عباس: كلمة الرئيس السيسي في ذكرى تحرير سيناء تجسد قوة مصر وشعبها وقواتها المسلحة    إنفوجراف.. إنجاز تاريخي للتعليم العالي في سيناء    سفير قطر بالقاهرة يهنئ مصر قيادة وشعبا بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    أسعار الذهب في مصر تميل إلي الهبوط مع انخفاض الطلب بالأسواق    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وشبرا الخيمة    النور مش هيقطع في بيتك بعد النهارده.. اعرف سعر جهاز مانع انقطاع الكهرباء    ياسمين فؤاد تترأس مع وزيرة ألمانية جلسة النظام العالمي لتمويل المناخ    مصرع وإصابة 36 شخصا إثر اندلاع حريق كبير في فندق شرقي الهند    أخبار الأهلي: شوبير يكشف عن مفاجأة في قائمة الأهلي أمام مازيمبي    فودين عن بيلينجهام: لم أر أحدا في عمره بهذا النضج    القبض على مسن أنهى حياة زوجته بقرية البياضية في المنيا    خبيرة أبراج تبشر "المائيين"    شكرًا لكل شهيد ضحى بروحه.. خالد سليم يحتفل بعيد تحرير سيناء    «هيئة الدواء» توضح طرق انتقال العدوى بمرض الملاريا    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    مواجهة اتحاد جدة تشهد عودة ميتروفيتش لصفوف الهلال    تفاصيل اليوم الأول للبطولة العربية العسكرية للفروسية للألعاب الأولمبية| صور    الهلال الأحمر الفلسطيني يحذر من انتشار كبير للأمراض المعدية في غزة    الداخلية: نواصل جهود مكافحة جرائم السرقات وملاحقة وضبط مرتكبيها    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للفصل الدراسي الثاني 2024 محافظة القاهرة    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    الأردن يدين سماح الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    شقو يكتسح شباك تذاكر أفلام السينما.. بطولة عمرو يوسف وأمينة خليل    محافظ الفيوم يشهد الجلسة الختامية لورشة عمل مناقشة مخرجات إعداد الخطة الاستراتيجية للمحافظة 2030    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    صرف صحي الإسكندرية تستقبل وفدا أردنيا للوقوف على الإدارة المستدامة    سقوط عصابة تخصصت في سرقة الدراجات النارية بالقاهرة    مصرع عامل تعرض لصعق كهربائي بأكتوبر    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    شوشة: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان ولا يشملها سعر الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    بكام يا أخضر.. سعر صرف الدولار اليوم الخميس 25 أبريل 2024    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    لبيب يرافق بعثة الزمالك استعداداً للسفر إلى غانا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الين يهبط لأدنى مستوياته في 34 عاما أمام الدولار    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واجب إعادة النظر فى المصفوفة الفقهية!
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 02 - 2017

الكويت من الدول العربية التي تعمل في الفضاء العام بموجب دستور حديث، ضمن للمواطن مساحة واسعة من الحقوق ورتبت عليه واجبات، ومن الدول والمجتمعات التي شاركت المواطنين بتوزيع عادل للثروة الوطنية، كما لديه مجلس نيابي منتخب، تضمن قواعده الداخلية ان يناقش العضو بحرية ما يراه في الشأن العام، والمجتمع الكويتي في غالبيته مسلم، وككل بلاد المسلمين تكثر فيها الجوامع لأداء فرائض الإسلام، كما أن دستور الكويت من مرجعياته الأساسية العروبة والإسلام ، ومع ذلك يأتي أحد الأشخاص في الأسابيع الماضية ليثير جدلا قديما جديدا هو تغيير نص في الدستور الكويتي إلي أن تكون المرجعية في التشريع كاملة للشريعة!. من حيث المبدأ لا اعتراض علي أن يدلي عضو ما في مجلس الأمة الكويتي بما يراه، أكان حقا أو باطلا، فذلك تقديره وحكم زملائه علي ما يعرض، ولكن المشكلة تكمن في قابلية الطرح المتعلق بالشريعة، أيا كانت تفسيراتها، بجلب آخرين من المتعاطفين أو المتخوفين من الاتهام في دينهم، والعياذ بالله، لمسايرة ذلك الاقتراح! وإدخال المجتمع في جزئية يتردد كثيرون من المساس بها لحساسيتها المفرطة.
