قنصوة: جامعة الإسكندرية تقدم كل الدعم للفعاليات الثقافية والفنية لخدمة المجتمع    بالأسماء، تنازل 21 مواطنا عن الجنسية المصرية    تخطت ال 17 ألف جنيه، مصروفات المدارس المصرية اليابانية بالعام الجديد    ارتفاع مفاجئ فى سعر جرام الذهب صباح اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024    محافظ قنا يستأنف استقبال المواطنين بمكتبه لبحث شكاواهم    البورصة المصرية، المؤشرات تقفز لمستوى جديد في بداية جلسة اليوم    الجيش الأردني يعلن تكثيف طلعاته الجوية، اعرف السبب    12 مليون دولار مساعدات إنسانية من كوريا الجنوبية للسودان    "البسولهم الجزيري بيخافوا منه"، ميدو يسخر من الأهلي بعد الهزيمة أمام الزمالك    موعد مباراة بوروسيا دورتموند وأتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا والقناة الناقلة    بعد واقعة إمام عاشور، الأهلي يقرر تغليظ عقوبة "السوشيال ميديا"    إبراهيم نور الدين: أنا الحكم رقم 1 في مصر    مصرع شاب دهسا أسفل عجلات قطار في المنيا    مصرع 7 أشخاص وإصابة 13 آخرين فى انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي    برنامج مباشر من مصر يستضيف حفيد عالم المصريات سليم حسن في ذكراه    تعرف على موعد عزاء الفنانة الراحلة شيرين سيف النصر    الرقابة الصحية: اعتماد 350 منشأة طبية في 18 محافظة    الرعاية الصحية: تكنولوجيا التحليل الجيني المستقبل الواعد للتشخيص والعلاج الشخصي خلال 2024    وزارة الصحة تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    الخارجية الأمريكية: العراق يمتلك إمكانيات هائلة لتجديد الطاقة بالشرق الأوسط    الرئيس الصيني يدعو إلى تعزيز التعاون مع ألمانيا    استعدادات طلاب صيدلة قناة السويس للمؤتمر الطلابي السابع    استعدوا لتغيير الساعة.. بدء التوقيت الصيفي في مصر خلال أيام    وزيرا البيئة والإسكان يبحثان مقترحات تشغيل مشروع تطوير موقع التجلي الأعظم    المراكز التكنولوجية تستقبل طلبات التصالح من المواطنين 5 مايو المقبل    أهم ألف مرة.. ماهر همام يعلق على مباراة الأهلي ومازيمبي    أستاذ في الاقتصاد الزراعي: «التموين» تستهدف توريد 3.5 مليون طن قمح هذا العام    التعليم تخاطب المديريات لتنفيذ المراجعات النهائية لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية    الأرصاد: طقس حار نهارًا على القاهرة.. والعظمى 31    تحرير 31 محضرا بمخالفات لمخابز فى السنبلاوين    أمطار غزيرة تضرب دولة خليجية وبيان عاجل لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث    مصرع منجد بالبيلنا سوهاج فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة ولهو الأطفال    اليوم.. الجنايات تستكمل محاكمة متهمين ب"داعش قنا"    ننشر جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل والشهادات في بورسعيد    الصين تؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين    "معلومات الوزراء": الطباعة ثلاثية الأبعاد تقنية صناعية سريعة النمو    فيلم شقو يتصدر الإيرادات بتحقيق 41 مليون جنيه في 6 أيام    رد الدكتور أحمد كريمة على طلب المتهم في قضية "فتاة الشروق    كندا تدين الهجمات الإجرامية للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية    «التحالف الوطني» أرسل 4 آلاف طن مساعدات لغزة في المرحلة ال6    خادم الحرمين وولى العهد يعزيان سلطان عمان فى ضحايا السيول والأمطار    مستشار الرئيس: نهدف إلى حصول كل مواطن على الرعاية الصحية الكاملة    وزارة الصحة تكشف أسباب مقاومة المضادات الحيوية للبكتيريا.. التفاصيل    جدول امتحانات المرحلة الثانوية 2024 الترم الثاني بمحافظة الإسكندرية    حظك اليوم برج القوس الثلاثاء 16-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيس تحرير «الأخبار»: المؤسسات الصحفية القومية تهدف إلى التأثير في شخصية مصر    موعد انتهاء خطة تخفيف أحمال الكهرباء.. متحدث الحكومة يوضح    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    أبرزها عيد العمال.