصين فى كيفية التعامل مع هذه النوعية من الأطفال على أن يقوموا بإرشادهم إلى كيفية حماية صحتهم من أى أخطار مستقبلية. ويتحتم علينا ألا نغفل الجانب الترفيهى وما له من مردود إيجابى مباشر فى تقوية الروابط الاجتماعية، ولابد من حصولهم على قسط يومى وفير من الترفيه والمرح بصفة مستمرة. لذلك يجب على جميع المراكز والمؤسسات المتعاملة مع أطفال الشارع إعطاء الأطفال جرعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية مثل الألعاب والألغاز والرسم والتمثيل والموسيقى والعديد من الأنشطة الأخرى التى تساعد الأطفال على احترام القواعد والقوانين واتخاذ سلوك إيجابى تجاه بعضهم البعض، وغالبا ما يكون ذلك حافزا لمعظم الأطفال للذهاب لتلك المراكز والمؤسسات طواعية، حيث الجو الأسرى والرغبة فى التعايش مع أسرة بديلة تعوض الفقد الذى عانوه خلال التجربة المريرة التى واجهتهم فى الشارع من عنف وسلوك عدوانى وتسول ومماراسات من شأنها الهروب المستمر من مواجهة رجال الشرطة. ويكون هنا الدور للعاملين والمهتمين بتعليم الأطفال أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية فيما بينهم من أجل الابتعاد عن العنف. كذلك تكون التوعية النفسية مهمة جدا لاتخاذ إجراءات وقائية من أجل منع تكرار الاعتداءات الجنسية السلبية على الأطفال لحماية أنفسهم حيث يجب القيام بحملة توعية مستمرة من خلال الإعلام لنبذ العنف كى يتخطى هؤلاء مرحلة العضو السلبى المرفوض من المجتمع ويكون صاحب دور إيجابى من خلال المشاركة الفاعلة بشكل مباشر فى صيانة ومتابعة الأعمال الخاصة بالمراكز التى يتعاملون معها ومن بعدها حماية الآخرين من الأوجاع والآلام التى مر بها هم وغيرهم فى الماضى. لمزيد من مقالات هالة برعى;