* الشيخ صباح الاحمد : متطلبات الامن والاستقرار لاتعنى المساس بالحقوق والحريات التى ينعم بها المواطن الكويتى * 8 مليارات دولار تدفقات نقدية واستثمارات لدعم الاقتصاد المصرى عقب 30 يونيو * تنمية اقتصادية شاملة وتحركات خارجية نشطة ساهمت فى تحويل الكويت لمركز دولى للعمل الدبلوماسى فيما تتواصل احتفالات الكويت الشقيقة بعيدها الوطنى السادس والخمسين وعيد التحرير السادس والعشرين تتواصل كذلك الاحتفالات بمناسبة اخرى عزيزة على قلب كل مواطن كويتى تتمثل فى ذكرى تولى الشيخ صباح الاحمد امير الكويت مسئولياته الدستورية كقائد لمسيرة البلاد . وتمثل العلاقة بين الشعب الكويتى وقائده نمط فريد من العلاقات بين الحاكم والشعب ..فهى علاقة يسودها الاحترام والثقة والرضا وتخلو من مظاهر القهر والخوف ، فقد كفل الدستور الكويتى حرية واسعة للمواطنين للتعبير عن ارائهم وافكارهم ، كما كفل من النظم القانونية والادوات الرقابية ما يصون الحريات العامة ويضمن الحقوق الفردية والعامة ،وقبل كل ذلك فان الثقافة الشعبية فى الكويت تبدو عصية عن القيود السياسية التى تعانى منها بعض المجتمعات ، ولعل فى ذلك ضمانة كافية للاستقرار والحريات فى ظل صحافة قوية معروفة بجرأتها واستقلالها ، وممارسة نيابية مستقرة يمارسها نواب الشعب بشكل حقيقى دون تدخل من اية جهة او سلطة ، ولا يملك احد فى الكويت ان يؤثر فى قرار مجلس الامة او يثنيه عن توجه يحظى بالاغلبية بين اعضائه ، وهو ما حدث فى مرات عديدة فى الاونة الاخيرة لعل احدثها الاستجواب الذى تعرض له واحد من اهم الوزراء فى الحكومة وهو وزير الاعلام ، ورغم تضامن الحكومة مع الوزير وتقليل عدد من المراقبين من اهمية الاتهامات الموجهة اليه عبر الاستجواب ، الا انه امام تمسك النواب بموقفهم لم تجد الحكومة مفرا من الاستجابة لاراداتهم ولم يكن من سبيل الا بمبادرة الوزير - الذى ينتمى للاسرة الحاكمة - بالاستقالة فى دلالة لا تخطأها العين على قوة النظام السياسى فى الكويت واحترام الجميع للدستور والقانون ، وحرص كافة المؤسسات على القيام بدورها وفقا لما تمليه عليها رؤيتها للمصلحة الوطنية العليا من دون اتهامات او ضغوط . يحرص الشيخ صباح الاحمد على التاكيد مرارا على التمسك بالدستور والحريات ويكرر فى كل تصريحاته ان متطلبات الامن والاستقرار لا تعنى بحال من الاحوال المساس بالحقوق والحريات التى ينعم بها المواطن الكويتى ، ولعل هذا الادراك هو ما حافظ على تماسك البلاد ووحدة المواطنين فى كافة الظروف التى مرت بها المنطقة فى السنوات الاخيرة . ترسيخ الديمقراطية الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الله هو الحاكم الخامس عشر للكويت منذ تأسيس الدولة قبل اكثر من ثلاثة قرون بقيادة اسرة آل الصباح والامير الخامس فى مسيرة الدولة الدستورية فيما لقب بصباح الرابع كون سموه رابع حاكم للكويت يحمل اسم الشيخ صباح. ففى 29 يناير عام 2006 أدى اليمين الدستورية فى جلسة خاصة أمام مجلس الامة مكملا بذلك مسيرة آبائه وأجداده فى الحفاظ على الدستور وترسيخ الديموقراطية، وفى أولى كلماته بعد مبايعته أميرا وأداء اليمين الدستورية، وعد الشعب الكويتى بتحمل الأمانة وتولى المسئولية، وعلى مواصلة العمل من أجل الكويت وأهلها، ودعا الجميع للعمل من أجل جعل دولة الكويت دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة يسودها التعاون والاخاء والمحبة، ويتمتع سكانها بالمساواة فى الحقوق والواجبات مع المحافظة على الديموقراطية وحرية الرأى والتعبير. ولد الشيخ صباح الأحمد فى 16 يونيو عام 1929، وهو الأبن الرابع للشيخ أحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- الذى توسم فى نجله الفطنة والذكاء منذ صغر سنه فقام بإدخاله المدرسة المباركية ومن ثم أوفده إلى بعض الدول لاسيما