عندما يقف الرئيس محمد مرسي اليوم في قلب قاعة الاجتماعات الكبري بجامعة القاهرة ليضع الأمة امام مسئولياتها وليحدد ابعاد المشهد السياسي الراهن والتحديات المستقبلية وضرورة الوحدة والمصالحة من اجل مستقبل مصر. فهو ينضم هنا الي العديد من رؤساء ورموز مصرية وعالمية وقفوا علي منصة القاعة الاشهر في مصر. وكان آخرهم الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي تحدث فيها عن رؤيته للمصالحة مع العالم الاسلامي بعد فترة عداء شديدة ابان فترة حكم سلفه جورج بوش. وتشهد جنبات القاعة كلمات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي اعتاد ان يحتفل بعيد العلم فيها. يذكر أن قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة شهدت حضور العديد من رؤساء الدول, والشخصيات المهمة, وعقد بها مؤتمر عدم الانحياز, كما ألقي الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بها محاضرة علي هامش افتتاح مستشفي قصر العيني الفرنساوي. كما كرم بها كل من نيلسون مانديلا, الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا, وعبده ضيوف, الرئيس السابق للسنغال, عندما منحتهما الجامعة الدكتوراه الفخرية. كما شهدت القاعة حضور ساندو برينتي رئيس وزراء إيطاليا السابق, ووزيرة الدفاع اليابانية. .كما شهدت قاعة الاحتفالات الكبري العديد من الاحداث الفنية ابرزها لقاء السحاب الذي جمع لاول مرة صوت ام كلثوم مع الحان عبد الوهاب من خلال اغنية انت عمري التي شدت بها كوكب الشرق عام1964 داخل هذه القاعة. كما شدت أم كلثون في قلب القاعة قصيدة اراك عصي الدمع لابو فراس الحمداني. وهي نفس القاعة التي حرك فيها عبد الحليم حافظ مشاعر المصريين والهبها باغانيه الوطنية العديدة. وافتتحت القاعة عام1935, علي مساحة3160 م2 تعلوها قبة علي شكل نصف كرة ارتفاعها52 مترا رمز الجامعة وتنتهي هذه القبة بمجموعة من النوافذ في جميع الاتجاهات تمد القاعة بالضوء الطبيعي. وملحق بالقاعة مقصورة معدة ومجهزة لاستقبال رئيس الجمهورية تشمل صالونا مجهزا ومقعدا خاصا له, ويوجد علي الحوائط ديكورات مغطاة بالورق المذهب, وبجوارها قاعة بها صالون آخر معد لاستقبال الوزراء. ويعلو القاعة شعار الجامعة وهو يمثل صورة توت إله المعرفة والحكمة والقانون عند القدماء المصريين. ويوجد عند المدخل الرئيسي للقاعة( البهو) الذي يتميز بنفس الطابع المعماري للقاعة وتعقد فيه الندوات الثقافية والمعارض الفنية للموسم الثقافي والفني للجامعة.وتضم القاعة الصالة الرئيسية والدور الأول والدور الثاني وتتسع لحوالي أربعة الاف شخص وبالصالة الرئيسية غرفة للإذاعة وغرفة للترجمة وهي مجهزة للترجمة الفورية والإذاعة ويمكن الترجمة فيها إلي سبع لغات أجنبية في وقت واحد. وروعي في أعمال التجديد التي شهدتها القاعة الاحتفاظ بالطابع الهندسي المتميز للقاعة والتصميم المعماري, ويعلو القاعة شعار الجامعة وزخارف علي الجوانب مطلية بالذهب. ويمثل شعار الجامعة صورة إله من أقدم الآلهة المصرية هو الإله(جيحوتي) الذي كان المصريون القدماء ينظرون إليه كإله للعلم والمعرفة والحكمة. وكان الإله جيحوتي علي هيئة رجل برأس طائر( إبيس) وكان بمعبد في مدينة الأشمونيين والصورة تمثله في هيئة رجل جالس برأس طائر( إبيس)( أبو منجل) ويمسك بيده قلما وقرطاسا كأنه يتأهب للكتابة ويرجع