المبدع الحقيقى هو من ينحاز دائما للإبداع مهما كانت مشاغله ومسئولياته الإدارية. فرغم النجاحات المتتالية التى تحققها عازفة الفلوت الدؤوبة د. إيناس عبدالدايم دوما متمثلا فى تألق فرق دار الأوبرا المصرية بقيادتها إلا أنها فى النهاية لابد وأن تنحى تلك المسئوليات جانبا بين الحين والآخر على أعتاب عالم الموسيقى، فها هى تروى برفيقتها -آلة الفلوت- وبصحبة أوركسترا القاهرة السيمفونى بقيادة المايسترو ناير ناجى،»قصة التانجو» للمحبين والعشاق احتفاءً بعيد الحب لمدة ثلاث ليالٍ على مسارح الأوبرا بالقاهرة والأسكندرية ودمنهور. وللتانجو قصة طويلة سواء مع مبدعها أو مع تطورها على يد مبدعين آخرين، فتماما كالتجريب فى المسرح، هناك أيضا تجريب فى الموسيقى، ويعد الأرجنتينى أستور بياتزولا أحد عشاق التجريب الموسيقى فى النصف الأول من القرن العشرين، فقد انتقل برقصة التانجو الشعبية الشهيرة إلى منطقة مغايرة وأكثر تطورا جمع فيها بين الإيقاعات الكوميدية والتراجيدية أيضا فى نسيج هارمونى بديع، بحيث أصبحت أكثر معاصرة مما كانت عليه الموسيقى الشعبية لأمريكا اللاتينية.. ورغم أن قصة التانجو فى الأساس كُتبت لآلة فلوت وجيتار إلا أن المؤلف الموسيقى ديمترى فاليراز قد كتب العمل للفلوت والأوركسترا، مستخدما الإيقاع الكوبى، ولعل أروع ما فى حوار الفلوت والأوركسترا هى حالة الرشاقة البليغة التى تجسدت بين إيناس عبدالدايم، ومجموعات الآلات المختلفة فى فريق الأوركسترا، فمن خلال تقديمهم لمقطوعات “الحانة”.. “المقهى”.. “الملهى الليلى”.. و”حفل اليوم” تمثلت الهارمونية فى الجمع بين قمة الانضباط والتناغم والتفاهم بنظرة العين بينها وبين قائد الأوركسترا ناير ناجى من جهة، وتناغم آخر بينها وبين آلتها الرقيقة، فبأنفاسها وأناملها انسابت نغمات الفلوت فى فرح ومرح تارة وبرومانسية ونعومة تارة أخرى، وبشجن تراجيدى تارة ثالثة.. علاقة فريدة بين عازفة وآلة موسيقية تستمد منها د.إيناس عبدالدايم طاقة إبداعية جديدة لموسم إدارى أكثر تألقا.