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024    ميدو: إبراهيم نور الدين كان سيجلس في منزله إذا طرد لاعب الأهلي    حسن مصطفى: أخطاء كولر والدفاع وراء خسارة الأهلي أمام الزمالك    "كنت عايز أرتاح وأبعد شوية".. محمد رمضان يكشف سبب غيابه عن دراما رمضان 2024    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بلاك بول الدولية للإسكواش    لماذا رفض الإمام أبو حنيفة صيام الست من شوال؟.. أسرار ينبغي معرفتها    رئيس تحرير «الأخبار»: الصحافة القومية حصن أساسي ودرع للدفاع عن الوطن.. فيديو    خالد الصاوي: مصر ثالث أهم دولة تنتج سينما تشاهد خارج حدودها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام فى منجم السكرى.. إنتاج 155 ألف أوقية العام الماضى

* من أكبر 10 مناجم فى العالم ويقدر احتياطيه ب 15 مليون أوقية
* كريس : الصحراء الشرقية تضم تراكيب جيولوجية وكنوزها لا تنضب
* مطلوب قواعد لتحفيز المستثمرين للاستكشاف والعمل دون مخاطر
* المنجم ينتج 300 إلى 350 كجم أسبوعيا واستخرجنا العام الماضى 551 ألف أوقية
* الراجحى: كل جرام تم بيعه بالخارج عاد ثمنه لمصر و إيداعه فى حساب بنكى بشراكة مع الحكومة
* مراحل العمل تخضع لإشراف الدولة وصولا لصهر وصب الذهب ونقله لتنقيته وبيعه فى البورصة العالمية



«منجم السكري» ذلك الكنز الغامض ، والذي حكت عنه أساطير، ورأيناه في مخيلتنا كجبل يتوهج من بريق الذهب ، ونهل الكثيرون منه علي مر العصور من عهد الفراعنة مرورا بالرومان ثم الإنجليز وتمنينا أن ننهل من خيره ويبدل حياتنا من التقشف للنعيم ، باعتباره ثروة حباها الله للمصريين، ولاسيما مع ترديد البعض أن الملك فاروق أغلقه ليحفظه للأجيال القادمة، وأتت تلك الأجيال ولم تنل حظها من الذهب حتي تلك اللحظة ، بل يطالعوا روايات عديدة عن حجم الذهب الذي يخرج لبيعه بالخارج دون عائد عليهم.
ولذا حرصت تحقيقات الأهرام علي زيارة جبل السكري بالصحراء الشرقية بمنطقة مرسي علم والوقوف علي كثير من الحقائق علي أرض الواقع وكيفية استخراج الذهب بمراحله المتعددة، وحجم الذهب المستخلص، ونصيب الدولة منه ، ومدي رقابتها علي كل العمليات بالموقع ، هذا بالإضافة إلي محاولة الكشف عن خرائط التعدين ومدي إمكانية وجود مناجم نظيرة للسكري بالصحراء الشرقية وسلسلة جبال البحر الأحمر«
وفي بداية زيارتنا لموقع منجم السكري التقينا الجيولولجي عزمي جابر ويعمل منذ ثماني سنوات بالموقع وقبل أن يصطحبنا في جولة بالمنجم السطحي أوضح قائلا: إن إطلاق مسمي السكري علي المنجم يعود للعرب قديما نظرا لتشابه حبيباته بحبيبات السكر ، وبالمنجم أنواع متنوعة من الصخور «وهنا اطلعنا علي مجموعة عينات مصغرة من تلك الصخور، سواء التي تحتوي علي الذهب أو الأخري التي تحيط بالمنجم ولكنها تساعد وتدعم بيئة ترسيب الذهب»، وأوضح لنا أن الذهب يوجد في نوع محدد من خام الجرانيت وتحديدا بمعدن ال«Pyrite» والذي يطلق علية مسمي «الذهب الكاذب» نظرا لاحتوائه علي نسب «توهج» ولكنه يتميز بمجموعة من الخصائص أهلته لترسب معدن الذهب داخله بالإضافة لاحتوائه علي معادن الكبريت ، كما عرض لنا عينة خام الكوارتز وهو من أشهر وأهم الصخور التي يترسب فيها الذهب غالبا ، مع أنه ليس كل عرق كوارتز يشترط احتواؤه علي الذهب،وقد يصل سمك العرق لخمسة أمتار أو ملليمتر وهو العرق الذي استخرج منه القدماء الذهب حتي نضب، ولذا أجرينا العديد من الأبحاث استغرقت فترات طويلة لإثبات وجود المعدن في صخور المنجم ذاته، وواكبها أعمال حفر باستخدام علم الجيوكيميا والذي يربط بين علم الجيولوجيا والكيمياء،بحيث استعنا بهذا العلم لاستخدام المركبات الكيميائية وربطها بنوع الصخر للوقوف علي نوعية بيئة الترسيب سواء قبل ترسب خام الذهب أو بعده ،وهذا مكنا من تحديد مناطق وجود الذهب في جبل السكري .