الفضل إلي جامعة القاهرة في الكشف عن آثار هامة في مدينة هذا الإله في منطقتي الأشمونيين وتونا الجبل. وتضم القاعة مسرحا كبيرا وهو مجهز بكشافات الإضاءة اللازمة ويتسع للفرق الفنية والاستعراضية التي تقدم عروضها في الحفلات والمناسبات الوطنية والموسم الثقافي الفني للجامعة. ويوجد تحت المسرح صالة للاوركسترا كما يوجد بالصالة الرئيسية بنواران في اليمين ومثلهما في اليسار روعي في تصميمها الدقة ووضوح الرؤية. وكما كانت تلك القاعة في قلب جامعة القاهرة العريقة محط انظار الملايين يوم اختارها اوباما ليخاطب العالمين العربي والاسلامي من خلالها, فاليوم ايضا ستكون منبرا تتحدث منه مصر عن عهدها الديمقراطي الجديد, لتذكر العالم بتاريخها خاصة وان جامعة القاهرة هي أقدم الجامعات المصرية والعربية المعاصرة, و تأسست كلياتها المختلفة في عهد باني مصر الحديثة محمد علي(1769-1849), كالمهندسخانة( حوالي1820) والمدرسة الطبية عام1827, ثم ما لبثا أن اغلقا في عهد محمد سعيد( حوالي1850). وبعد حملة مطالبة شعبية واسعة لإنشاء جامعة حديثة بقيادة مصطفي كامل و غيره تأسست هذه الجامعة في21 ديسمبر1908, تحت اسم الجامعة المصرية, علي الرغم من معارضة سلطة الإحتلال الإنجليزي بقيادة اللورد كرومر. وفي عام1928 بدأت الجامعة في إنشاء مقار دائمة لها في موقعها الحالي, وفي23 مايو1940 صدر قانون بتغيير اسم الجامعة المصرية إلي جامعة فؤاد الأول.. وفي28 سبتمبر1953 صدر مرسوم بتعديل اسم الجامعة من جامعة فؤاد الأول إلي جامعة القاهرة. وقد احتفلت جامعة القاهرة قبل اربع سنوات تقريبا بمرور100 عام علي تأسيسها, وبالتحديد عام1908 حيث استمرت الاحتفالات لمدة عام كامل, وأقيم أكثر من مائة حدث ومؤتمر استمرت علي مدي عام كامل وتخطت حدود الجامعة لتكون احتفالية قومية بأعرق الجامعات المصرية. ومن أشهر معالم ذلك الصرح العلمي برج ساعة جامعة القاهرة الذي تأسس عام1937 بارتفاع40 مترا, ويقع بجوار المبني الرئيسي لإدارة الجامعة.. والمكتبة المركزية التي شيدت في أبريل عام1931 وتم افتتاحها رسميا في27 فبراير عام.1932 وانفردت المكتبة المركزية منذ تأسيسها بسمات خاصة وظروف لم تتح لغيرها, إذ توالت عليها الهبات والهدايا من الهيئات العلمية في الداخل والخارج فحصلت علي الكثير من الكتب النفيسة والنادرة ونسخ من القرآن الكريم والإنجيل. إن اختيار قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة لتكون المحطة الاولي لرئيس مصر الجديد في عصر الديمقراطية هو أبلغ تعبير عن رغبة حقيقية في إعلاء قيم الحرية والحوار الإيجابي مع جميع قوي واطياف المجتمع. فجامعة القاهرة باعتبارها أعرق الجامعات العربية, تعد صاحبة الريادة والتأثير الأكبر بعلمائها ومفكريها وقدراتها علي جامعات المنطقة كلها, وهي رمز العقلانية والتنوير في مصر والعالم العربي والإفريقي, فضلا عن أن الكثيرين من قادة الفكر وزعماء العالمين العربي والإسلامي من خريجيها. وارتبطت نشأة الجامعة مع اشتداد ساعد الحركة الوطنية المصرية في أوائل القرن العشرين حيث انبرت نخبة من قادة العمل الوطني ورواد حركة التنوير والفكر الاجتماعي في مصر أمثال محمد عبده, ومصطفي كامل, ومحمد فريد, وقاسم أمين, وسعد زغلول, لتحقيق حلم طالما داعب خيال أبناء هذا الوطن, وهو إنشاء جامعة تنهض بالبلاد في شتي مناحي الحياة,.