الأجنبية منها للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات السياسية. وبعد عودته بدأ الشيخ صباح الأحمد ممارسة العمل فى الشأن العام حيث عين عام 1954 عضوا فى اللجنة التنفيذية العليا التى عهد إليها آنذاك مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية. وفى عام 1955 عين رئيسا لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وفى عام 1957 أضيفت إلى مهامه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر. وبعد استكمال استقلال دولة الكويت عام 1961 عين الشيخ صباح الأحمد عضوا فى المجلس التأسيسى الذى عهد إليه مهمة وضع دستور البلاد وفى أول تشكيل وزارى فى الكويت عام 1962 عين الشيخ صباح الأحمد وزيرا للإرشاد والأنباء. وفى 28 يناير 1963 وبعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة عين وزيرا للخارجية لتبدأ مسيرته مع العمل السياسى الخارجى والديبلوماسية التى برع فيها ليستحق عن جدارة لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الديبلوماسيين فى العالم بعد أن قضى أربعين عاما على رأس تلك الوزارة المهمة قائدا لسفينتها فى أصعب الظروف والمواقف السياسية التى مرت على دولة الكويت الى ان ترك المنصب ليتولى رئاسة مجلس الوزارء . ولعل من أبرز المواقف التى مرت على الخارجية الكويتية أثناء قيادة الشيخ صباح الأحمد لها حين رفع علم الكويت فوق مبنى الأممالمتحدة بعد قبولها عضوا فيه فى 11 مايو 1963. الثقة والتوازن وطيلة أربعة عقود تمكن الشيخ صباح الأحمد من قيادة السياسة الخارجية الكويتية إلى بر الأمان من خلال انتهاجه مبدأ التوازن فى التعامل مع القضايا السياسية بأنواعها، فاستطاع بعبقريته السياسية أن يتخطى بالكويت مراحل حرجة فى تاريخها. وبذل طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهدا كبيرا فى تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم خصوصا الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن. واستقرت الكويت على مستوى السياسة الخارجية وشهدت ثباتا وتطورا كبيرا اتضحت ثماره فى الثانى من أغسطس عام 1990 عندما وقف العالم أجمع مناصرا للحق الكويتى فى وجه الغزو العراقى والذى أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذى أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية ضد نظام صدام ما لم يسحب قواته من الكويت. وتولى الشيخ صباح الأحمد مهمة أخرى حين أسند إليه تشكيل الحكومة بالنيابة عن ولى العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح -طيب الله ثراه- بسبب ظروفه الصحية. وفى 13 يوليو 2003 صدر مرسوم أميرى بتعيين الشيخ صباح الأحمد رئيسا لمجلس الوزراء. وخلال رئاسته للحكومة بذل كل الجهد للعمل على تقدم الكويت وقاد مرحلة هامة من تاريخ البلاد ، وذلك حتى حتى وفاة المغفور له الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد -طيب الله ثراه- فى 15 من يناير عام 2006 عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية الشيخ صباح الأحمد أميرا للبلاد وفقا للمادة 3 من قانون حكم الدولة الصادر عام 1964. نهضة تنموية و خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية التى تولى خلالها الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم ، شهدت الكويت نهضة تنموية شاملة ارتكزت على مجموعة من المشاريع الضخمة من أبرزها مدينة (صباح الأحمد البحرية) التى تعد أول مدينة ينفذها القطاع الخاص كاملة ما يدل على دعمه إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر فى المساهمة فى تنمية الكويت وتنشيط عجلة الاقتصاد. على مستوى علاقات الكويت الخارجية تبوأت البلاد مركزا هاما بسبب سياسات أميرها الحكيمة ورؤيته الثاقبة التى ارتكزت إلى العمل الخيرى