وقبل التوجه لموقع المنجم السطحي طلب منا ارتداء الرداء الفسفوري وخوذة وحذاء الأمان ونظارة الرؤية وهو الأمر الذي يلتزم به كل العاملين بالموقع ، ،وفي الطريق لمسنا مدي التزام السائق باللافتات الإرشادية رغم عدم وجود من يمنعه سواء بالتوقف أو المرور ولكنهم اعتادوا علي نظم وضوابط دقيقة يعاقب من يخالفها بالفصل ، وهذا أهل الموقع أن يٌدار كسيمفونية عمل متناغمة دون خلل أو قصور،و يعمل الجميع بقناعة أن الدقيقة لها ثمن يعاقب من يهدرها .
وقبل أن نصل للجبل مررنا بمجموعة من الجبال بعضها تنشر علي سطحها خراطيم المياه وأخبرنا جابر أنها إحدي العمليات البدائية لاستخراج الذهب من الصخور التي تم نقلها من المنجم الرئيسي،بحيث تغمر الصخور بالماء المحمل بمواد كيماوية لإذابتها وترسيب الذهب وتجميعه بأنابيب لداخل المصنع.
وفي منطقة التعدين والإنتاج والتي تشهد عمليات نقل الصخور أوضح الجيولوجي عزمي جابر أن جبل السكري بالكامل سيتم نقله وطحنه لاستخراج الذهب من مكوناته ،وبالتوازي نعمل بالمنجم بباطن الأرض أسفل الجبل لأعماق تحددها دراسة الجدوي الاقتصادية بكافة مراحل العمل السبع،انتهينا من ثلاث مراحل عمل ويتم التجهيز للمراحل اللاحقة،وهذا ما يميز منجم السكري عن غيره من المناجم والتي قد تعمل علي حقل واحد من منجم سطحي أو بباطن الأرض،ومنها مناجم يقتصر العمل بها علي الثلاث وينضب منها خام الذهب،ولذا يعد منجم السكري من أكبر عشر مناجم بالعالم ومن المتوقع أن يتقدم ترتيبه ليكون من أكبر أربعة مناجم بالعالم في مراحل العمل اللاحقة . فى عملية الاستخراج ترتكز في الوقت الراهن بجبل السكري غير أن هناك أبحاثاً ودراسات تجري بمواقع أخري داخل نطاق ال160 كم المخصصة لعملنا،،ومنها موقع كوردمان والتي تجري فيها أعمال استكشافية وتقع علي بعد كم من موقع السكري إضافة إلي موقع كوارتز ريدج ، وكذلك منطقة ألفي شير ، وترجع تسمية هذه المناطق بناء علي نوع الصخور بها.