ولكن بسبب تاريخ من الحريات في الكويت فان بعض القوي السياسية الكويتية، قد ناهضت ذلك التوجه علنا، وفي تقديري لن تتاح لمشروع الاقتراح حتي القبول للنقاش العام في المجلس المنتخب نفسه. ولكن وهي لكن كبيرة القضية ليست هنا، القضية الكبري التي تهم المجتمع الكويتي كما تهم المجتمع العربي وربما المجتمع المسلم، هي ذلك المنحي من استخدام الدين في السياسة بمدخلات مختلفة، وهو منحي عاناه الكثير من المجتمعات العربية علي امتداد قرن من الزمان تقريبا، وسوف تعانيه أيضا في حال تجاهل مظاهره وعدم مناقشتها مناقشة علمية وعقلانية مستنيرة.
الفكرة الأساس التي يروج لها ذلك البعض (المستخدم للدين في السياسة) أن المجتمعات العربية تعاني باثولوجيا اجتماعية، علي رأي المفكر الفرنسي دوركايم، وأن معالجة تلك الأمراض التي أفرزت اضطرابا خطيرا في المجتمعات وأدت الي عذابات اجتماعية كبري، أساسها (غياب تطبيق الشريعة)! تلك المقولة التي قد يستحسنها البعض هي خاطئة من أساسها، فالمشكلات التي تواجه شعوب إسلامية وعربية هي ناتجة من سياسات غير حصيفة اتخذت فترة طويلة أساسها (في نظري علي الأقل) غياب الحريات، وضعف المؤسسات، وما يتفرع من كل ذلك من سلبيات. الواقع ان الدين بمعناه العام و الإنساني، بعيدا عن الاستخدام السلبي، أن وجدنا المصفوفة الفقهية التي تعني بمقاصد الدين (أي دين) وقد استخدمت المصفوفات التفسيرية ذات التوجه السلبي للأديان في عصور مختلفة وفي أديان مختلفة ، لإشاعة الكراهية بين بني البشر، وإشعال الحروب والنزعات. القضية هنا ليست في المبادئ العامة للدين، ولكن في مصفوفة التفسير الديني، او ما نسميه في ثقافتنا الفقه، وهو تفسير للنصوص يقوم به بشر لخدمة مقاصد دنيوية كثير منها ضيق الأفق والفهم! خذ مثلا المصفوفة التي تنتقيها جماعة مثل داعش، هي تنتقي بعض النصوص و تخلعها من سياقها اللفظي والتاريخي، كي تسقطها بعشوائية علي مظاهر اجتماعية سياسية في عصرنا الحاضر، لا يمكن لعاقل أن يدعي أن تلك النصوص غير موجودة، ولكن العقل يحتم القول ان تلك النصوص مجتزأة من سياقها، وتطلق طاقتها التدميرية بغير حسيب أو رقيب علي المجتمع، وتخلف ما نراه من قبح وفساد وقتل واستباحة، لا يصيب المجتمع العربي الإسلامي فقط، بل يتعداه الي مجتمعات أخري تسارع هي إلي التعميم السلبي علي المسلمين جميعا.