الإنسانى ما استحقت عليه أن يتم اختيارها من قبل الأممالمتحدة (مركزا للعمل الإنسانى) وتسمية الشيخ صباح الأحمد (قائدا للعمل الإنسانى) وذلك تقديرا للدور الكبير الذى قام به لمساعدة الشعوب المنكوبة فى افريقيا واسيا علاوة على تصديه لتخفيف معاناة ملايين اللاجئين السوريين عبر استضافة ثلاثة مؤتمرات للمانحين فى الكويت فضلا عن المشاركة فى رعاية مؤتمر رابع فى لندن ما وفر المبالغ اللازمة لاستيعاب اللاجئين وتخفيف حدة المعاناة الناجمة عن الازمة السورية . مكانة خاصة لمصر وكان لمصر مكانة خاصة لدى الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهى فى حقيقتها تعد امتدادا لرؤية حكام الكويت حول البعد القومى والاستراتيجى للعلاقات المصرية الكويتية ، الا انه اضاف ابعادا جديدة لهذه الرؤية وساهمت الظروف الاقتصادية الصعبة التى شهدتها مصر فى السنوات الاخيرة فى وضع هذه الرؤية موضع الاختبار بشكل اظهر عن ايجابيتها ورسوخها وتأثيرها الكبير على مسار التعاون بين البلدين . لقد بادرت الكويت منذ ثورة يناير على اعلان موقفها الواضح بدعم خيارات الشعب المصرى واتبعت ذلك بتدفقات مالية وزيارات رسمية للتأكيد على دعمها للمرحلة الجديدة فى مصر وظلت على موقفها المساند للشعب المصرى طوال الفترة اللاحقة فتضاعف عدد المصريين العاملين فى الكويت ما كان يمثل دعما غير مباشرا للاقتصاد المصرى كما قدمت العديد من المنح والقروض وبرامج المساعدات . وعندما اتخذ الشعب المصرى خطوته الكبيرة فى 30 يونيو لتصحيح المسار اكدت الكويت مجددا على مبدأها الاصيل فى دعم خيار الشعب وحقه الكامل فى اختيار نظامه واصدر الشيخ صباح الاحمد توجيهاته بتقديم حزمة مساعدات متكاملة لمصر بقيمة 4 مليارات دولار عبارة عن وديعة فى البنك المركزى ومساعدة مباشرة ومشتقات نفطية ما ساهم فى دعم قدرة مصر على تجاوز المرحلة الانتقالية وتنفيذ خريطة الطريق دون معوقات اقتصادية خطيرة . وعندما دعت مصر الى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ فى مارس 2015 كان الشيخ صباح من اوائل الحاضرين والملبين لنداء الواجب تجاه الشقيقة الكبرى وكان القرار بتقديم حزمة استثمارات جديدة بقيمة 4 مليارات دولار عبارة عن وديعة ومشروعات استثمارية فضلا توقيع العديد من التعاقدات المتعلقة بالمشروعات الصناعية بتمويل من المستثمرين الكويتيين وعدد من المشروعات الممولة عن طريق الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية فى مؤشر واضح يكشف عن مدى مساندةالكويت لمصر وهو ما حرص الشيخ صباح الاحمد على تأكيده خلال مشاركته وكلمته فى المؤتمر حيث شدد على استمرار دعم بلاده لمصر وعلى متانة العلاقات المصرية الكويتية وتعاون البلدين الشقيقين فى شتى المجالات. افاق التعاون ولم تتوقف العلاقات المصرية الكويتية عند هذا الحد بل شهدت نموا كبيرا وتطورا ملحوظا فى الاونة الاخيرة بما يحقق طموحات وتطلعات الشعبين المصرى والكويتى، وهو ما أكده الشيخ صباح الاحمد مؤخرا عندما قال «أن مصر عزيزة على قلب الكويت ولن تتأخر عنها أبدا وأن دعمنا لها مستمر» حيث تم ايفاد عدد من رجال الأعمال الكويتيين لاستعراض افاق الاستثمار فى المشروعات الجديدة خاصة بعد تعديل قانون الاستثمار وازالة جانب من المعوقات الروتينية ، كما تشهد علاقات البلدين زيارات دورية متبادلة لوزراء ومسئولين من البلدين بهدف تفعيل اطر التعاون المؤسسى والرسمى والشعبي، إضافة الى رعاية الكويت بتوجيهات من الشيخ صباح الاحمد لعدد من المبادرات الرامية لدعم الاقتصاد والسياحة المصرية وتوفير احتياجات مصر من المواد البترولية وغيرها، ما يدل على حرص الكويت- بتوجيهات سامية من اميرها - على تعزيز علاقاتها مع شقيقتها مصر والحفاظ على المصالح المشتركة التى تجمع البلدين عبورا من التاريخ إلى المستقبل.