ومن داخل غرفة العمليات وفوق قمة منجم السكري السطحي بارتفاع1000م فوق سطح البحر شاهدنا المنجم السطحي والذي يتكون من مدرجات »مصاطب« ويشبه المسرح الروماني القديم بعمق يقدر ب 150 متراً ، والتقينا المهندس أحمد رزق مهندس تعدين بالمنجم والذي أوضح أن عملهم يعتمد علي خريطة البيانات بالأماكن التي تحوي خامة الذهب ونسبة من قبل القسم الجيولوجي وعلي أساس ذلك نقوم بإعداد تخطيط متكامل علي مدار ال30 عاماً القادمة ، ومنها نعد خططاً بخمس سنوات ثم خطة سنوية فشهرية وأسبوعية ويومية ،،وفي عملنا قمنا بتحديد نسب الذهب في كل منطقة بالمنجم السطحي ، فكل منطقة مساحتها 25 في 20 في 10 أمتار نعلم نسبة الذهب والفاقد بها من الصخور، وهذا مكنا من تحديد حجم الاحتياطي الكلي للذهب والذي يتعدي ال 13 مليونً أوقية ،والتي تستخرج من حجم مهول من ملايين الأطنان من الصخور .فالإنتاج اليومي منها يتعدي 53 ألف طن من الصخور نقوم بنقلها يوميا للمصنع ، ليصل ل 13 مليون طن في العام ، ويبلغ متوسط الذهب في كل طن صخور 1 جرام ذهب، بحيث ننتج في اليوم الواحد ما يقارب من 30 كيلوجرام ذهب بنسب غير متساوية قابلة للزيادة أو الانخفاض ، فنظام العمل وخططه تلزم بحجم عمل ومقدار الخام الواجب نقلة من عام لآخر والتي تزيد بصورة مطردة، فهذا العام من المفترض أن نستخرج 66 مليون طن ،وفي عام 2018 علينا تعدي 72 مليون طن ثم 88 مليون طن ، فالمشكلة الرئيسية بالمنجم انه يضم معدات كثيرة غير أن كمية المتفجرات » النترات« التي تسمح لنا بها الدولة قليلة ، وهي المادة التي تمزج مع المواد الكيماوية المستخدمة في تفجير الصخور بحيث لا يصرف لنا سوي 40 طن نترات في اليوم وهي كمية لا تكفي تشغيل المعدات بالمنجم ، والتي تصل قدراتها لأنتاج 240 ألف طن في اليوم،،ولكننا نقلصها ل180 ألف طن فقط، ونتوقع خلال السنوات القادمة آن نحصل علي التراخيص وزيادة إنتاجنا ولاسيما أننا بصدد استقبال معدات جديدة لنستطيع تحقيق أعلي معدل إنتاج بالمنجم. وعن سبب العمل بالمنجم السطحي علي شكل مدرجات أضاف موضحا أن العمل بهيكل المدرجات لزيادة الأمان للعمل بالمنجم تجنبا لأي انهيارات أو تصدع بأحد أركان الجبل ، ولاسيما أن كل جزء بالجبل له تعامل يختلف عن الأجزاء الأخري بما يتلاءم مع نوع التربة والصخور به ، وبناء عليه نحدد حجم ومساحة المدرج بها. والذي ترصد تحركاته الأرضية أجهزة دقيقة لتلافي أي مخاطر من انهياره ولاسيما مع ازدياد عمق المنجم السطحي والذي نتوقع أن يصل لكيلومتر .
وانتهت جولتنا بالمنجم السطحي وتوجهنا نحو موقع العمل بالمنجم بباطن الأرض والتقينا بالمهندس أيمن سليمان مهندس إنتاج بقسم التعدين تحت الأرض وأبدينا رغبتنا في زيارة المنجم بباطن الأرض وهو الأمر الذي رحب به سليمان والقي علينا محاضرة اطلعنا من خلالها علي مجموعة من التعليمات قبل الدخول بأنفاق المنجم ،وذلك تطبيقا لأسس السلامة المهنية التي تنفذ بالمنجم بكل دقة وتمكن أي شخص من الخروج بمفرده من المنجم في أي حالة طوارئ وانفصاله عن المرشد المصاحب له. وحفاظا علي أرواح العاملين أو أي شخص يدخل المنجم لا يسمح لأحد بالنزول داخله قبل حصوله علي كارت تعريف باسمه ووظيفته ووضعه في لوحة ببوابة المنجم ، وفي مخالفة احد العاملين لذلك يتم فصله،وذلك حفاظا علي الأرواح وعدم إجراء عمليات تفجير بالتزامن مع وجود أي شخص بموقع العمل.
وقبل النزول أيضا أعطي كل شخص بفريق الأهرام جهازا للتنفس نحمله معنا «رغم وجود إمكانات تهوية عالية بالمنجم » ولكنه يحمل للتعامل الفوري في حالة الطوارئ بحدوث حريق أو خلل بالتهوية بحيث تساعد علي التنفس منها لمدة 30 دقيقة وهي فترة كافية للخروج من أعمق نقطة بالمنجم سيرا علي الأقدام هذا بالإضافة إلي كشاف فوق الخوذة واطلعنا علي لغة الإشارة بإضاءة داخل المنجم للتعامل داخل المنجم . وبعد تلك التجهيزات اصطحبنا بالسيارة ودخلنا من مدخل المنجم المؤدي لنفق كبير ومظلم تماما مكسو بالاسمنت وتعلوها أنبوبة كبيرة تحمل الهواء لداخل أعماق المنجم ، ومن هذا النفق هناك أنفاق فرعية علي الجانبين ، مررنا ببعضها ، غير أن السير بالأنفاق يتطلب حذرا ووعيا شديدا والتزاما بالضوابط ، والتي تعتبر قوانين بالنسبة للعاملين بالمنجم ، التجاوز عنها غير معترف به لديهم ولاسيما أن الخطأ يمثل فقدا للأرواح، فالقاعدة العليا للعمل بالمنجم هي السلامة أولا.
