أنا حزين جدا. حزنا من نوع خاص لم أعرفه من قبل: مزيج من الألم والتعاطف والإحساس بخسارة شخصية كبري، بعد أن طوى الموت الصفحة الأخيرة، من قصة حياة رائعة وثرية وملهمة، اكتملت فيها كل عناصر الجودة والاكتمال، شكلا ومضمونا، فى صياغة بالغة الجمال والبساطة والأناقة، خلفت «سردية» إنسانية نادرة، تنطوى على مواطن عذبة، ليس لها مثيل. رحلت السيدة «إيناس عبدالغني» ملاك الرحمة والخير والمودة، بعد أن اختتمت قصة حياتها، بفصل طويل وصعب من الآلام وعذابات ومعاناة مرض لا يرحم، ظلت تقاومه حتى النهاية. قبل رحيلها بيوم واحد، جاء صوتها واهنا ثقيلا، يشى بألم لم يعد يحتمل، ويحمل أنينا مكتوما، يفصح عن وطأته بسؤال ملح، بأن يكتب الله لها الراحة، ولم تتأخر استجابة السماء، فقد فاضت روحها فى اليوم التالي، بعد أن «تطهرت» تماما من أى إثم محتمل. مثل هذه السيدة لاتنقص حياتهابالموت، فهى «عصية» على مغادرة الذاكرة، وتبقى ورقتها خضراء دائما، فى عمرها الثانى من السيرة، التى تفوح برائحة المسك الإنسانى فى نقائه الأقصي. كنت قد كتبت من قبل فى أثناء مرضها، أطلب من محبيها أن يدعوا لها بالشفاء، واليوم أعاود الطلب مرة أخرى: ادعوا لإيناس بكل الرحمة والمغفرة. فى الختام.. يقول الشاعر محمود درويش: على قلبى مشيت، كأن قلبي.. طريق، أو رصيف، وهواء! لمزيد من مقالات محمد حسين;