جاء تخوف الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن قضية الطلاق الشفوى فى محلّه، فهى مشكلة كبيرة تؤرق الوطن، وتحتاج إلى عناية خاصة من كافة الجهات من مؤسسات دينية ومراكز الأبحاث الاجتماعية وعلماء النفس والاجتماع، وكافة الجهات المعنية وذلك للبحث عن أسباب الطلاق وطرق علاج هذه الظاهرة. وإذا كان تراجع منظومة القيم والأخلاق وغياب التدين الصحيح، يعد سببا رئيسيا لتلك الظاهرة، فإن علماء الدين يؤكدون أن انتشار الأفكار والمفاهيم المغلوطة والمنحرفة المفسدة للزواج والأسرة، خاصة مع انتشار التيارات المتشددة وانتشار أفكارها جعل كثيرا من الأحكام الشرعية والقيم الأخلاقية مشوشا عليها بسبب ما تقوم به تلك التيارات من ضجيج. ولأن المرأة هى نصف المجتمع وشريكة الرجل وسنده فى الحياة وحين يقدم الرجل ما يستطيع من جهد فى سبيل الإنفاق على الأسرة نجد المرأة تقوم بدورها نحو أسرتها وزوجها بكل قوة وعزيمة، فإنها تمتلك صفات تميزها وتجعلها قادرة على تقديم أسمى معانى الرحمة والحنان لأولادها وزوجها، وأيضا لها مهام تقوم بها نحوهم ومن أهم هذه المهام حثهم على العبادة وأداء الفرائض الدينية التى أمرنا بها الله سبحانه وتعالى ولا يقتصر توجيهها لذلك على أولادها فقط ولكن للزوج أيضا إذا وجدته مقصرا فى أداء الفرائض الدينية من صلاة وزكاة وغيرها. وحول دور المرأة فى توطيد دعائم الأسرة ونشر القيم والأخلاق بين أفرادها يقول الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن الستر بين الزوجين جسدى ونفسى وروحي، لذلك يعد حفظ العرض من المقاصد الشرعية الكبري، ويجب علينا جميعا العمل على تغيير ثقافة العلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة بأن تكون علاقة طيبة تسودها المسئولية وأن يؤسسا لمجتمع مصغر ينتج مجتمعًا أكبر بعد ذلك. والخلافات الزوجية ينبغى أن تعالج فى الغرف المغلقة، وهناك فن لإدارة هذه الخلافات، وفى حالة عدم الوصول إلى حلول يجب أن نلجأ إلى أشخاص لديهم الخبرة والصلاحية لحل هذه المشكلات. وقد أدركنا فى دار الإفتاء أن أغلب حالات الطلاق خاصة فى سنوات الزواج الأولى تنحصر فى أن الزوجين ليسا مدركين للحقوق التى لهما والواجبات التى عليهما، ولذا قمنا بأربع دورات للمقبلين على الزواج نستعين فيها بعلماء نفس واجتماع وعلماء الشريعة وغيرهم. وهدف هذه الدورات التى تقدمها الدار بناء زوج وزوجة قادرين على مواجهة وحل المشكلات الزوجية، لأن بناء الإنسان مهم جدًّا فقد حرص الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم على بناء الإنسان أولاً، والمنظومة القانونية يجب أن يصاحبها حسن التربية وثقافة بناء الإنسان وتدريب كل مُقبل على الزواج على أن يكون قادرا على إدراك الحقوق والواجبات الشرعية المشتركة بين الزوجين. ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ويقع عبء كبير على الزوجة المستقيمة السوية فى مراجعة الزوج لأداء الواجبات الدينية التى عليه لأنها تخشى أن تتأثر أسرتها بهذا السلوك لأن الوالدين قدوة للأبناء، فيجب على الزوجة أن تكون قدوة حسنة لهذا الزوج فى توجيهه دائما وأن تقوم بالصلاة دائما هى وأولاده فتقوم بإحراجه تدريجيا ودون فتح باب للنزاع أو الشقاق وقد تنجح فى هذا المسعى كما أن بيد الزوجة باعتبارها الشق الثانى المكون للأسرة كثيرا من مفاتيح سلوك الأسرة والتى لو قصر فى واحد منها لشعر الزوج أنه مهدد باستقرار الأسرة وبيان الضرر الذى سيلحق بهذا الزوج وهذه الأسرة إذا استمر فى ذلك وتبين له أن الرزق لا يكون وفيرا إلا بطاعة الله حيث يقول النبى صلى الله عليه وسلم، لمن سأله عن عدم قبول دعائه فقال له: »أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء«، بمعنى أن تبدأ حياتك بالحلال حتى لا تزول النعمة، فان فشلت الزوجة فى هذه الطرق جميعها فى رد هذا الزوج إلى الصواب فهناك من الفقهاء من أعطاها الحق إذا أصر الزوج فى إهمال العبادات وعدم الانسياق لأوامر الله أعطاها البعض الحق فى طلب الطلاق حتى تنقذ بيتها وأولادها من هذا السلوك وان كان البعض الآخر أعتبر أن المسئولية ذاتية وأن الله سبحانه وتعالى يقول:«مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا« (15). وقوله » وأن ليس للإنسان إلا ما سعي«، فتترك أمره إلى الله وتتفرغ لتجنيد أولادها ألا يقتدوا بهذا الرجل . وفى سياق متصل يقول الدكتور مختار مرزوق عميد كلية أصول الدين السابق بأسيوط، أن الزوج هو الذى أمره الإسلام بأن يأمر أهله بالصلاة قال تعالي: »وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَي«، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: »كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته«، لكن إذا كان الزوج هو الذى يقصر فى أداء الفرائض وكانت الزوجة ممن يطيعوا الله عز وجل وتؤدى النوافل فانه يجب عليها أيضا أن تحث زوجها على طاعة الله عز وجل وأن تدفعه إليها دفعا بالحكمة والموعظة الحسنة هكذا كانت تفعل المسلمات الأوائل حينما ترى تقصيرا من زوجها أو أنه أدخل عليها مالا حراما فكانت الواحدة تقول لزوجها أتق الله عز وجل فانا نستطيع أن نصبر على بلاء الدنيا ولا نستطيع أن نصبر على عذاب الله فى الآخرة، كما أن المرأة حينما تأمر زوجها أو تعظ زوجها بذلك وإنما تنفذ ما عليها من واجب، ورد بدليل النبى صلى الله عليه وسلم:« من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».