وفي احد الأنفاق لمحنا كبينة استوضحنا عنها من المهندس أيمن والذي قال ان هذه غرف للإعاشة يوجد منها 6 غرف بالأنفاق وهي عبارة عن كبينة مصفحة للطوارئ تضم كل وسائل المعيشة وتجديد هواء وكتيبا لطريقة التعامل بداخلها مياه للشرب وطعام يكفي لأربعة أيام وجهاز راديو للتواصل مع الخارج وطلب العون، هذا بالإضافة إلي وجود لافتات إرشادية توجه لنفق الهروب في حال الطوارئ.وأثناء سيرنا بالإنفاق مرت بنا سيارات نقل تحمل الخام متوجهة للمصنع ورغم ضيق الأنفاق إلا أن المتعارف عليه أن المعدات الثقيلة لها الأولوية في المرور مما كان يضطر السائق إلى الدخول بأنفاق جانبية لإفساح المجال لها .
ثم وقفنا بأحد الأنفاق التي يستخرج منها معدن الذهب علي عمق 350 م بباطن الأرض والتي تغطي رائحة الكبريت المكان شبيه بأجواء حمام موسي في جنوب سيناء وأشار موضحا إلى أن المنجم المفتوح نحن نقبع أسفله تماما والذي يرتكز في العمل بجسم الجبل والذي يصل فيه الخام لأعماق معينة لا يمكن يتعداها ،وخاصة أن زيادة التعميق تستوجب عليه زيادة الاتساع ،،وهو ما أدي إلي تفكير خبراء التعدين بحفر أنفاق تحت الأرض للوصول للاماكن التي لا يمكن للمنجم المفتوح شقها، والتي ترتبط في كل الأحوال بمعدل إنتاج الذهب في الطن ولاسيما مع التكلفة المرتفعة التي تتطلبها إقامة الأنفاق علي الأعماق البعيدة، فنحن حاليا نعمل علي عمق يتعدي ال350 مترا ولو أن نسبة إنتاج الذهب اقل من 3 جرامات في الطن يكون العمل غير اقتصادي.
أما عن طريقة التعدين بالمنجم الأرضي فقال نتحكم بمسار العمل بحيث نتوجه لموطن الخام بناء علي عينات ودراسات وتخطيط مسبق ، وينقسم التعدين إلي جزءين والبداية بتفجير الصخر وينقل للخارج وتدخل المعدات تدعيما للمكان لتأهيله للعمل به وتستمر هذه الطريقة للتقدم والتعميق أيضا ، أما النفق العرضي فيتم العمل فيه بمعدات تعمل بالريموت يتم قيادتها عن بعد يتابعها من خلال شاشات واقتربنا من الصخور والتي تناظر الجرانيت الذي نستخدمه في المنازل ولا يمكن تمييزها عنها إلا من قبل الخبراء وحاولنا أن نري ملمح الذهب بها ولم نر شيئا وهنا قال المهندس أيمن إن الذهب موجود بالصخر كالسكر المذاب في الشاي.
