تخلى الولاياتالمتحدةالأمريكية عن حل الدولتين هو بداية الكارثة فى الشرق الأوسط وينذر بالانفجار بالأرض المحتلة، بما تمثله من تراجع خطير فى موقف الادارة الأمريكية، من راع غير محايد الى شريك للقائم بالإحتلال، ويسوق ما تطرحه حكومة اليمين العنصرى الاسرائيلية، وهذا الموقف الأمريكى المستغرب يمنح غطاء للتوسع الاستيطانى الخطير الذى يلتهم الأرض على مدى الساعة. فما ان اعلنها ترامب فى مؤتمر صحفى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بأن حل الدولتين ليس شرطا لعملية السلام وأن واشنطن لم تعد متمسكة بحل الدولتين كأساس للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حتى انطلقت تصريحات الجانب الفلسطينى تنذر بالخطر المحدق وتتوعد بإجراءات تزيد الموقف تعقيدا، وتزامن تصريح البيت الأبيض مع لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتريس بالرئيس عبد الفتاح السيسى وأعرب خلال مؤتمر صحفى عن سعادته لبحث مختلف الأزمات التى تواجهها منطقة الشرق الأوسط وأيضا على الساحة الدولية مع الرئيس السيسي، قائلًا: «إننا اتفقنا فيما بيننا على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال تطبيق حل إقامة الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية وأنه يجب فعل كل شئ لتحقيق هذا الهدف على أرض الواقع». وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد أعلن خلال مؤتمر صحفى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتنياهو «ستشجع الولاياتالمتحدة التوصل لاتفاق سلام عظيم بشكل حقيقي، وسنعمل على ذلك بجدية شديدة لكن ينبغى أن يتفاوض الطرفان بنفسيهما دون ضغوط على هذا الاتفاق وبشكل مباشر، وقال إنه يدرس حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، وسيدعم أى حل يتفق عليه الطرفان الفلسطينى والإسرائيلي وأن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد من أجل السلام، وعلى الطرفين تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى ذلك، وحول الاستيطان قال الرئيس الأميركى إنه «يجب على اسرائيل ضبط النفس بشأن توسيع المستوطنات فى الاراضى الفلسطينيةالمحتلة» وندد بتدابير الأممالمتحدة تجاه إسرائيل، والتى وصفها ب”الظالمة وأحادية الجانب”. وقال: هذا سبب إضافى لرفضنا التدابير الظالمة وأحادية الجانب تجاه إسرائيل فى الأممالمتحدة، ودعا الفلسطينيين الى «التخلص من الكراهية تجاه الاسرائيليين». وقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتنياهو فى ذات المؤتمر ردا على سؤال عن حل الدولتين إنه يريد التركيز على الجوهر لاالمسميات، وأضاف «هناك شرطان مسبقان للسلام، الأول يجب على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة، والثانى هو أنه يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على المنطقة الكاملة الواقعة غربى نهر الأردن فى إطار أى اتفاق للسلام». وبهذا الموقف يلقى ترامب بالمفاوض الفلسطينى امام اليمين الإسرائيلى الحاكم ليكون لقمة سائغة للشروط العنصرية بغير رقيب وبالطبع اى لقاء ثنائى بين الطرفين حتما سيكون مصيره الفشل والفشل هو غاية المنى لإسرائيل ومختلف أطياف الخارطة الحزبية الإسرائيلية إما أنها لا تؤمن بفكرة «حل الدولتين» أصلًا، أو لم تعد تؤمن بإمكانية التوصل إلى هذا الحل على أساس حدود عام 67 وتتراوح المواقف بين من يرى أن انتخاب ترامب دفن هذا الحل إلى الأبد، من أمثال نفتالى بينيت، وزير التربية وزعيم «البيت اليهودي»، وبين من يطالب باتخاذ إجراءات للانفصال عن الفلسطينيين، مثل إسحاق هيرتسوغ، رئيس المعارضة وزعيم حزب العمل، مادام «حل الدولتين غير وارد حاليًا، بهذا المعنى بات التيار الرئيسى على مستوى رجال السياسة والأمن والمراكز البحثية فى إسرائيل منشغلًا فى البحث عن مسارات