يتنقل الكردينال جون لويس توران رئيس المجلس البابوى للحوار بين الأديان بالفاتيكان كثيرا بين دول العالم المختلفة، ليمارس دوره فى إدارة الحوار بين الفاتيكان ومختلف الطوائف الدينية، وكانت آخر المهام التى قام بها هى المشاركة فى أعمال اللجنة المشتركة للحوار بين الأزهر والفاتيكان التى عقدت أخيرا بالقاهرة. ولد الكردينال توران بمدينة بوردو الفرنسيّة في 1943، ودرس الفلسفة واللاهوت والقانون الكنسى فى معهد تولوز الكاثوليكى، وبعد ارتسامه كاهنًا دخل سنة 1975 السلك الدبلوماسى للكرسى الرسولى بحاضرة الفاتيكان، حتى عيّن وزيراً عام 1989، وفي عام 1990 تمت ترقيته إلى رتبة أسقف مع الاحتفاظ بمنصبه كوزير لخارجيّة الفاتيكان، وتم تنصيبه كاردينالاً على يدّ البابا الراحل يوحنا بولس الثانى عام 2003، ومنذ عام 2007 يشغل توران منصب رئيس المجلس البابوى للحوار بين الأديان. وفى حوار خاص مع الأهرام، شرح توران أهمية نشر السلام وثقافة الحوار التى يعمل عليها مع الأزهر الشريف، وضرورة تعريف الغرب بحقيقة الإسلام لتصحيح صورته المشوهه فى أوروبا، مؤكدا أنَّ هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الديانات وأقرب الديانات، ولكن للأسف هناك جماعات من النَّاس تتبنى خطاب الكراهية والعنف، وهذه الجماعات المتطرفة تسعى لفرض معتقداتها الخاطئة بالقوة. وشدّد على عروبة المسيحيين في البلاد العربيّة وعلى أنهم يتقاسمون نفس الأرض والتاريخ مع أبناء بلدهم، وأن بناء الجسور بدلا من الجدران أمام المهاجرين واللاجئين شرط ضروري لتحقيق السلام في العالم. وفيما يلى نص الحوار. ماذا عن التعاون بين الأزهر والفاتيكان على ضوء اللقاء الذى عقد بينهما بالقاهرة منذ أيام بعنوان “دور الأزهر الشَّريف والفاتيكان في مواجهة ظواهر الغلو والتطرف والعنف باسم الدين”؟ أود أن أعرب عن سعادتى بزيارة الأزهر الشَّريف ولقاء قياداته لا سيما في ظل التعاون الكبير بين المؤسستين عقب الزيارة التاريخية لشيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إلى الفاتيكان في شهر مايو من العام الماضي، وأؤكد أنَّ القادة الدينيين عليهم دور كبير في بسط السلام في المجتمعات واستغلال المناسبات الدينية في نشر التآخي والتعاون بين معتنقي الديانات، لأن الحوار بين الأديان عمل ديني. وهناك الكثير من القواسم المشتركة بين الديانات ولكن للأسف هناك جماعات من النَّاس تتبنى خطاب الكراهية والعنف، وهذه الجماعات المتطرفة تسعى لفرض معتقداتها الخاطئة بالقوة وهم متعصبون لأفكارهم المغلوطة ويكفرون من يخالفهم وينصبون له العداء، مؤكدًا أننا نعيش في عالم منقسم على نفسه وعنيف. وقال إن العروض العلمية والمناقشات التي اتبعناها في لقاءاتنا في الأزهر تؤكد دور المؤسستين في مواجهة هذه الظواهر وعلامة رجاء لعالمنا في هذه الظروف الصعبة. كيف يمكن أن يعالج الحوار بين الأديان ظاهرة الاسلاموفوبيا فى أوروبا؟ لابد أن نعترف أن صورة الإسلام مشوهه فى أوروبا نتيجة مايحدث، ولأن الغرب لم يطلع على ثقافة الآخر، ولابد من تبادل الرؤي لمعرفة حقيقة الإسلام، وهذا يستدعى نشر ثقافة الحوار لتصحيح المفاهيم المشوهة الموجودة لدى الغرب، والإسلام أبعد مايكون عنها، ونحن نعمل مع الأزهر لنشر السلام وثقافة الحوار. بمناسبة الحديث عن الغرب، لكم موقف مهم من قضية المهاجرين واللاجئين في أوروبا، هل يمكن أن نتعرف عليه؟ نحن نرى أن بناء الجسور بدلا من الجدران أمام المهاجرين، ليس مجرد فعل خير، بل شرط ضروري لتحقيق السلام في العالم، وبالتالي فهو واجب على المسيحية وعلى جميع الديانات الأخرى، فالاهتمام بالمهاجرين أو باللاجئين بالأحرى، من شأنه أن يرافق ما يمكن وصفه بمسيرة شفاء من الشر الذي يصيبنا، ولهذا يجب الحوار مع الأديان والثقافات الأخرى باسم الدفاع عن الحرية الدينية. فى شهر رمضان الماضى وجهتم رسالة إلى المسلمين تضمنت عدة مواقف، ماهو الهدف منها؟ كانت رسالة تهنئة بمناسبة شهر رمضان وعيد الفطر، دعونا فيها جميع المسيحيين والمسلمين الى أن يكونوا رحماء وشغوفين بالآخرين، لاسيما من هم في حاجة الى ذلك، وشاطرنا فيها المسلمين بعض الخواطر، آملين أن تُسهم في توطيد الروابط الروحية القائمة بيننا، منها إن الرحمة موضوع غال على قلوب المسلمين والمسيحيين سواء بسواء، فنحن نعلم أن المسيحية والاسلام ديانتان تؤمنان بإله رحيم، يُظهر رحمته ورأفته نحو خلائقه كافة، وخاصة بني الانسان، وعندما ننظر الى البشرية اليوم، ينتابنا الحزن بسبب الضحايا الكثيرة للصراعات والعنف، صحيح ان الأوضاع تكون أحيانا بالغة التعقيد وحلها يتجاوز قدراتنا، ولهذا فمن الضروري أن يعمل الكل معا من أجل إسعاف المحتاجين، بصرف النظر عن عرقهم أو دينهم. تحاول بعض الجماعات الإرهابية الإضرار بالمسيحيين العرب فى إطار محاولاتها لنشر الفوضى فى المنطقة، ما موقفكم من ذلك؟ نحن نشدّد على عروبة المسيحيين في البلاد العربيّة وعلى أنهم يتقاسمون نفس الأرض والتاريخ مع أبناء بلدهم، ونساعدهم كي يبقوا في مجتمعاتهم، لكننا لا نتدخل في الشئون الداخليّة لدول الشرق الأوسط والعالم العربي. هل ستتكرر اللقاءات المشتركة بين الأزهر والفاتيكان؟ نعم هناك اتفاق علي أهمية استمرار عقد الندوات واللقاءات بين مركز الحوار بالأزهر الشريف والمجلس البابوى للحوار بين الأديان لأجل معرفة صحيحة بالأديان وبتعاليمها وقيمها الأخلاقية، والتعاون بين الجانبين فى إقرار السلام والعيش المشترك.