وبعد انتهاء زيارة المنجم الأرضي التقينا الخبير الأجنبي مدير قسم التعدين تحت الأرض المهندس كريس برهام وأحد أبرز خبراء التعدين الاستراليين ويعمل بمنجم السكري منذ 7 سنوات،وعن مقارنته للمنجم بالنسبة لمناجم الذهب في استراليا أوضح أن لديهم مناجم نظيرة للسكري ولكن الاختلاف هو في كيفية تعامل الحكومة مع المستثمرين والمنوط بهم التعدين واستخراج الذهب من هذه المناجم ،فمستوي تدخل الحكومة المصرية بالمنجم اكبر وتسيطر لحد كبير علي العمل به عما تتبعه الحكومة باستراليا والتي تمنح القائمين علي المناجم حرية حركة واسعة، أما في السكري فيلزم قبل اتخاذ أي خطوة أن تكون بإشراف الحكومة المصرية عليها ،فالمعدات التي نحتاجها لابد أن تعتمد دخولها،،وأي إجراء بالمنجم لا يمكن تنفيذه إلا بعد اطلاع الحكومة عليه وموافقتها عليه. وعن مستقبل التعدين في مصر وحجم موارده من واقع خبرته أوضح كريس قائلا إن الجزء المتعلق بالصحراء الشرقية يضم تراكيب جيولوجية مذهلة ، وقديما كان بها مئات المناجم الفرعونية، وكنوزها لا تنضب ولابد من الكشف بمواقع كثيرة منتشرة علي سلاسل جبال البحر الأحمر و بالصحراء الشرقية، وأن تضع الحكومة للمستثمرين شروطا وقواعد جذابة تحفزهم علي أعمال الاستكشاف، وهذا سيشجع المستثمر علي العمل في مجال التعدين دون مخاطرة علي أمواله ،ولاسيما أن العمل بالتعدين رغم انه يحقق ربحا مرتفعا الا انه يحتاج لمبالغ ضخمة في بداية الأعمال ،بمراحل الاستكشاف والدراسة ، وليس هناك مجال للفشل في الاستثمار بالتعدين، بل يحتاج الثقة من تحقيق الربح والتي لن ترسخ إلا بتوافر عوامل جاذبة ومطمئنة للمستثمر، وفي النهاية ستعود ثمارها لمصر والتنمية التي تستهدفها. وانتهت جولتنا بالمنجم الأرضي .
وتوجهنا إلي مصنع استخراج الذهب والذي يتلقي كل الخام من جبل ومنجم السكري علي السواء ويمر بمراحل عديدة حتي نصل في النهاية لبودرة لكيكة الذهب والتي تدخل بعدها لمرحلة الصهر ثم صب السبائك، وبالمصنع التقينا المهندس محمد الحديدي نائب مدير تشغيل المصنع وأوضح لنا أن العمل يبدأ بكسارة الخام من حجم متر إلي 35 ملم ثم يدخل لمرحلة الطحن لحجم 150 مايكرو بحجم ذرة الرمل ، ليدخل بمرحلة التعويم حيث يتم فيها استخلاص وتركيز الذهب بنسبة 95% ليصل حجمه ل 7 مايكرو ويكون عبارة عن سائل اسود لاختلاطه بالكربون النشط، يدخل بمرحلة استخلاصه بالكيماويات،حيث يقوم الكربون بامتصاص الذهب وبعدها ،ندخله مرحلة الخلايا الكهربائية ،ويتم ترسيب الذهب ثم يغسل،وبعدها يوجه إلي غرفة صهر وصب الذهب وهي المرحلة الوحيدة التي يري فيها خام الذهب بصورة ملموسة . وتتم عملية الصهر للذهب أسبوعيا داخل حجرة مصفحة ومؤمنه تماما لا يدخلها إلا فنيو الصهر والصب فقط ، بمراقبة كاميرات موزعة بالمكان من الداخل والخارج ،ويتراوح حجم إنتاج الذهب بالأسبوع بين 300 و 350 كجم. وعن حجم إنتاج الذهب قال: علي سبيل المثال بالعام الماضي أنتجنا 551 ألف أوقيه ذهب نتجت من طحن ما يزيد علي 5,5 مليون طن صخر، ونستهدف هذا العام طحن 11,7 مليون طن صخر، ، فنحن نستخرج من طن الخام مابين جرام وجرام ونصف ،وهذا يعود لاستخدامنا تكنولوجيا متطورة في التعدين ولم تكن متوفرة من قبل وهذا سبب غلق المنجم بالخمسينات وحيث كانت تكلفة الإنتاج باهظة والعائد منها غير اقتصادي ، ولاسيما أن نوع الذهب في الخام غير مرئي، فالذهب في العالم له أنواع عديدة منها إل 3GOOLD أي المرئي وهو غير موجود بكثرة في العالم، وهناك نوع ذهب مصاحب لخام أخر كالذي نعمل عليه بمنجم السكري ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة لأنه مذاب مع عنصر آخر ولا يكشف عنه إلا بتحليل عيناته. وبعد انتهاء الجولة توجهنا إلي مطعم المنجم والذي يقدم الوجبات لكل العاملين بالمنجم بنظام البوفيه المفتوح وهناك التقينا بعض العمال ومنهم عماد وليم من الإسكندرية ويعمل في مجال السلامة بقسم الطوارئ والذي أوضح ان مهمته هي التعامل مع الحوادث الطارئة بالموقع من حرائق أو حوادث تتعرض لها سيارات بالإضافة إلي الإنقاذ بالحبال .