في المقابل هناك عشرات القوانين في بلاد عربية كثيرة، أكاد أقول كلها، مستندة علي مبادئ الشريعة الإسلامية الإيجابية والعقلانية والتوائمية، ومن المعروف اليوم لدي المتخصصين ان كثيرا من قواعد النظام الفرنسي القانوني مستمدة من المبادئ المتسامحة لشريعة محمد (صلي الله عليه وسلم)، وفي المقابل أن بلاد المسلمين والعرب ترتفع فيها المآذن وتقام فيها الممارسة الإسلامية باجتهاداتها الجزئية المختلفة، استخدام الدين في السياسة له العديد من المسببات، ربما المح ثلاثة أسباب رئيسية، الأولي هو نقص في إشاعة العدل، وهو عمل إنساني، يمكن ان يمارس حتي في بلاد ترفع شعارات تطبيق الشريعة، والثاني قادم من الجهل ،وهو الأخطر، وهذا الجهل الذي أشيع ويشاع في مدارسنا ووسائلنا الإعلامية، وزاده عمقا وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ،التي تتطاير منها النصائح المضللة والأفكار السلبية القائمة أساسا علي الخرافات و الخزعبلات، أما الأكثر خطورة فهو التكسب السياسي الذي استخدم ومازال يستخدم بعض الشعارات الدينية من أجل الحصول علي مكاسب سياسية، وقد كان ناجحا في بعض فضائنا العربي، ولكنه نجح إلي حين، بوسيلة القمع والإكراه لا الإقناع، أما القائم منه في بعض بلادنا العربية والإسلامية فقد ثبت بالتجربة والقطع فشله وتضليله، ولم يقدم للشعوب التي تسلط عليها الا القمع والفقر!.
ما أردت أن أصل إليه هو أننا بحاجة إلي مصفوفة فقهية تساير العصر، وتقدم حلولا عقلانية للمشكلات التي تواجه شعوبنا وتستجيب إلي المطالب المستجدة، إلا أن أولي الخطوات هي نقد موضوعي وعقلاني للمصفوفة السائدة اليوم من المتشددين، القادمة من إفرازات الصراع في القرن العشرين، قرن مقارعة الاستعمار وهم في نظري ليس من يحمل السلاح ويقطع الرقاب ويقتل الجنود ويروع الامنين، بل هم أيضا الدائرة الاوسع، الذين يُسمون اليوم أنهم أكثرية في (وعاظ الفضائيات والأنترنت) ومستخدمي الشعارات لتضليل الناس! هؤلاء يبدأون بإيهام الناس انهم (لا يعيشون في مجتمع مسلم)!وأن الإسلام هو فهمهُم فقط ولا مساحة لغيرهم، طبعا يجد مثل هؤلاء مستمعين بسبب ضغوط حياتية أو سياسية او هجوم مذهبي من دول وجماعات أخري، كل ذلك لا يعفينا من المطالبة بالمصفوفة العقلانية الفقهية الحديثة، التي توازن بين مطالب الدنيا والدين. لقد قام نفر من المفكرين العرب بمثل تلك المحاولات، إلا أنها كانت فردية ولم تكن مؤسسية، يحضرني العمل المؤسسي الذي تم في الكويت، وكان نتاج مجهودات عربية وإنسانية واسعة، هو الموسوعة الفقهية الموحدة، التي أصدرتها وزارة الأوقاف الكويتية، وهي متاحة علي الشبكة العنكبوتية العالمية، كما هي قد وزعت علي العديد من المكتبات العربية والدولية، لا أقول إنها عمل متكامل ولكن أري أنها أساس لا غني عنه لبناء تلك المصفوفة الحضارية المطلوبة، يري البعض، وأنا أخالفه، أنه بمقدور الشعوب العربية المسلمة أن تستغني عن ذلك التراث ،وتدخل فيما يعرف ب(العلمانية الحديثة) أري ان ذلك دعوة للانفصال عن القواعد الثابتة للثقافة العربية الإسلامية، إلا أن التفكير في مصفوفة حضارية إسلامية تتواءم مع مطالب العصر من جهة، والجهر بمواقف نقدية واضحة لمن يريد التضليل في هذا المقام، عمليتان متكاملتان، ليس مناطا بتنشيطهما الأفراد والنخب فقط ،ولكن الدولة العربية من خلال مؤسسات، لإنقاذ أنفسنا من هذه الحالة المرضية التي تكاد أن تأكل الأخضر واليابس َ
لمزيد من مقالات د. محمد الرميحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.