جديدة للعلاقة مع الفلسطينيين تنطلق من واقع الضم المتسارع لأجزاء واسعة من الضفة الغربية، واقصى الاعتدال الإسرائيلى يرى أن على الحكومة الإسرائيلية أن تتقدم بأفكار جديدة بعيدًا عن «حل الدولتين»، من قبيل حل فيدرالى أردنى – فلسطينى يعطى الفلسطينيين مجالاً يضاف إلى حكمهم الذاتى الحالي، أو النظر فى إنشاء إطار اقتصادى مشترك إسرائيلى – أردنى – فلسطينى وافكار جميعها تمكن المحتل بمزيد من الإجراءات ضد الخاضع للاحتلال. الجميع فى الأرض المحتلة يترقب الموقف الدولى من تصريح البيت الأبيض الصادم والمؤتمر الصحفى الذى اعقبه بين نيتنياهو وترامب، والذى استقبلته إسرائيل بتهليل يكشف عن عنصرية العقيدة الإسرائيلية ونزعتها الاحتلالية فى تصدير التصريح على القنوات التليفزيونية والمواقع الإخبارية، وعلى الفور خرجت التصريحات الفلسطينية التى تدين وتندد وتستنكر، فأدانت حنان عشراوى عضو اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية، التصريحات ووصفتها «بغير المسئولة ولا تخدم قضية السلام»، معتبرة ما حدث فى واشنطن من الإدارة الأمريكية الجديدة هو دعم لنيتنياهو فى مواقفه يوفر له مساحة للقضاء على حل الدولتين، وتتحول الولاياتالمتحدة من حليف منحاز لإسرائيل إلى شريك بالجريمة، فإذا أراد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التخلص من حل الدولتين لخلق واقع بديل، فعليه أن يقدم ويوضح ما هى الخيارات والبدائل لذلك. وأكدت الرئاسة الفلسطينية تمسكها بخيار الدولتين والقانون الدولى والشرعية الدولية وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدسالشرقية على حدود عام 1967، واستعدادها للتعامل بإيجابية مع إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لصناعة السلام، وشددت الرئاسة فى بيان بثته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، على أن تكرار رئيس الوزراء الإسرائيلى للغة الإملاءات حول استمرارا السيطرة الإسرائيلية على الحدود الغربية من أراضى دولة فلسطينالمحتلة، وكذلك المطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، يعتبر استمرارا لمحاولة فرض الوقائع على الأرض وتدمير خيار الدولتين بما سيؤدى إلى المزيد من التطرف وعدم الاستقرار. كما وصف مصطفى البرغوثى الامين العام لحركة المبادرة الوطنية، التصريحات بالخطيرة وتقضى على أى احتمال للسلام فى المنطقة ويجب أن يجابه بكل حزم فلسطينيا وعربيا ودوليا بما فى ذلك الاحالة الفورية لمحكمة الجنايات الدولية وانضمام دولة فلسطين الى كل المؤسسات الدولية، واشار إلى ان ما يجرى فى واشنطن برفض حق الشعب الفلسطينى باقامة دولته المستقلة يؤكد أن اسرائيل لن ترتدع الا بمقاومة مخططاتها على الارض وفرض العقوبات والمقاطعة عليها، واستطرد البرغوثي، يجب أن تعرف اسرائيل وصانعوا السياسة فى الولاياتالامريكيةالمتحدة، ان الشعب الفلسطينى لن يرضخ لعبودية الاحتلال ونظام «الابرتهايد» العنصري، واذا قتلوا فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة فلن يكون سلام الا فى دولة ديمقراطية كاملة يتساوى فيها الجميع فى الحقوق وهذا يعنى فشل المشروع الصهيونى بالكامل. وقال أمين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إن الحكومة الإسرائيلية تدفن حل الدولتين وتلغى فكرة إقامة دولة فلسطين، ومن يدمر خيار الدولتين يجب أن يتعامل مع خيار الدولة الديمقراطية الواحدة التى يتساوى فيها الجميع من كل الأديان وأوضح: “طلب منا الالتزام بخيار الدولتين وقمنا بذلك حتى اليوم، لا نزال نتمسك بخيار الدولتين وبالقانون الدولي، وأشار إلى أن البديل عن حل الدولتين دولة واحدة غير دينية يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود بالتساوي، وقال عريقات: من يؤمن بالسلام يجب أن يقول لنيتنياهو كفى استيطانا.