أما عرفة محمد رمضان، مشرف حفر وتفجير بالموقع فقد أوضح أن مهمته تبدأ بعد تحديد نسبة الذهب في الخام نتسلم الموقع ونتولي تخطيط موقع الآبار ثم نقوم بحقنها بالمواد المتفجرة حتي تبدأ عملية التعدين والمراحل التالية لاستخلاص الذهب. وعن مخاطر العمل بالمنجم، أكد أن الالتزام بالضوابط وعوامل الأمان بالمنجم تقلص وتقضي علي المخاطر نهائيا، فعلي سبيل المثال لا يسمح للعمال بالتوجه لموقع العمل بدون خوذة ولا سيما أن المكان مفتوح من جبال وصخور ومن الوارد أن يتصدع جزء منها.
ومن ناحية أخرى، أوضح المهندس يوسف الراجحي رئيس مجلس إدارة الشركة الحاصلة علي حق استخراج الذهب من جبل السكري، وجه الشبه بين منجم السكري حاليا والقديم هو الاسم ، فمنجم السكري شأنه شأن مناجم أخري عديدة ،عمل فيه قدماء المصريين ومن بعده الرومان ثم الانجليز وتلاهم شركة مصرية ، غير أن الفارق أن المنجم القديم كان به عرق الكوارتز يحتوي علي الذهب، والقدماء قاموا باستخراجه بأدوات بدائية، والرومان ساروا علي ذات الدرب وكذلك الانجليز حتي انتهي منه الخام ، ولذا أغلق منجم السكري ونقلت ماكينة الطحن لمدينة مرسي علم خاصة أن في اخر فترة العمل به كان يعتمد علي خام المناجم المجاورة له ، وهذا أمر أكده ودونه العالم الجيولوجي دكتور سميح عافية في احد كتبه،وذلك يكذب ما يردده البعض «أن الملك فاروق أغلق منجم السكري فور اكتشافه حفاظا علي الثروات للأجيال القادمة» وهو أمر غير صحيح ، فالمنجم أغلق بعد أن توقف إنتاجه ولاسيما أن العمل به كان يعتمد علي عرق الكوارتز ، والذي أثبتت الدراسات انه لم يعد اقتصاديا ،،ولذا عملنا بفكر جديد يعتمد علي وجود الذهب بحجارة المنجم ذاته، وعكفنا علي دراسة مكونات الجبل كله، ووجدنا بالفعل أن معدن الذهب منتشر في حجارة المنجم بجبل السكري،،ومن نتائج الحفر اكتشفنا انه كلما ازددنا في عمق الحفر بباطن الأرض ازداد تركيز الخامة أكثر ، ولذا نحن نعمل علي محورين بالمنجم جزء منه سطحي واخر بباطن الأرض.
وأردف قائلا، أن العمل بالمنجم يسير في إطار منظومة متكاملة ،والتي بدأت بناء علي اتفاقية مع الحكومة المصرية نص عليها بقانون رقم 222 لسنة 1994، وعملنا منذ ذلك التاريخ وحتي 2001 وصولا لإعداد دراسة الجدوي للمشروع دون أن يشعر احد بكم الجهد، الذي بذل خلال سبع سنوات من أعمال سواء لإعداد دراسات جيولوجية أو خرائط وتحليل عينات وإعداد برامج للحفر للوقوف علي حجم الاحتياطي من الذهب بالمنجم ، فلكي نتمكن من الجزم بوجود مشروع حقيقي قمنا بحفر ما يجاوز 850 ألف متر حفر ، و900 ألف عينة ،أرسلت جميعا لتحليلها بالخارج ، كل هذه المعلومات، تم ضمها بدارسة الجدوي بتكلفة تقدر ب350 مليون دولار ،،ومن خلالها تمكنا من تقدير حجم الذهب ومدي اقتصاديته من عدمه، ،وقد قدمنا دراسة الجدوي عام 2001 متضمنة خطة العمل ،بالإضافة ل10 مشاريع نظيرة لمشروع السكري بالمنطقة، حيث أن الاتفاقية كانت تشمل ثلاث مناطق للبحث بمساحة 5400 كم ،ونصت الاتفاقية علي أن نتنازل كل عامين من مدة البحث المقررة بسبع سنوات 25 % من مساحة الأرض بحيث حصلنا على 160 كم كأقل مساحة يمكن إقامة مشروع منجم فوقها سلسلة بعد مفاوضات ، مع وعد بالحصول علي باقي المساحة للعمل بال 10 مشاريع المقدمة مع دراسة الجدوي ، غير أن هذه الأراضي قامت الهيئة فيما بعد بطرحها في مزايدتين عامى 2007 و2009 وأخذتها شركات أخري مغمورة في عالم التعدين و للأسف الشديد لم تعمل حتي هذه اللحظة .
رغم انه وفق قانون الاتفاق مع هذه الشركات سنوات البحث والاستكشاف المقررة أربع سنوات انتهت بالفعل دون أن يحققوا أي ناتج ملموس والمفترض أن تسحب منهم هذه المشروعات ويغادروا، ولا نعلم علي أي أساس يستمر التعاقد معهم. وعن نصيب الدولة من الذهب المستخرج بمنجم السكري، أوضح الراجحي انه بناء علي نص الاتفاقية مصر لم تنفق دولارا علي العمل بالمنجم والشركة تتحمل كل نفقات البحث والدراسة وخططها وتجهيز المصنع والمعدات من الألف للياء حتي بدأ الإنتاج الفعلي ، وحينها يتم استرداد إجمالي النفقات السابقة ،،ومع كل إنتاج يتم دفع 3% من صافي البيع بمسمي »إتاوة« وفق نص القانون » للحكومة، وبعد استرداد الشركة لنفقاتها بالمشروع ، بالإضافة لمصروفات التشغيل والإتاوة يتم اقتسام العائد بالتساوي بين الدولة والشركة، بحيث تتحصل الدولة علي ما يزيد علي 60%من الذهب المستخرج من منجم السكري ، ولابد ألا نغفل أيضا أن الشركة تتعامل مع أكثر من ما يزيد علي 1000 مورد و20 شركة مقاولات مصري ويعمل فيها ما يزيد عن 1500عامل بصورة مباشرة و4500 آخرون بطريق غير مباشر ، وعن إشراف ورقابة الدولة علي الإنتاج بالمشروع، أكد أن المشروع يخضع للإشراف الكامل من الدولة من قبل ممثلين للحكومة يشرفون علي كل المراحل ويراقبون عملية صهر وصب وسفر الذهب ويدون كل ذلك بمحاضر رسمية. وعن توقيت حصول الدولة علي نصيبها من الذهب المستخرج من منجم السكري أضاف قائلا: تكلفة إنفاق إنشاء المشروع بالكامل من منشآت وبحوث ودراسات وتحاليل تعدت ال 1,1 مليار دولار ولم نبدأ في الإنتاج الفعلي إلا منذ عام 2010 وقد اقتربت من السداد، فقد بلغت قيمة الذهب الذي بيع من السكري حتي الآن 3 مليارات دولار في حين أن مصاريف التشغيل للإنتاج تعادل 1,5مليار ،فكل جرام ذهب تم بيعه بالخارج عاد ثمنه لمصر وتم إيداعه في حساب بنكي بشركة السكري وهي المشتركة مع الحكومة، وهذه المبالغ دخلت في الناتج القومي للبلد خلال ال6 سنوات الماضية وانفق 80% منها بالدولة، فإلي جانب تحصيل الدولة نسبة الإتاوة من بداية الإنتاج، يتم تحويل مبلغ تحت حساب الأرباح منذ يوليو الماضي كل أسبوع لحين إجراء التسوية النهائية مع الدولة واسترداد كل النفقات وبعدها سيتم تقسيم ناتج المنجم بالتساوي فقد حصلت الدولة بصورة مباشرة من ناتج الذهب 148 مليون دولار كإتاوة وتحت حساب الأرباح بالإضافة ل350 مليون جنيه ضرائب من تاريخ الإنتاج ب2010.
وعن تقييم منجم السكري بين مناجم العالم و متوسط إنتاجه أكد أن السكري يعد من اكبر 10 مناجم في العالم ويقدر احتياطي الذهب به ب 15 مليون أوقيه ذهب في باطن الأرض ومن المتوقع أن تصل مدة استخراج المعدن منه لأكثر من 30 عاما بأعماق قد تزيد علي 3 كم في باطن الأرض. أما عن نسبة نقاء ذهب منجم السكري مقارنة بالمناجم بالدول الأخري، أوضح أن كل منجم يستخرج منه الذهب بنسبة نقاء معينة ، وتتراوح نسبة ذهب السكري بين 90و 92%،وتتم تنقيته في كندا حيث لديها مقياس معتمد عالميا في تنقية وختم الذهب ليصل نقاؤه 9999% ، لبيعه في البورصة العالمية وثمنها يعود لمصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.